في تقريرخطير.. العملة الصغيرة… تلاشي بامر التضخم.. وفئات اصبحت لا تعد نقدا .. و”ربط” ال(٥٠) جنيها باتت بالوزن!!
تقرير : نجل الدين ادم
انهيار لا تخطئه العين، تضخم لا يقوى على مصارعة الواقع الاقتصادي وحال السوق المضطرب، انها مضاعفات تعانيها العملة الوطنية يوما بعد يوم حتى صرنا كما تلك الدولة الافريقية التى يحمل فيها المواطنيين الاموال على ظهر (درداقة) لشراء بعض المستلزمات، هذه ليس لسيت مزحة او سخرية وانما واقع تكشف لنا خلال مشوار البحث عن المصير المتهاوي للعملة المحلية، ولك ان تصدق ان تجار ببعض اسواق الخرطوم يقومون بوزن ربط فئة ال(٥٠) جنيها بدلا من عدها على نحو ما يقوم به موظف بكامل هندامة وربطة العنق الانيقة عبر ماكينة العد باي بنك!!
فبالامر الواقع وحجم التضخم المتوالي للعملة السودانية خرجت فئة الجنيه الورقي والمعدني اصحاب التمييز والتسمية للعملة السودانية دون ان يقف اقتصادي او مصرفي عند هذا الاختفاء المخل، تبع ذلك وبسرعة فائقة فئة الجنيهين الورقية من حيز التدوال، وبامر الشارع وسوق “الله اكبر” تبعتها فئة الخمس جنيهات لتخرج من قائمة الفئات المتداولة حيث لم يجد بنك السودان المركزي من سبيل في التعامل مع هذه العملة، الا بسياسة مغايرة لتلك التى نسمعها في الراديو “خرج ولم يعد”، لتكون “داخل ولم يخرج”، بمعنى كل ما يدخل للبنوك من فئة الخمسة جنيه يكون مصيره السجن المؤبد.
واقع اقتصادي مؤلم يصوره الانهيار المتوالي للعملة المحلية او العكس، بشكل اقل ما يوصف به مفارقات وغرائب،، اسئلة تفرض نفسها.. اين ذهبت العملة المعدنية، وهل اغلقت ابواب سك العملة السودانية الى غير رجعة ، وماذا تفعل هذا المؤسسة العريقة التى “صكت” العديد من العملات الوطنية على مر الزمان ولا تزال راسخة في ذاكرة من شهدوا الزمن الجميل.
لا يكاد يمر شهرا والا وتكون فيه احدى فئات العملات ضحية نتيجة لواقع تضخم الكتلة النقدية ونسداد افق التداول وتصبح في عداد الموتى لعدم تحملها مضاعفات الواقع الاقتصادي والسوق المفتوح، حيث لم تكن فئة الخمس جنيهات اخر شهداء الواقع المتردي والتى تم قبرها، دون ان تودعها الحكومة ممثلة في البنك المركزي بنعي رسمي “هذه الفئة لم تعد مبرئة للذمة”، بالامس القريب دخلت فئة العشر جنيهات هي الاخرى غرفة الانعاش من جراء مضاعفات الوضع الاقتصادي، بامر سوق الله اكبر وباتت ال(١٠) جنيهات فئة غير مرغوبة التداول، يرفضها الجميع، المواطن والتجار على حد سواء ، وفي جانب الاخر يبدو ان عمليات اعتقال غير معلن تتم لهذه العملة ولكن بنك السودان يتستر ، هذه الفئة ما تزال مبرئة للذمة ولكن بامر الشارع والسوق باتت في عداد الموتى
مرتبات ب”الشوالات”!!
يذكر الجميع تلك القفزة التي شهدتها مرتبات وعلاوات المعلمين في عهد وزير المالية في حكومة حمدوك الاولى د. ابراهيم البدوي وتلك الصور التي التقطت للمعلمين مبتهجين وهم يحملون المرتبات والعلاوات في الاكياس بدلا عن الجيوب في فرحة غامرة بالزيادة غير المسبوقة، مشهد صور للجميع ان اوضاع اقتصادية وردية ستحل على هذا البلد وستعم فيه الزيادات لكافة فئات العاملين، حلت تلك الفرحة اللحظية وما درى عامة الشعب انها كانت بداية الانهيار المتوالي للعملة الوطنية، وهنا يقول الخبير الاستراتيجي والاقتصادي معتز حسن ان انعدام التوازن ما بين زيادة المرتبات وواقع سوق غير منضبط هو ما اوقع العملة في فخ الانهيار، ويشير الى ان اي زيادة في مرتبات يتبعها زيادة في السوق ستكون بلا بمعني بل ستعمل على تضخم العملة بحيث تصبح الفئات الصغيرة بلا قيمة، وان على الحكومة ان تتلافى الازدواجية في قراراتها باعلان الزيادة وفي الجانب زيادة الرسوم والضرائب على السلع لان الحل الامثل في زيادات هو زيادة الانتاح والانتاجية وليس طباعة الاوراق والكتل النقدية .
قروش بالوزن!!
ويصور الخبير الصحفي سيبويه محمد نور في حديث خاص واقعا غريبا من خلال متابعته بان التجار لجاوا لوزن ربط القروش فئات الخمسين جنيه بدلا من عدها، باعتبار ان حساب الفئات مضيعة للزمن ، ويشير الى ان صفقات البيع والشراء لم تعد مربوطة كما كان في الماضي(شيك ولا كاش)، بل اصبحت مربوطة بفئات العملة، فاذا كنت من حاملي فئات العشرين او الخمسين فان عرضك قد لا يجد القبول.
حملة الفئات الكبيرة يحظون بافضلية عند الشراء!!
ويقول تجار التجزئة محمد عوض انهم باتو يواجهون مشكلة مع الزبائن بسبب العملات الصغيرة، فهم يتعاملون معنا كمستودع للتخلص فئات العشرة والعشرين جنيه ولكن عندنا نردها لهم يرفضونها، ويضيف ان ضعف هذه وصل الى حد اننا لا نقوم بعد وحساب هذه الفئات، ويشير الى ان العشرة جنيه باتت شبه منعدمة، وانهم عند الشراء بالجملة يجدون افضيلة في البيع اذا كانوا من حملة الفئات الكبيرة والعكس غير صحيح.
تلاشي مرتقب لفئة ال(٥٠) جنيه!!
وتقول الصحافية المعروفة والمحللة الاقتصادية رقية ابو شوك ان فئات ال (10) و (20) جنيه تلاشت تلقائيآ دون ان يكون هنالك توجيه او قرار من بنك السودان المركزي، الامر الذي يؤكد انها مازالت مبرئة للذمة وذلك الي حين قرار رسمي من تلبنك المركزي بالاستغناء التدريجي عنها
فالتلاشي بدون قرار يعتبر امرآ طبيعيآ حيث جاء في خضم انها اصبحت لا تفي بشئ في ظل الارتفاع المتصاعد للاسعار حتي وانها اصبحت معدومة في ايدي المواطن او حتي التجار.
وتشير ابو شوك الى ان هذا الانهيار جعل التاجر يستعيضون (باقي) مبلغ 20 جنيه قطعة واحدة من (اللبان) وهكذا،
اما فئة ال (10) جنيه فالمواطن لا يسأل عن (الباقي) اصلآ بل يقول للنجار عفيتها ليك لانها لا تسمن ولا تغني عن جوع
وبالتالي تلاشت هاتين الفئتين.
وترى ابوشوك انه وبواقع الحال ستتلاشى قريبآ جدآ فئة ال (50) جنيها خاصة وان معظم المصارف الآن بدأت تتخلص منها ودونكم مرتادي المصارف بان المبالغ التي يتحصلون عليها من المصارف مقابل الشيكات معظمها من فئات ال (50) مما يشير بانها هي الاخرى سائرة على نفس الدرب وقد تلاحظون حتي الاطفال لايقبلون بان نعطيهم من هذه الفئات
فى ارتفاع التضخم المتصاعد شهر بعد الآخر والذي يجئ نتيجة لارتفاع الاسعار خاصة مجموعة الطعام والشراب ذات العلاقة اليومية بالمواطن بالاضافة الي مجموعة السكن والتي اصبحت متصاعة ايضآ، وتضيف كل هذه الاشياء مجتمعة ادت الي ارتفاع التضخم وبالتالي ينعكس ذلك على التعامل مع الفئات الورقية المتدنية وربما في القريب العاجل ستدخل ايضآ فئة ال (500) جنيه اذا استمر الوضع بهذه الصورة التي نراها الآن
فالازمة الاقتصادية الطاحنة التي ضربت البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة القت بظلالها على كل مناحي الحياة، ليس الفئات النقدية فقط وانما اثرت ابضآ على الانتاج وتدنيه بسبب ارتفاع تكلفته، حيث اغلقت معظم المصانع وتوقفت عجلة انتاجها.
ويتوقع الخبير معتز حسن ان يزداد تضخم العملة الوطنية بشكل اكبر بحلول يناير المقبل من واقع ان زيادات كبيرة ستطرا على المرتبات وهذا هو المؤشر الاخطر الذي لم يصحبه تدبير وتوزان لواقع السوق من خلال احكام السيطرة عليها ويخشى حسن ان تصبح الزيادة القادمة موجة ثانية او متحور جديد لانهيار العملة.