أعمدة

مقتل الصحافي محمد طه محمد احمد.. خيوط معلقة سلسلة حلقات جريمة نكراء!!

كتبت : نشوة محمد عبد الله

في مثل هذا الشهر من العام 2006 سجلت دفاتر الشرطة أكثر القضايا تعقيدا واكثرها حزنا واسى، وهي قضية مقتل الصحافي الكبير محمد طه محمد احمد مالك ورئيس تحرير صحيفة الوفاق الغراء، بعد عملية إختطاف تمت من داخل منزله بحي كوبر بالخرطوم بحري ، وسرعان ما عثرت عليه الشرطة عبر اجهزتها مقتولا ومفصول الراس، وقع الخبر قويا اهتزت له أفئدة الصحافة والصحافيين والعالم اجمع.
ادخلت هذه القضية الحكومة فى نفق مظلم على اعلى مستوياتها لأنها كانت تنام اي الحكومة على أن الخرطوم أكثر مدن العالم أمنا، منذ ذلك اليوم لم تعد العاصمة الخرطوم عاصمة امنة ولا يحزنون، وسابقة فريدة من نوعها تحدث فيها، وفي المقابل باتت مهنة الصحافة محفوفة بالمخاطر يتبعها الخطف، والتعذيب والقتل لذلك كان الاهتمام كبيرا من الحكومة عل أعلى مستوياتها ابتداءا من رئيس الجمهورية وقتها عمر البشير مرورا بوزير الداخلية البروفيسور وقتها الزبير بشير طه، نزولا لمدير عام الشرطة وقتها الفريق اول محجوب حسن سعد ومن بعده اللواء الشرطة عابدين الطاهر وعدد من رجالات المباحث الماهرين والنيابة العامة.
قضية مقتل الشهيد محمد طه وهي تشق طريقها للكشف اختلطت فيها الدوافع في بادئ الامر مابين جنائي وسياسي وغيره، محمد طه كان من أميز الصحافيين فبالرغم من أنه تخرج من كلية القانون وسجل اسمه فى دفاتر وزارة العدل كاول واخر وظيفة حكومية،
الا انه هجرها وعاد إلى مهنة الصحافة التى بدأها فى جامعة الخرطوم. سنوات قليلة الا وسجل الراحل اسمه فى دفاتر أميز الكتاب والصحافيين ،وكان يمتاز بفن التحليل ،سنوات قليلة الا وافلح فى انشاء صحيفة لوحده ،صحيفة الوفاق ،امتاز محمد طه بقوة الذاكرة وثراء الافكار و المعلومات والتبحر، ويمكنه كتابة صحيفة لوحده فى اليوم ،كان مبسطا فى حياته بعيدا عن التعقيد يستقبل الناس في مكتبه وفي الشارع ويتناول الوجبة مع زملائه من الصحافيين ، عرف عنه الزهد رغم انه يمتلك ملايين الجنيهات كانت يمكن ان تحجبه عن انظار الناس كما يفعل الكثير من الاثرياء ،كان كريما يوفر الوجبة للصحافيين باعتبارها اساس لعمل الصحفي بل وامتدت يده لشراء المنازل لبعض للصحافيين كما روا لنا ،سمعة نظيفة رسمها الراحل فى صحيفته وفي الصحافة، لكن كل جميل القيم والمعاني السمحاء لم تشفع له من سهام انتاشته، كرد فعل على ما كتب بصحيفته المؤثرة دوننا قصد او ترصد. استهدف الراحل فى حياته مرتين ، واحدة منها عندما تم نقل مقال لأحد الشيعة الذي تحدث بطريقة غير مهذبة عن النبي الكريم مما اثارحفيظة علماء الدين وعلى راسهم د. عبد الحي يوسف ودونوا فى مواجهته بلاغا تولى فيه الراحل الدفاع عن نفسه مستندا علي خلفيته القانونية، رافضا طلب توكيل محامي للدفاع عنه ونجح فى الخروج من ذلك المطب، والثاني عندما ثارت مجموعة من أبناء دارفور باعتبار أن الراحل قد نشر مقالا يمس فيه سمعتهم وكرامتهم وعرضهم، وقاموا بالتهجم وإحراق الصحيفة ومضت الايام وطويت الصفحات ولم يدرى محمد طه ولا قبيلة الصحافيين ان حادثة اليمة تنتظره ،فقد كان ذلك يوما حزينا واليما، يوم ان عم خبر اختفاء محمد طه محمد احمد القرى والحضر ،وبدأت التكهنات.. هل هو اعتقال من قبل الامن ام إختطاف من قبل من ثاروا ضده من قبل؟ سارعت الحكومة ينفى صلة أجهزتها بالموضوع ، ساعات قليلة ، الا ووجدت جثته، مفصول عنها رأسه فى حادثة أليمة تقشعر لها الابدان بالقرب من الاحتياطي المركزي جنوب الخرطوم ، عثر على الجثة وتم تحريزها، بدت الجريمة كأنها كاملة وبلا خيوط وتحت ضغط وتأثير الشارع والراي العام نتيجة لعظم الموقف وفداحة الجرم وجهت الحكومة باعلى مستوياتها بضرورة السرعة في فك طلاسم الجريمة النكراء وبالفعل نجحت قيادة الشرطة فى الوصول لأول خيوط الجريمة وكانت المفاجأة انهم عثروا على المتهم الاول وهنا ساحكي لكم من واقع متابعتي الدقيقة لملف القضية بتكليف من صحيفة اخبار اليوم الغراء ورئيس تحريرها الاستاذ احمد البلال الطيب، اسرار الخيط الذي قاد لكشف الجريمة. تابعت أول جلسة إجرائية فى محاكمة قتلة محمدطه وماتزال ماثلة امامي كانها جرت اليوم، كنت أدون كل ما يدور وكانت اخبار اليوم بمثابة محضر للقضية لا تترك شاردة ولا واردة ، حتى الاهات والتنهد يجد طريقه الى الاسطر التى اكتبها فقد كنت اقوم بتسجيل كل ما يقوله الدفاع والاتهام كتابة لدرجة ان المحاميين كانوا يعتمدون عليها كمحضر يحملونه فى ايديهم فى صباح اليوم التالي الى قاعة المحكمة وكذلك النيابة وكل المتابعين للقضية من طلاب واساتذة القانون بوصفها سابقة وتحمل أبعادا معقدة، من واقع متابعتي للقضية بتفاصيلها وتعقيداتها وما
قادتني الصدفة إلى معرفة ما اخفي عن الراي العام وهو كيفية توصل الشرطة الى اول المتهمين والقبض عليه كيف تم التعامل معه ساروي تفاصيل ذلك الخيط الذي فك طلاسم الجريمة الى ان اصبح جميع المدانيين في قبضة الشرطة باستثناء واحد ، ساحكي ذلك وساحكى كل تفاصيل الجلسات المتهمة التى انجبت طفلا في المعتقل فى حلقات متسلسلة بدا من الخيط الاول مرورا بمحطة التحري واكمال ملف القضية بواسطة النيابة انتهاءا بقاعة المحكمة التى تولت المهمة، ساروي لكم من الذاكرة تلك المحاكمة الشهيرة التى كانت بمثابة حدث ساعة
ينتظرها كل العالم ،محاكمة قتلة بيت الرأي وقتلة الابرياء والي اللقاء فى الحلقة القادمة.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى