أعمدة

*مصطفى ابوالعزائم يكتب : “بُعْدٌ .. و .. مسَافة” .. *في ذكرى صديق ورفيق

رحل صديقنا وزميلنا زين العابدين أحمد محمد في مثل هذه الأيام من العام 2012 م ، لكن مشهد لقائنا الأول مازال ماثلاً أمام ناظري ، رغم مرور أربعين عاماً على ذلك اللقاء .
كنا وقتها شباباً لانرى في هذه الدنيا أهم من مهنة الصحافة ، التي أحببناها ، وحببها إلينا أكثر أستاذنا الكبير الراحل المقيم حسن ساتي- رحمه الله- والذي كان قد أكسبني ثقة كبيرة في نفسي، مثلما أكسب عدداً من الزملاء كان يسميهم ب«العشره الكرام».. وكان يثق في أحكامنا وتقديرنا للأمور ، ودفع بي إلى عضوية مجلس التحرير ، وعمري لم تتجاوز سنواته آنذاك الخامسة والعشرين ، وقد كانت تجربة صحيفة «الأيام» الغراء في عهد رئاسة أستاذنا الراحل حسن ساتي، تجربة شبابية تستند على العلم والمهنية والقدرات الخاصة والرغبة في العمل .
تجربة تشربت بخبرات شيوخ الصحافة وأساطينها الكبار .. فقد وجدنا أمامنا الأساتذة الأجلاء محمود الفضلي ، وعابدين محجوب لقمان ، ومحمد الخليفة طه الريفي.. الذي أدين له بفضل عظيم في تمليكه لي وغيري مفاتيح العمل الصحفي المرتبط بتنمية الحس والقدرات ، والمرتبط بالمطبعة مباشرة .
وكان في«أيامنا» تلك التي بدأنا فيها العمل ، أساتذة كبار منهم أستاذنا أحمد عبد الحليم الذي كان رئيساً لمجلس الإدار في وقت من الأوقات ، والدكتور إسماعيل الحاج موسي ، والأستاذ بدر الدين سليمان ، وأستاذنا الراحل عظيم الأدب والرقة والحياء أحمد جمال الدين ، وقد ترأس تحرير«الأيام» قبل أستاذنا حسن ساتي الأستاذ الكبير إبراهيم عبد القيوم رحمه الله .. لكننا لم نتمدد ونطلق لأيدينا وأقلامنا وأخيلتنا العنان إلا في عهد أستاذنا حسن ساتي- رحمه الله- الذي أخذت أسماء بعضنا تلمع في عهده ، بينما زادت الأسماء اللامعة لمعاناً ، وضمت الكوكبة العاملة في الصحيفة آنذاك نجوماً في دنيا الصحافة.. من بينهم الأساتذة الدكتور محي الدين تيتاوي ، والدكتور مرتضى الغالي ، وأسامه سَيد عبد العزيز ، وأحمدالبلال الطيب ، والمرحوم عبد القادر حافظ ، ونجيب نورالدين ، والمرحوم حسن الرضي ، والمرحوم عمرعبد التام ، وميرغني أبو شنب ، وعبدالرحمن زروق ، وهاشم عثمان رحمه الله ، وهاشم كرار ، وعيسي الحلو ، وعثمان عابدين ، وكمال مصطفى، ويوسف عمر ، والمرحوم عبدالمنعم فرح ، والسر حسن فضل ، وغيرهم في التحرير .. والمكتب الفني والإدارة ، رحم الله من مضى منهم ، ومن بقي ورحمنا أجمعين .
كان المرحوم حسن ساتي رجلاً مبدعاً ، يفتح بابه وقلبه للجميع ، ولكل من يرى فيه إضافة قد تتحقق للعمل ، لذلك جاء برسامي الكاركتيرالراحلين صلاح أبا يزيد ، وبدرالدين ، وعزيز ، ثم صلاح حمادة ، الذي قدمناه له فلم يتردد في قبوله.
. في تلك الأجواء، ومع حماسة الشباب والأمل العريض في التغيير الى الأفضل .. جاء إلى مكاتب صحيفة «الأيام» بالخرطوم قريباً من عمارة التبلدي ، شاب طويل القامة ، ترتسم على وجهه إبتسامة إكتشفنا لاحقاً أنها جزء منه ، وعرّفني بنفسه قائلاً : «أنا زين العابدين أحمد محمد بكتب الشعر، وبحب الصحافة، وعايز أتعاون معاكم» ثم مدَ يده بمجموعة من الأوراق حفلت بأخبار عن الوسط الفني ، لا يتيسر الحصول عليها إلا لصحفي محترف ، وصاحب شبكة واسعة من العلاقات في إوساط المطربين ، والشعراء والعازفين والأوساط الفنية المختلفة.
سعدتُ بالرجل والمادة الصحفية الثرة التي قدًمها لي ، وكنت وقتها أشرف على إدارة المنوعات ، بل تجاوز إنفعالي حدود السعادة العادية ، وكدت أطير من الفرح ، وسابقت نفسي إلى مكتب رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير الأستاذ حسن ساتي ، ونقلت له نبأ ذلك الكنز الصحفي الموهوب زين العابدين أحمد محمد.. كان ذلك هو المشهد الأول… ثم توالت المشاهد الى ماقبل مغادرته السودان لمواصلة علاجه في القاهرة بساعات ، وقد إلتقينا بعدها مراراً وتكراراً في الخرطوم والقاهرة ، وكنا على تواصل مستمر ، لم ينقطع ، وعندما غادر العندليب زيدان إبراهيم رحمه الله إلى القاهرة للعلاج ، وكنت قد زرته في منزله بالحاج يوسف رفقة الفنان الرقيق صديق عباس ، الذي جاءني في الصحيفة لوداع زيدان ، وما كنا نعرف أنه الوداع الأخير .
ظل الراحل زين العابدين أحمد محمد ، ملازماً للراحل زيدان حتى آخر لحظة في حياته ، وكنا نتحدث إليه عن طريق الزين ، ورحل زيدان ، ولم يبق الزين بعده كثيراً .. دنيا .

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى