أعمدة

الإمارات دولة التسامح والتعايش في عيدها الوطني بروفيسور صلاح محمد إبراهيم

في كل عام لا ينسى الكثير من السودانيين الذين عاشوا وعملوا في دولة الإمارات في ظل حفاوة وكرم ومعاملة أخوية طيبة أن يحتفلوا معها بمناسبة عيدها الوطني في الثاني من ديسمبر، ويحق لها أن تفعل ذلك بكل فخر وشموخ وتطلع إلى المستقبل وبمزيد من التفاؤل بفضل رؤية قادتها الحكيمة وتماسكهم ووحدتهم، ولها أن تحتفل مثلها مثل الكثير من الدول التي نجحت في تحقيق الانجازات والاستقرار والسلام الداخلي والتوازن في علاقاتها الخارجية التي شجعت كل دول العالم على التعاون معها والإقبال على الاستثمار والشراكة معها على كل المستويات، وقد ارتكزت كل النجاحات التي حققتها الدولة على السياسة التي ارساها مؤسس الدولة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، وهي سياسة الهمت الكثير من حكام العالم على السير في خطاه حتى لقب بحكيم العرب ، لقد حظي الشيخ زايد بقدر كبير من الاحترام والحب النادر من شعب الامارات ، كان مستقبل شعب الإمارات ورفاهيته يحتل مكانة متقدمة في تفكيره ومشروعاته وطموحاته التي لم تكن تحدها حدود ، ولم يقتصر اهتمام حكيم العرب على الإمارات وشعبها فقط ،ولكن امتدت جهوده في التنمية والعمران إلى كل ارجاء الوطن العربي، وساهمت الإمارات بدرجة ملموسة في تطور حركة العمران والصناعة والتجارة في العديد من المدن العربية من المحيط إلى الخليج.
بدأت علاقة السودان بدولة الإمارات منذ بداية استقلالها من بريطانيا ومع استقلال الإمارات عام 1971، بعد وصول الشيخ زايد إلى حكم ابوظبي توطدت علاقة قوية بينه وبين الراحل الرئيس جعفر النميري منذ ذلك الوقت ، وكانت أول زيارة للشيخ زايد لدولة عربية هي السودان، وقدمت دول الإمارات الدعم السخي لكل مشروعات التنمية في مختلف مدن السودان، وقد ساهم السودانيين منذ بداية الدولة في نهضتها العمرانية وتأسيس البلديات ، وتواصل تعزيز العلاقات بعد رحيل الشيخ زايد مع كل شيوخ الإمارات وفي مقدمتهم الراحل الشيخ خليفة الرئيس السابق للدولة ، والرئيس الحالي للدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء وحاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكل شيوخ الإمارات خاصة إمارة الشارقة التي دعمت الكثير من الأنشطة الثقافية في السودان ، لذلك لم يكن غريباً في ظل هذه العلاقات ذات التاريخ ومع استضافة الإمارات لعشرات الألاف من السودانيين الذين يعملون هناك ويساهمون في اعالة مئات الألاف من الأسر السودانية ، لم يكن غريباً في ظل هذا التواصل الأخوي أن نرى سعادة سفير دولة الإمارات حمد محمد الجنيبي يسعى لراب الصدع بين الفرقاء السودانيين وتحقيق الوفاق الوطني وتقريب هوة الخلاف بين الفرقاء السودانيين، وتحقيق السلام والتعايش والتسامح الذي يعتبر من أعلى القيم التي بشر بها المغفور له الشيخ زايد مؤسس الدولة، لقد شارك أحد فقهاء القانون السودانيين وهو السيد صالح فرح عبد الرحمن في كتابة القوانين الأولى التي تأسس عليها الاتحاد ، لذلك فإن مشاركة دولة الإمارات في جهود تسوية النزاع في السودان انما هو تبادل للأدوار بن الأشقاء كلما دعت الحاجة لتبادل الرأي والمعرفة وتشخيص الأزمات والمشاركة في حلها.
استطاعت دولة الإمارات منذ أن تولى الشيخ زايد الحكم في إمارة أبوظبي عام 1966، أن تحقق قفزات هائلة بمقياس التقدم في كل المجالات خاصة في البنى التحتية والتعليم في مختلف مستوياته والزراعة التي احالت الصحراء إلى جنة خضراء وحدائق غناء والصحة والخدمات التي نقلت الدولة إلى مصاف الدول التي سبقتها بعشرات السنوات بسرعة مذهلة بفضل حسن التخطيط واختيار الأولويات و اتخاذ القرارات الجيدة، و إدارة الموارد وحسن توظيفها واستخدامها بطريقة رشيدة لتحقيق التنمية والرفاهية لمواطنيها والوافدين الذين يعيشون فيها بكرامة وحسن معاملة، ولا اظن أن هناك من يغالط في عالم اليوم حول ما تحقق من تطور وتقدم في دولة الإمارات في كل مدنها التي تشهد توازنا في توظيف الموارد وتوزيعها بطريقة عادلة ، فالإمارات اليوم أصبحت مستقراً للشركات عابرة القارات ، وقبلة للمؤسسات والجامعات العالمية المرموقة والكفاءات الأكاديمية ذات السمعة العلمية ، كما ساهم مواطنوها الذين ابتعثوا لنيل العلم في ارقي الجامعات في نقل التكنولوجيا ورسم الخطط وتطوير الخدمات في مختلف القطاعات الاقتصادية والصحية والعمرانية.
حققت الأمارات نقلة كبيرة في مجال الخدمات الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتعليم الذكي والأمن الإلكتروني والتجارة الإلكترونية وتمت إعادة هيكلة الاقتصاد الذي لم يعد يعتمد فقط على موارد النفط ومشتقاته، ولكن تنوعت مصادرة وتعددت.
كان الشيخ زايد يتمتع برؤية استراتيجية لا تتوفر للكثير من الحكام في العصر الحديث، رؤية كانت سابقة للعصر تمثلت في بدايتها في قدرته على تجميع حكام الإمارات لتوحيد الكلمة وتبني فكرة الاتحاد مع الشيخ راشد ين سعيد آل مكتوم في إمارة دبي في ظروف إقليمية ودولية صعبة كانت تحيط بها المطامع الدولية التي كانت تحرص على أن تبقى المنطقة متفرقة ومتباعدة حتى يسهل التعامل معها وللاستفادة من ثرواتها ، لقد بذل الشيخ زايد مع الشيخ راشد جهوداً كبيرة انتهت بتوحيد كلمة شيوخ الإمارات المتصالحة ، كان الشيخ راشد من الذين يقرأون المستقبل وقناعة بأن في الاتحاد قوة ، ولعله من حسن تصاريف القدر أن توفر للمنطقة في ظل تلك السنوات التي خرجت منها بريطانيا من شرق السويس هذان القائدان اللذان لعبا دوراً هاماً في تاريخ المنطقة وتأسيس دولة تعتبر في عالم اليوم نموذجاً في بناء الحياة الكريمة للإنسان الذي هو محور التنمية والتقدم، وايماناً منهما بأهمية دور الانسان في التنمية ، وأن أول خطوات البناء تبدأ بالإنسان بعثا ابنائهما إلى افضل دول العالم لتلقي العلوم الحديث والتزود بالمعرفة التي ساهمت في نقل الدولة إلى الحداثة.
لم تتعرض دولة الإمارات منذ نشأتها إلى صراعات أو خلاقات بين مختلف حكامها وقادة إماراتها ، وظلت مسيرة الوحدة وتماسك الدولة تمثل ركيزة أساسية في كل النجاحات التي تحققت ، وكان انتقال السلطة بين الأبناء والأبناء يتم بكل سلاسة ومسؤولية ، والان تتواصل مسيرة التقدم بفضل القيادة الحكيمة لرئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد ، ورئيس الوزراء الشيخ محمد بن راشد ، اللذان قاما بدور ضخم في حركة التحديث وانتقال الدولة إلى مصاف الدول العملاقة. تتمتع دولة الإمارات بأحدث نظم التعليم في العالم، وتستعين الدولة بأفضل برامج وخبراء التعليم في العالم للتطوير المستمر للمناهج ونظم التعليم حتى يواكب احدث ما تطبقه وتوصلت اليه الدولة المتقدمة ، ويزور الدولة بطريقة لا تنقطع فرق لمراجعة وتقويم المناهج وبيئة التعليم والتأكد من توظيف الكفاءات والتخصصات لتحقيق المخرجات التعليمية التي تمكن الخريجين من النجاح في سوق العمل، لقد كان بناء الانسان يشكل احد أهم المرتكزات التي قامت عليها سياسة الدولة ، ومن هنا ظلت قضية تطوير المؤسسات التعليمية من القضايا التي تحتل الأولوية في خطط وميزانيات الدولة وهي سياسة أثمرت في رفع قدرات أبناء الإمارات للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة والتفوق بل والمنافسة مع نظرائهم القادمين من الدول المتقدمة .
وفي مجال السياسة الخارجية تعتمد الدولة سياسة تقوم على مبدأ التواصل مع شعوب ودول العالم والتعايش والسلام ونبذ العدوان والفرقة و عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ، والتعاون الدولي في مجالات التجارة والاقتصاد بما يحقق الفائدة المشتركة واعتمدت التسامح الذي أسست له وزارة بقيادة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وتأتي دولة الإمارات في مرتبة متقدمة بين الدول التي تقدم العون والمساعدات لإنسانية مثل الولايات المتحدة الأميركية وكندا واليابان مقارنة بالناتج القومي الإجمالي، كما تدعم كل أنشطة الأمم المتحدة في مناطق الكوارث والأزمات.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى