مقالات

اثر شبكة الإنترنت على الخصوصية بقلم:المهندس اسماعيل بابكر

إن الحق في الخصوصية عميق الجذور من الوجهة التاريخية وقد جاء القران الكريم صريحا في حماية السرية وفي حماية المساكن من الدخول دون إذن وفي منع أنشطة التجسس قال تعالي ( يا ايها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على اهلها )27 سورة النور وقال (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا) الآية 12من سورة الحجرات ومع تزايد التقنيات الحديثة وكثرة الابتكارات التكنولوجية زادت المخاطر على حق الإنسان في الخصوصية فأصبح الفرد منا مقيدا تنقلاته ترصد أعماله وحركاته تجمع البيانات الشخصية حوله وتخزن وتعالج بواسطة الوسائل المعلوماتية كتقنيات المراقبة المتحركة ورقابة البريد والاتصالات وقواعد البيانات وغيرها وهي جميعها تؤلف تهديدا مباشرا وجديدا على الحياة الخاصة وللحريات الفردية خاصة بصورتها المستحدثة والمتمثلة في بنوك المعلومات لا سيما إذا استغلت المعلومات والبيانات المجمعة لغايات وأغراض مختلفة بدون رضا أصحابها الذين قد لا يكونون أصلا على علم بوجودهاوشبكة الإنترنت ليست بمنأى عن هذا الإمكانيات ،سيما وأن كل اتصال بها يمكن أن يترك أثرا ما حتى ولو لم يدرك مستخدم الشبكة ذلك ففيها تتدفق المعلومات والاتصالات عبر الحدود دون أي اعتبار لحدود جغرافية أو سياسية ودونما احترام لسيادة فالأفراد يعطون معلوماتهم لجهات مختلفة قد تكون داخلية وقد تكون خارجية وربما جهات ليس لها مكان معروف وهو ما يثير مخاطر إساءة استخدام هذه البيانات خاصة في دول لا تتوفر فيها مستويات الحماية القانونية للبيانات الشخصية فالشخص منا وهو بصدد استخدام شبكـة الإنترنت يتوقع قدرا من الخفية في نشاطه أكثر مما يتوقع في العالم المادي الواقعي لكن الحقيقة هي عكس ذلك ففي هذا العالم الرقمي يترك المستخدم آثار ودلالات كثيرة تتصل به على شكل سجلات رقمية حول الموقع الذي زاره والوقت الذي قضاه على الشبكة والأمور التي بحث عنها والمواد التي قام بتنزيلها والوسائل التي أرسلها والخدمات والبضائع التي قام بطلبها وشرائها أنها سجلات تتضمن تفاصيل دقيقه عن شخصية وحياة وهوايات وميول المستخدم على الشبكة وهي سجلات مؤتمتة ذات محتوى شخصي يتصل بالفرد والتصفح والتجول عبر صفحات الويب يترك لدى الموقع المزار كمية واسعة من المعلومات فبمجرد الدخول إلى صفحة الموقع فان معلومات معينه تتوفر عن المتصفح وهي ما يعرف بمعلومات راس الصفحة وهي التي يزودها الحاسوب المستخدم للحاسوب الخادم الذي يستضيف مواقع الإنترنت وهذه المعلومات قد تتضمن عنوان بروتوكول الإنترنت العائد لك ومن خلاله يمكن تحديد اسم النطاق وتبعا له تحديد اسم الشركة أو الجهة التي قامت بتسجيل النطاق.وأيضا تبعاً لتشغيل المستخدم أوامر خاصة حول إدارة التعامل مع الشبكة قد تظهر معلومات حول الوقت الذي تم قضاؤه في كل صفحة وبيان المعلومات التي أرسلت واستقبلت وهذه المعلومات وإن كانت لازمة لإجراء عملية الربط بالإنترنت والتصفح إلا أنها قد تشكل تهديدا لكيان الإنسان وخصوصيته أضف إلى ذلك ما تقوم به مواقع النشاط التجاري والتجارة الإلكترونية على شبكة الإنترنت حيث تطلب من المستخدم تعبئة نموذج خاص يحوى في جنباته الاستفسار عن بعض المعلومات المختلفة سواء أكان في معرض الاشتراك بخدمات معينة أو التسجيل أو الانضمام لمجموعات النقاش أو حتى لإجراء تعليق أو إرسال رسالة وتتضمن مادة هذه المعلومات اسم المستخدم وعنوانها العمل والمنزل وأرقام الهاتف وعنوان البريد الالكتروني ومعلومات حول السن والجنس والحالة الاجتماعية ومكان الإقامة والدخل الشهري أو السنوي أحيانا اهتمامات الشخص و أما مواقع البيع والشراء على الانترنت والمواقع التي يتم فيها إجراء عمليات دفع فإنها تتطلب رقم بطاقة الاعتماد ونوعها وتاريخ انتهائها ومن جهة أخرى أوجدت شبكة الإنترنت برامج متطورة تسمي كوكيز تستخدم لهدف تتبع المعلومات الشخصية للمشتركين فهي تنتقل إلى نظام المستخدم بمجرد دخوله الموقع وتتمكن مـن تسجيل بيانات تخصه ومع أن هذه الأخيرة وسيله أتبعت ابتداء لغرض غير جرمي وهو إرسال بريد إلكتروني من الشركات التجارية بهدف الدعاية إلا أن ذلك لا يمنع من أنها وسيلة تمثل كشفا عن بيانات قد لا يرغب الكشف عنها فهذه التقنية ونتيجة لتطوراتها اللاحقة أصبحت من الوسائل الناجحة في تتبع الأشخاص وكشف حياتهم واستخدمت لبناء الدراسات المتعلقة بالتسويق وملاحقة الزبائن ومضايقتهم مما أثار التساؤل حول مدى مشروعيتها ومدى مساسها بحرية الأفراد؟ إن رسائل الكوكيز وبعيدا عن فوائدها مثلت وسيلة مهمة لملاحقة واقتفاء اثر المستخدمين وجمع المعلومات عنهم وتحليلها. ولم تكن هذه المعلومات بعيدة عن الاستغلال في أغراض غير مشروعة أو على الأقل لا علم لصاحبها بها ولم تتح له خيارات هذه الاستخدام أو رفضه . أما محركات البحث والتي تمثل الوسيلة الأهم من بين وسائل الوصول المباشر للمعلومات المطلوبة وتقوم هذه المحركات بعمليات جمع وتبويب وتحليل بيانات الاستخدام على نحو واسع مستخدمة أما وسيلة الكوكيز او غيرها من حزم النبضات أما الوسيلة الأخطر فهي ما تعرف بـ(برمجيات التتبع والالتقاط) وهي وسيلة تتبع لجمع أكثر قدر ممكن من المعلومات السرية والخاصة عن طريق ما يعرف بأنظمة جمع المعلومات مهما تكن الطريقة التي تجمع المعلومات بواسطتها فإنه يمكن الجزم بأن استخدام شبكة الإنترنت ولو لفترة قصيرة قد يؤدي إلى تجميع معلومات و بيانات شخصية متعددة عن المستخدم التي قد تستغل كلها أو جزء منها في تكوين صورة جانبية عن مستخدمي الشبكة ، وبالتالي فإنها تستغل في مراقبتهم.مما سبق يتبن لنا أن هناك تحديات جديدة أوجدتها شبكة الإنترنت في مواجهة خطط حماية الخصوصية أو الحياة الخاصة.فهي زادت من كمية البيانات المجمعة والمعالجة والمنشاة ،و أتاحت عولمة المعلومات والاتصالات وبالتالي فقدان المركزية وآليات السيطرة والتحكم أن تهديد التطور التكنولوجي أو المعلوماتي للأفراد في حياتهم الخاصة أصبح أمرا مدركا ومعروفا ، حيث استطاع التغلب على عوائق المسافة والظلام والموانع المادية وتجاوز عقبة الزمن وبالتالي أصبحت مسألة الحماية القانونية إلى جانب الحماية التقنية – للبيانات الشخصية من العوامل الرئيسية والهامة.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى