أعمدةمجتمع

مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة).. الإنقلاب .. ما قبله .. وما بعده .. !

من عجائب السُّودان وغرائبه أن تفكّر مجموعة مسلّحة في الإستيلاء على السّلطة ، وإزاحة من هم على مقاعدها ، لتنفيذ برامج وأجندة غير متفق عليها من كل مكونات الشعب السّوداني ، وتكون النتيجة إنهيارات متلاحقة في جسد الوطن ، قد تؤدي إلى خروج بعضه عن الوطن الأم ، مثلما حدث لنا من قبل في تجربة إنفصال جنوب السُّودان ، وهي تجربة مؤلمة ، ونجد إن الذين عملوا على ذلك وناصروا الإنفصاليين ، نجدهم اليوم من اللاعبين في الساحة السّياسيّة دون خطة أو هدف سوى الجلوس على مقاعد السّلطة ، وبعضهم يتّخذ من قصور الحُكم ومراكز إتخاذ القرار ، مقراً ومستقراً ، ليزيد فيها ومن خلالها مساحات الخلاف والاختلاف .
كثيرٌ من ساستنا وللأسف الشديد ، يريدون السباحة مع التيار وعكسه في ذات الوقت ، لذلك تجيئ النكبات وتحل المصائب التي تضرب الوطن كله ، ولا يتأثر بها من يصارع من أجل السلطة ، خاصة من تعود العيش في الخارج ، يحمل رايات النضال الزائف .
ما حدث بالأمس هو مغامرة كاملة الأركان ، مغامرة غير محسوبة العواقب للقائمين بها ، لكنها كارثة كانت ستعيد بلادنا مائة ألف خطوة إلى الوراء ، وهي مغامرة تعبر عن قصور الرؤية السياسية ، فالداخل يرفض أي إنقلاب الآن ، وكذلك العالم كله .
أقوال الساسة والقائمين بأمر الحكم الآن إختلفت ، هناك من طالب بحماية مكتسبات الثورة الشعبية بالنزول إلى الشوارع ، ولم يستجب أحد ، وهناك من إتهم أركان النظام السابق ، أو من أسماهم بالفلول مثلما قال بذلك السيّد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك ، لكن في تقديرنا الشخصي إن أركان النظام السابق ، لن يفكروا في مثل هذه المغامرة ، ولن يقدموا عليها ، ويصبح دافع الإنقلاب في هذه الحالة هو فشل الحكومة في تحقيق المطلوبات الشعبية ، من تخفيف لأعباء المعيشة ، وارتفاع في الأسعار ، وإنفلات في الأمن ، بلغ المركز نفسه .
قد تكون هناك جهات وأحزاب ومنظمات سياسية لها مصلحة في تغيير النظام الحالي ، تنفيذاً لأجندة مرتبطة بالأساس الفكري أو العقدي لتلك الجهات والأحزاب والمنظمات السّياسيّة .
حتى الآن كان ما قال به رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ، القائد العام للقوات المسلحة السُّودانيّة ، كان ما قال به هو القول المعقول المُتّزن ، فقد قال إنه حتى الآن لم يثبت تورط حزب او تنظيم أو جماعة محددة في المحاولة الإنقلابية الفاشلة يوم أمس ، وهذا هو حديث السّياسي الحصيف غير المتسرّع ، وهو حديث الرجل المسؤول الذي يحسب حساب كل كلمة يقولها .
لا أعرف الكثير عن قادة المحاولة الإنقلابية الفاشلة ، لكنني أتوقع أن يكون بيانهم الأول الذي لم يطّلع عله أحد ، أتوقع أن يشير إلى الفشل في إدارة شأن الدولة ، والفشل في تحقيق أهداف الثورة ، وارتفاع معدلات التضخم والغلاء الفاحش ، والانفلات الأمني ، و رووووووو … لذلك إن أراد السيّد رئيس الوزراء إصلاحاً فعليه بتلك المطلوبات ، إضافة إلى قيام مؤسسات الحكم الحقيقية خلال الفترة الانتقالية ، من مفوضيات مكافحة الفساد والإنتخابات ، والإسراع الحقيقي في تكوين المجلس التشريعي بعيداً عن المماطلات والمطاولات ، حتى تصل البلاد إلى شاطئ الأمان بقيام إنتخابات حرة نزيهة ،رغم أن الكثير من القوى السياسية ، لا تريد ذلك .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى