أعمدة

محمد عبدالقادر يكتب (علي كل).. تلفزيون ( القحتان) .. اين الراي الاخر؟!

علي ايام تجربتي في تقديم (برنامج حوار المستقبل)) بفضائية النيل الازرق-رد الله غربته- علقت بذهني قصة حلقة الغاها الجنرال حسن فضل المولي المدير العام للقناة انذاك قبل ساعتين من بثها علي الهواء مباشرة لان الجهة المستضافة رفضت راي الطرف الاخر في قضية فساد ملات الدنيا وشغلت الناس.
حاولت الجهة التي كانت محل شبهات عديدة شراء المساحة البرامجية ب( القروش) لانجاح الحلقة مقابل اثنائنا عن استضافة الصحفي الحبيب ( اللايوق ) الدكتور مزمل ابوالقاسم، -الطرف الذي يمثل الراي الاخر في القضية- لكنا رفضنا بث الحلقة والغيناها احتراما لمهنية القناة وتقديرا للمشاهد الذي لايمكن ان تسوقه باتجاه واحد يصادر حقه في تنوع مصادر المعلومة بما يعينه علي تحديد موقفه بعيدا عن الوصاية والاملاء..
من اسوأ تجارب الفترة الانتقالية علي الاطلاق مايحدث الان من قمع للحريات الاعلامية ومصادرة للراي الاخر داخل فضائية السودان التي ينبغي تسميتها ( تلفزيون القحتان) بدلا عن السودان. .
باتت الفضائية السودانية مختطفة تماما ، لن تجد فيها اي راي مغاير للجناح المتنفذ داخل كابينة قيادة ( قحت)، كافحت الفضائية حتي اراء شركاء الحكم التي تخالف مواقف مجموعة اقصائية تدير فضائية لقمان احمد ب(الريموت كنترول).
غاب الراي الاخر تماما عن الفضائية السودانية، ظللت متابعا لبرامج من شاكلة ( لقاء خاص)، و(غرفة متابعة) ، في كل مرة لفاجأ بتغييب متعمد للجهة التي ينهش الضيوف لحمها دون ان يكون لديها ممثل يرد علي من يتم اختيارهم بعناية لكيل الاتهامات والاساءة لاخرين غائبين وللتسبيح بحمد قحت واحزابها المتنفذة.
تابعنا كيف تم ايقاف حلقة بعد عشر دقائق من بثها لمجرد ان احد الضيوف بدا في توجيه انتقادات موضوعية ، وراينا برامج اشبه ب(اركان نقاش ) يتبادل فيها ناشطو الحرية والتغيير الردحي والهجوم علي الاخرين بعيدا عن الراي الاخر..
قبل يومين قررت اللجنة التصعيدية التابعة للمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، طرد مراسلي تلفزيون السودان القومي من ولايات إقليم شرق السودان الثلاث (القضارف، كسلا، البحر الأحمر)، بسبب ما اعتبروه عدم التزام من جانبهم بالحياد في تناول أزمة الشرق.
اللجنة أخطرت مراسلي تلفزيون السودان، بالتوقف عن نقل الأحداث في شرق السودان، والخروج من الولايات الثلاث فوراً، مؤكدة أن فريق التلفزيون امتثل للأمر.
لا اعتقد ان هنالك خسارة يمكن ان تواجه جهازا اعلاميا قوميا اكثر من هذا التصنيف المضر بسيرة الحياد والمهنية لتلفزيون السودان ومديره لقمان ، كان بامكان فضائيتنا ان تكون وسيطا مقبولا لتجميع الاراء المختلفة حول ازمة الشرق بدلا من ان تتحول الي جزء منها للحد الذي يعلن فيه ترك انها – اي الفضائية السودانية – ستكون صمن اجندة التفاوض.
قبل فترة استضاف التلفزيون رئيس مجلس إدارة المحفظة الزراعية، عبد اللطيف عثمان محمد صالح حول (قضية زبيدة) التي ملات الدنيا وشغلت الناس، للاسف كان الحوار من طرف واحد، لم تتم استضافة الراي الاخر بما يعني محاولة توجيه القضية الي عكس ما كتبته اقلام الصحفيين الزملاء الشرفاء من حقائق وادلة واسانيد، تمنيت استضافة احدهم داخل الاستديو او بالتلفون باعتبار ان القضية كشفتها وفجرتها الصحافة ..لم يحدث هذا مع ان مقدم البرنامج كان الزميل الصحفي شوقي عبدالعظيم الذي فجر في العهد البائد وعبر ذات الصحيفة – اليوم التالي- تحقيق الزلزال المنتقد لاداء دكتور مامون حميدة في الحقل الصحي.
تلفزيون لقمان لايورد حتي تصريحات الشركاء العسكريين في جيش السودان..وقد ظل غير محايد في طرحه للخلافات الموجودة الان بين المكونين العسكري والمدني ، بل ان هجوم محمد الفكي عضو المجلس السيادي الذي اثار حفيظة العسكر ومازالت البلاد تعاني مضاعفاته وتداعياته المدمرة تم بثه من منصة تلفزيون السودان التي اثارت فتنة تنذر بانهيار الشراكة وتهدد استقرار الفترة الانتقالية.
لا اعتقد ان مدير التلفزيون لقمان احمد القادم من مؤسسات الغرب الاعلامية يحتاج لتذكيره بقيمة الراي الاخر واهمية اتاحة حرية التعبير لجميع الاطراف، لكنه انغمس في خدمة اجندة السياسيين علي حساب مهنته.. ناسيا او متناسيا ان ( الحساب ولد) وان تجربته في ادارة الفضائية السودانية موثقة في كتاب التاريخ الذي سيقول كلمته حتما في يوم من الايام…
كان الاحري بلقمان- ان ينحاز الي مهنته وقناعاته بحرية الراي اذا فرضوا عليه اجندة السياسة المتحاملة علي طرف دون الاخر ، ولكنه اختار التحول الي ناشط يدير اركان نقاش سياسية داخل فضائية ينبغي ان تكون محترمة ومتوازنة ومنافحة عن منفستو الثورة ( حرية وسلام وعدالة)…
اختشوا يا هؤلاء.. التاريخ لن يرحمكم..
*صحيفة اخبار اليوم*

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى