مقالات

 المرحلة الانتقالية وتحولات مجلس السيادة  امتحان القانون النجاح والفشل بقلم المستشار فائز بابكر كرار

المكون العسكري والمدني وأطراف العملية السليمة مهد لهم  تعديل الوثيقة الدستورية تمديدا فى الفترة وتحصينا من  الرقابة واستغلال فى السلطة ، وغير أجل انتقال رئاسة مجلس السيادة. 
هل يجوز لمكون  المطالبة بتبديل عضو من مكون آخر ؟؟
 اتسمت عملية الانتقال وتقاسم السلطة بين مكونات المرحلة الانتقالية بقدر كبير من التعقيدات والمعوقات القانونية والسياسية فى الالتزام بتنفيذ بنود الوثيقة الدستورية، وإثبات جدية الاطراف فى  الاتفاق على الحد الأدنى من تنفيذ متطلبات الفترة الانتقالية فى العدالة وانتقال السلطة وتحقيق الرقابة الدستورية والتشريعية .
فى تاريخ 3 أكتوبر 2020 تم التوقيع على اتفاقية جوبا لسلام السودان والغت بظلالها على تغيرات واقع الوثيقة الدستورية تعديلا.
يثور  جدل قانونى كثيف حول مدة رئاسة الفترة الانتقالية الواردة في المادة(11) من الوثيقة الدستورية فيما يخص مدة ترأس المكون العسكري لمجلس السيادة وانتقال الرئاسة للمكون المدنى، وكذلك حول مدى إمكانية استبدال عضو من مكونات مجلس السيادة وكيفية ملء منصب العضو الشاغر ؟
وماهى أهم التغييرات  التى حدثت فى شأن مجلس السيادة بعد توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان ؟
فى المقال السابق تعمدنا إسقاط المحور الثالث من محاور 4+5= تسعة تحقيق العدالة (استبدال عضو مجلس السيادة وملء فراغ العضو الخالى ،وانتقال رئاسة مجلس السيادة).
 ما كان قبل تعديل الوثيقة الدستورية وما يجب أن يكون ومدى تحقق الرقابة  ؟.
حالة استبدال العضو وتوفر الرقابة التشريعية فى عملية الاستبدال قبل التعديل والاستعاضة :-
فقدان العضوية فى المادة(14) ومدى المرونة وتحقيق الرقابة التشريعية 
فى شروط العضوية يوجد لبس هل العضوية عضوية المجلس السيادى ام عضوية الانتماء( للمكون المدنى عضوية الحرية والتغيير ) والمكون العسكري عضوية الانتماء للمؤسسة العسكرية ، وأطراف العملية السليمة الانتماء لحركات الكفاح المسلح. 
هذه الشروط والتعديلات تقودنا لثلاثة محاور :-(متغيرات المشهد)
المحور الاولى : حالة خلو منصب عضو المجلس السيادى 
ما قبل تعديل الوثيقة الدستورية:
 كان العضو من المكون المدني لا تستطيع قوى الحرية والتغيير ترشيح عضو بديل الا ان يرشح من المجلس التشريعي الانتقالي.
 والعضو من المكون العسكري يرشح البديل بواسطة القائد العام للقوات المسلحة ولايشترط ترشيحه من المجلس التشريعي الانتقالي(  فقدان عضوية مجلس السيادة المادة 14 الفقرة 2 ).
نستنتج من ذلك مرونة الوثيقة الدستورية مع عضوية المكون العسكري فى تعيين البديل ، واشتراط ترشيح البديل من المكون المدنى عبر المجلس التشريعي الانتقالي. 
هذه الحالة تنطبق على ترشيح البديل للعضو المستقيل (رجاء نيكولا ) إذ تعتبر عضوا مدنيا حسب نص المادة(11) الفقرة (2) بالرغم من اختيارها بالتوافق بين المجلس العسكري والمكون المدنى الا ان فى حالة البديل يخضع الأمر لنص المادة (14) الفقرة(2) .
حالة عدم التوافق على اختيار العضو المدنى المستقبل لم تحسم بطريقة واضحة .
الحالة الثانية: فى عملية استبدال عضو مجلس السيادة بعد التعديل :- 
ماحدث من تعديل فى المادة(14) تم تغيير فى طريقة استبدال وملء فراغ العضو وجاء التعديل بالاتى :-
فى المادة (14) تمت اضافة الفقرة(و) “استبداله من الجهة التى قامت باختياره” هنا نجد أن التعديل الذي حدث عمل على تغيير طريقة استبدال العضو المدنى ، وجاء التعديل في المادة (11) بعد إلغاء البند في طريقة التشكيل وتم حشر الجزء ” ويجوز للجهات التى قامت بالاختيار حق تعيين واستبدال ممثليهم ” 
ملاحظات:- تستوجب الوقوف عندها ومعرفة غاياتها فى التعديل 
الملاحظة الأولى 
 جاء التعديل في سياق مادة التشكيل بعد أن كان في مادة خلو المنصب المغلية بالفقرة الجديدة (2) من المادة (14) “فى حالة خلو منصب عضو مجلس السيادة يملأ بذات الطريقة المنصوص عليها فى المادة(11) الفقرة(2) المذكورة سابقا .
الملاحظة الثانية 
من المادة(14) الفقرة (2) الملغية بعد التعديل كان فى حالة خلو منصب العضو المدنى يرشح المجلس التشريعي الانتقالي العضو البديل وفي هذا تحقيق للرقابة على عضوية المكون المدني، بالرغم من أنه ليس من بين اختصاصات المجلس التشريعي الانتقالي الواردة فى المادة(25) سلطة ترشيح او مراقبة أداء أعمال مجلس السيادة، إلا في حالة اتخاذ  الإجراءات الجنائية(الحصانة الاجرائية) المادة (22 الفقرة 1) ، المجلس التشريعي الانتقالي يمثل حماية لمجلس السيادة اكثر من الرقابة على الأداء ، المكون العسكري لم يتأثر بحالة تعديل ملء فراغ العضو، لكن المكون المدنى سحب سلطة الترشيح لملء فراغ العضو المدنى من المجلس التشريعي الانتقالي. 
الملاحظة الثالثة :- حالة طبيعة وفق الاختصاص 
المحكمة الدستورية اقوى من المجلس التشريعي الانتقالي في الرقابة و الطعن في أعمال السيادة إذا كان الطعن يتعلق بتجاوز النظام الدستوري أو الحريات والحرمات والحقوق الدستورية أو تجاوز القانون( المادة 21 الفقرة(1) “أ .ب “.
تعديل الوثيقة الدستورية بواسطة اتفاق جوبا لسلام السودان بالرغم من نص المادة(78)”لايجوز تعديل أو إلغاء الوثيقة الدستورية إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي “الا ان التعديل أضاف المادة(79) تضمين اتفاق جوبا لسلام السودان وأصبحت الاتفاقية جزء لا يتجزأ من الوثيقة الدستورية وفى حال التعارض بينهما يزال التعارض بما يتوافق مع نصوص اتفاق جوبا لسلام السودان ”
الملاحظات :
أولا/ لم يترك مجلس السيادة مساحة للمجلس التشريعي الانتقالي(الغائب ) فى الرقابة على تعديل الوثيقة الدستورية وحماية نصوصها، بالرغم من قيام الأصل فى سلطات واختصاصات مجلس السيادة الواردة فى المادة(12) على الاعتماد بمعنى التوقيع شكلا فقط  لنفاذ القرار.(من بيده المعول والقلم يمهد خط السير والمرقد) .
ثانيا/ استغلال مجلسى السِّيَادَة وَالوُزَرَاء مُجْتَمَعِين سلطة التشريع والرقابة الخاصة بالمجلس التشريعي. 
ثالثا/ تعديل الوثيقة الدستورية جعل سمو نصوص الاتفاقية على أحكام الوثيقة الدستورية الأمر الذي أفرز واقعا قانونيا ألقى بظلاله على حكم الفترة الانتقالية ونقل رئاسة مجلس السيادة للمكون المدنى. 
المحور الثَّانِي:- مدة الفترة الانتقالية وانقال رئاسة مجلس السيادة .
الثابت  مدة رئاسة الفترة الانتقالية الواردة في المادة(11 الفقرة 3) من الوثيقة الدستورية فيما يخص مدة ترأس المكون العسكري لمجلس السيادة فى الواحد وعشرين شهرا الأولى وانتقال الرئاسة للمكون المدنى فى الثمانية عشر شهرا المتبقية من الفترة الانتقالية.
المتغيرات بعد التعديل فى التمديد وحساب بداية مدة الفترة الانتقالية:-
هل مدة الفترة الانتقالية وما جاء في نص المادة(7) من الوثيقة الدستورية تسع وثلاثين شهرا ميلاديا تسرى من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية حيث تم التوقيع عليها فى السابع عشر من شهر أغسطس عام 2019 ، وتم اعتمادها فى العشرين من شهر أغسطس عام 2019؟.
حدث واقع قانوني مختلف بعد التعديل وتضمنين اتفاقية جوبا لسلام السودان ووضعها  جزء لا يتجزأ من الوثيقة الدستورية وعند التعارض يزال التعارض بما يتوافق مع نصوص الاتفاقية(المادة 79) ،ودخول أطراف العملية السلمية الموقعين على الاتفاقية(تعديل المادة 11 الفقرة 2) ، والنص صراحة بتعديل المادة(7) أن تبدأ الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية، وتمدد ليبدأ حساب التسعة وثلاثين شهرا من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان. 
تفسير واتفاقا وواقعا قانونيا بموجب تعديل الوثيقة الدستورية فى المادة(7) بإلغاء البند السابق والاستعاضة عنه بالاتى “(1) تبدأ الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية، وتمدد ليبدأ حساب التسعة وثلاثين شهرا من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان ، بناء على الثابت قانونا مدة الفترة الانتقالية تسعة وثلاثين شهرا، وبناء على المتغير واقعا واتفاقا فإن حساب التسعة وثلاثين شهرا يبدأ من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان بدلا عن تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية 
وبذلك فإن  تاريخ تسليم رئاسة مجلس السيادة للمكون المدنى فى  يوليو   2022، بدلا عن نوفمبر 2021.
مما سبق نستنتج أن الفترة الانتقالية تم تمديدها ،والوثيقة الدستورية تم تعديلها وأن كل من المكون العسكري  والمدني وأطراف العملية السليمة من الموقعين على اتفاقية جوبا،  جميعهم حصنو وحسنو وضعهم القانونى بالاستقلال فى تبديل واستبدال وملء، فراغ  العضوية فى مجلس السيادة دون رقابة تشريعية ، والانفراد والمشاركة مع مجلس الوزراء فى استغلال سلطات واختصاصات المجلس التشريعي الانتقالي،  وتمديد أجل الفترة الانتقالية فى غياب تام لتسعة تحقيق العدالة.
تحياتي مستشار فائز بابكر كرار 
3 أكتوبر/ 2021.
Faizkararf77@gmail.com. 

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى