بيانات

تقاعس السلطات يقود إلى كارثة بسبب التعدين بنهر النيل .. من يوقف نهب ذهب السودان؟

على مر التاريخ، اشتهر السودان بإحتياطياته من الذهب وتطور بنشاط صناعة تعدين الذهب من حيث إنتاج الذهب، احتلت بلادنا المرتبة الثالثة في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا وغانا وبعد إنفصال جنوب السودان بحقوله النفطية أصبح الذهب حجر الأساس لإقتصاد السودان.
تراجع
ومع ذلك كشفت مصادر بحسب أرقام متداولة أنه مؤخراً شهد إنتاج الذهب إنخفاضاً حاداً في السودان مقارنة بـ 30 طناً من الذهب المستخرج في النصف الأول من عام 2021 ، تم استخراج ما يقرب نصف الكمية فقط في نفس الفترة من عام 2022. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت أرباح صادرات الذهب في الربع الثالث من عام 2022 من 563 مليون دولار أمريكي إلى 300 مليون دولار أمريكي مقارنة بالربع الثالث من عام 2021.
في الوقت نفسه، يتزايد حجم تهريب الذهب بسرعة، ووفقا لخبراء فإن حصة السوق السوداء للذهب قد تعادل حصة السوق الرسمية من حيث الحجم، ويبلغ عجز ميزانية الدولة في أول ثلاث أرباع من عام 2022.، 3.5 مليار دولار، مقارنة بـ 2.4 مليار دولار لنفس الفترة من العام الماضي.
وبينما يطرح تساؤل ملح عن هل بدأت إحتياطات الذهب من النفاذ؟ الجواب سيكون لا بحسب ماهو معلوم من نتائج المسوحات والإحتياطيات، وفي ذات الوقت عمل التعدين مستمر على قدم وساق إذن ما هي المشكلة يعود السؤال حائراً ؟ بينما يرجح مختصون بأن أن اصل المشكلة متعلق بشيء آخر.
تقارير مقلقة
التقارير المقلقة من سكان مختلف الولايات السودانية ساعدت على فهم الوضع حول الانتهاكات البيئية أثناء الاستخراج غير القانوني للذهب من مخلفات التعدين”الكرتة” وخصوصاً في ولاية نهر النيل في أسواق أبوحمد والعبيدية وودرملي، بعد استخراج الذهب الخام بواسطة “المطاحن”، لا يتم نقل معظم المخلفات إلى المصانع المتخصصة لمعالجتها والتخلص منها بصورة صديقة للبيئة، ولكن مايتم هو إستخلاص الذهب بطريقة بدائية في هذه الأسواق بشكل غير قانوني بواسطة السيانيد والأحماض والمواد السامة الأخرى والمحظورة.
انتهاكات
حسب مواطنون وشهود عيان فإن هنالك أشخاص مجهولون مسؤولون عن هذه الممارسات الضارة في التعدين وهم ينتهكون جميع المعايير ولا يدفعون أي مستحقات لخزينة الدولة كذلك لا يتم نقل النفايات السامة ولا التخلص منها بصورة صحيحة، حيث يقوم الذين يعملون في هذه الطواحين ببعثرة البراميل التي تحمل النفايات السامة في كل مكان، ويتم تصريف النفايات في التربة، مما يتسبب في أضرار جسيمة للبيئة ويخلق تهديدات خطيرة لحياة السكان وصحتهم، وقد ظهرت بالفعل هذه التهديدات كحالات مرضية لم تكن معروفة سابقاً بين سكان المناطق القريبة من أسواق الذهب في الولاية
وبالإضافة إلى مخاطر وقوع كوارث بيئية وشيكة في الولاية، تبرز قضية أخرى وهي ضياع مئات الملايين من الدولارات كضرائب على الذهب المستخرج بشكل غير قانوني لاتذهب لخزينة الدولة ، بينما المصانع التي حصلت على تراخيص وتلتزم بجميع متطلبات التشريعات الضريبية واللوائح الفنية مهددة بالإفلاس، الأمر الذي قد يحرم الدولة وولاية نهر النيل في المستقبل من مساهمات أكبر دافعي الضرائب، فضلاً عن تفاقم الوضع في قطاع التصنيع بشكل خطير.
تجاهل
وقد دعا المواطنون السلطات منذ فترة طويلة إلى وقف هذا النشاط غير القانوني والخطير وتنظيم التخلص من مخلفات التعدين “الكرتة” بطرق قانونية.
واستمرت المناشدات والمزيد من الشكاوى، وقد حصلت العديد من الإعتصامات والإضرابات، ولكن السلطات لا تستجيب.
واعتبر مراقبون أن كل هذا قد يشير إلى أن مقربين من وزارة الثروة المعدنية ، والشركة السودانية للموارد المعدنية وسلطات الولاية وراء هذه الانتهاكات حيث لا يمكن لعمال التعدين الذين يحملون ترخيصاً التصرف علانية “في وضح النهار” دون علم السلطات.
وتنتشر الشائعات بأن هنالك من يتلقون “عمولات ورشاوى” من هذه الأنشطة غير القانونية والضارة بخزينة الدولة وبصحة المجتمع .
مخالفات وضح النهار
وكشف بعضهم بأنه تم تأكيد علم السلطات بما يحدث من خلال حقائق أخرى معروفة للسكان المحليين على سبيل المثال في الطريق من البودي إلى ودرملي، أمام مدينة عطبرة وليس بعيداً عن مدينة بربر، يومياً تنقل قوافل تصل إلى خمسين شاحنة بشكل غير قانوني “الكرتة” من الأسواق إلى منطقة محمية عسكرياً حيث يتم نقل المخلفات السامة على الطريق العام وفي هذا مخالفة واضحة لجميع معايير السلامة حيث يجعل القيادة على هذه الطرق خطيرة للغاية على الصحة.
كما هو الحال في معالجة الكرتة مباشرة في الأسواق، كذلك هو الحال في تلك المنطقة المحمية يتم معالجة الكرتة في انتهاك لمتطلبات السلامة والمعايير القانونية، دون دفع الضرائب، ويتم استخراج الذهب بشكل غير قانوني، ومن ثم يتم تهريبه ويتم توريد الأموال المستلمة إلى حسابات أجنبية لأشخاص محددين وليس لخزينة الدولة .
في الوقت الذي يملأ به عمال مناجم الذهب و”داعميهم” جيوبهم بالذهب والمال، يظل المواطن خارج هذه المعادلة ويفقدون أثمن شيء لديهم وهو صحتهم وقد تم بالفعل تدمير البيئة في المناطق السكانية بشكل لا يمكن إصلاحه حيث تسممت التربة والمياه وحتى الإقتصاد أيضا تضرر بشكل كبير ولا يمكن معالجة هذه الأضرار الفادحة ويشير خبراء الى أن هذه الأموال المسروقة في هذه الفترة العصيبة كان يمكن أن تصرف على الرعاية المجتمعية كإعادة بناء المنازل المتضررة من السيول والفياضانات، وبناء السدود للسيطرة على الفيضانات مستقبلاً، وتنشيط الزراعة واستصلاح الأراضي وغيره الكثير.
وأضافوا أن الحقائق المذكورة تشهد ليس فقط على حجم الكارثة البيئية، وإنما أيضا الكارثة الاقتصادية التي تعصف اليوم بولاية نهر النيل وتساءلوا لماذا لا تتحرك السلطات ؟ و من سيوقف هذه الكارثة؟ و نهب الذهب في السودان؟!.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى