أعمدة

فضل الله رابح يكتب في (الراصد)..تنشيط الذاكرة .. جهود الإصلاح الإقتصادي ..!!

التجربة السودانية فى الاصلاح الاقتصادى ممتدة وقبل استعراض تجارب الصندوق والبنك الدوليين ناتى لاستعراض التجربة السودانية الوطنية للاصلاح الاقتصادى فى السودان بقيادة الراحل دكتور ـ عبدالوهاب عثمان والتى سماها بمنهجية الاصلاح الاقتصادى فى السودان والذى بداء فى يونيو 1996 م حتى ديسمبر 1996 م ببرنامج ازالة التشوهات ثم برنامج 1997م وتلى ذلك برنامج 1998م. وتذكرون 97 كانت بداية الحصار الاقتصادي والحروب في كل الجبهات مع ذلك تم تنفيذ البرنامج فى ظل حرب بكل حدود السودان بدعم من أمريكا وكل دول الجوار وتامر على السودان من كل المعارضة ( الحاكمين اليوم) .. وتزامن ذلك مع حصار اقتصادى جائر لم يشهد العالم فى تاريخه مثيلا له ..
بدأت التشوهات الهيكلية فى الاقتصاد السودانى فى بداية عهد مايو 1969م نتيجة لتوجهه النظام الاشتراكى والذى أدى الى تاميم ومصادرة المؤسسات الانتاجية والتجارية وقيام مؤسسات القطاع العام بسلبياتها الإدارية والمالية ، فى اطار النظام الشمولي الاشتراكى استحكمت القيود الادارية التى اعاقة حركة الاقتصاد خلال السبعينات والثمانينات.
فى بداية الثمانينات بدا انحسار تدفقات العون الخارجى بعد أن بدأت متاخرات سداد الديون الخارجية ، وشهدت الفترة استفحال الازمات الاقتصادية وتراجع الانتاج وتدهور العملة الوطنية والجموح فى معدلات التضخم ، واتساع دائرة هيمنة السوق الموازى على الاقتصاد الوطنى وزادت المديونية الخارجية الى 14 مليار دولار .
اما على الصعيد الاجتماعى والأمني فقد شهد الفترة عمليات هجرة داخلية وخارجية نتيجة للجفاف والتصحر والحروب وتدهور الأمن الغذائى ، كل هذه الظروف حالت دون وضع سياسات ناجعة لمحاصرة الخلل فى توازنات الاقتصاد او محاصرة الازمة .

برنامج الانقاذ الاقتصادى
بعد الموتمر القومى لانقاذ الاقتصادى فى اكتوبر 1989م والذى انبثق منه البرنامج الثلاثى للانقاذ الاقتصادى 1990/ 1991 – 1992/1993م ، وبعد فبراير 1992م واعلان سياسة التحرير الاقتصادى شهدت البلاد عمليات تحريك واسعة فى قواعدها الانتاجية وتحول كبير فى معدلات نمو الناتج الاجمالى المحلى من 1.2‎%‎ خلال الثمانينات الى 4.7‎%‎ فى عام 1992/1993م ،لكن هذا النمو صاحبه فى ذات الوقت معدلات تضخم مرتفعة وتدهور اسعار الصرف وارتفاع تكلفة الانتاج وارتفاع الكتلة النقدية وارتفاع الاستدانة الحكومية من النظام المصرفي ،وذلك لعدم وجود برنامج اصلاح هيكلي واقتصادى متكامل .
برنامج مواجهة التدهور الاقتصادى بقيادة د عبدالوهاب عثمان
كان الوضع الاقتصادى فى النصف الاول من عام 1996م كل الموشرات الاقتصادية توضح تسارع الوضع الاقتصادى الى حافة الانهيار تدنى فى الاداء الاقتصادى ، ارتفاع معدلات التضخم 166‎%‎ (الان 450‎%‎ ) استدانة الحكومة 1.250 مليون جنية فى كل دقيقة ( الآن 385.802 مليون فى كل دقيقة محسوبة من 200 مليار جنيه عام 2020 افادة السيدة هبه محمد على )، العجز فى الميزان التجارى 25‎%‎ من الناتج الاجمالى المحلي ، سعر صرف غير مستقر وغير حقيقى .
بالاضافة لحرب مستعرة بكل حدود السودان بدعم امريكى ومشاركة مباشرة من كل دول الجوار وتوحيد كل قوي التمرد ودعمها ماديًا وسياسيا واعلاميا ، وحصار اقتصادى جائر بقيادة الولايات المتحدة الامريكيه ، وموارد محدوده ليس هنالك بترول او ذهب وخطوط انابيب بترول ومصافي بترول، كل المتاح حوالى 300 مليون من الصادرات الزراعية وميزانية سنوية حوالى مليار دولار سنويا فقط .
السؤال المهم كيف نجح الفريق الوطنى بقيادة د عبدالوهاب فى خلق استقرار اقتصادى فى عامين ام هى معجزة كما سماها صندوق النقد الدولى .
لماذا تعجز الحكومة الآن وليس هنالك حرب بكل حدود السودان ورفع الحصار الاقتصادى الحائر ورفع اسم السودان من قائمة الارهاب ووصل الدعم من المجتمع الدولي .
ايهما وجد تركة مثقلة حتى تكون شماعة للفشل والعجز ، التى وجدها د عبدالوهاب ام الان وقد تسلم الثوار دولة ببترولها وذهبها وصادرات تقليدية تضاعفت اكثرمن عشره مرات وميزانية سنوية اكثر من عشر مليار دولار والتى كانت مليار دولار فقط بدون حرب وحصار اقتصادى وسادس اقتصاد فى القارة الافريقية كما ذكر السيد رئيس الوزراء حمدوك اول ما وصل الخرطوم بعد تعينه.

البرنامج الوطنى لمواجه التدهور الاقتصادى اعتمد على الداخل وعلى ثلاثة محاور رئيسية:
– المحور الاول يونيو – ديسمبر 1996م برنامج ازالة التشوهات عبر الاعتماد على برنامج الصدمة (Fiscal shock ).
– المحورالثانى -/1/1/1997–31/12/1997 الاصلاح الهيكلي والنقدى المالى خاصة سعر الصرف ومالحة الإفرازات السالبة على الجانب الاجتماعي.
– المحور الثالث يناير الى ديسمبر 1998 م استهدف زيادة العرض الى جانب التوسع فى المعالجات الاجتماعية .
بعد ان حققت هذه المحاور الثلاثة أهدافها كاملة بدء الشروع فى برنامج اقتصادي شامل متوسط المدى.
تقييم اداء برنامج 1997:
➠➠➠➠➠➠
-نما الناتج الاجمالي بنسبة 6.7‎%‎ (المستهدف 4.9‎%‎) تحقق معظمة من التحسن ألذى طرأ على القطاع الزراعى
– انخفض التمويل بالعجز من 3.1‎%‎ من الناتج الاجمالي المحلي الى ‎.6‎%‎ .
– التطورات النقدية انخفضت الكتلة النقدية الى 37‎%‎ مقارنة ب 65‎%‎ عام 1996 م.
تقيم برنامج المحور الثالث عام 1998 م
– استهدف البرنامج زيادة العرض الكلى فى الاقتصاد بجانب نقلة نوعية فى المجال الاجتماعي.
– متوسط النمو 6.1‎%‎ مقارنة باقل من 1‎%‎ فى الثمانينات ، جاء هذا النمو نتيجة لاداء القطاع الزراعى 48‎%‎ من الناتج الاجمالي المحلي مما مكن من الانعتاق والتبعية وذل المعونات الغذائية ( اكثر من خمسه مليون طن حبوب) وكذلك ارتباط القطاع الزراعى بالقطاع الصناعى والتمويل والنقل .
– معدل التضخم فى نهاية عام 1998 م وصل 15‎%‎ ( المستهدف 20‎%‎).كمقارنة ب166‎%‎ عام 1996 م.
– سعر الصرف الفرق بين السعرين الرسمى والسوق انخفض اقل من 2‎%‎ مقارنة ب 40‎%‎ فى بداية عام 1996 م .
– الاستدانة بلغت 45‎%‎ مقارنة ب 65‎%‎ عام 1996 م .
-كل هذا الانجاز تم بالاعتماد على الداخل قبل البترول والذهب وفى ظل حرب فى جبهة اطول من جبهة الحرب العالمية وحصار اقتصادى جائر .
– كان القطاع الزراعى فى تلك الفترة قاطرة النمو الاقتصادي وهو كذلك الان قاطرة النمو الاقتصادي السودانى اذا وجد الالتزام السياسى والادارة الفاعلة القادرة والرشيدة .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى