القوات النظامية تعاملت مع المتظاهرين باحترافية ولكن خروجهم عن السلمية والتدمير رفضته الشرطة
قال الفيلسوف الصيني كونقوشيوس ان من يحكم بلدا مترامي الأطراف مثل الصين فليحرص على الجدية في سياساته ويضع الثقة في مواطنيه، ويقرب إلى مجالسه الأجدر والأعقل والسودان اليوم اشبه بالصين في تقاليد السلوك الاجتماعي وبعد ثورة ديسمبر المجيدة يحتاج الى القائد المنقذ لخروج البلاد من حالة التوهان الى الاستقرار والأمان وليس في حاجة إلى قادة يبحثوا عن مصالحهم الشخصية على دماء الشهداء.
يقول الرئيس الاسبق لجمهورية مالي عمر كوناري ان الشعب السوداني انطلق بافواج غفيرة متجاوزا النزعة الفردية والانانيات الضيقة، ليعانق السماء ويفتح لحكم الحرية والعدالة والسلام أرحب الآفاق، فلئن كنا ننحني إجلالا للحراك التاريخي للشعب السوداني فقد كنا مع ذلك يشفق على هذه الثورة من أن يجهضها القائمون عليها.
بالأمس تعاملت القوات النظامية بأحترافية مع المتظاهرين حيث سمحت للثوار بالوصول إلى القصر الرئاسي تهيئة المناخ السياسي لتأمين الانتقال السلس إلى نظام ديمقراطي واعطاء الغلبة للحس الوطني ومصالح البلاد العليا على ما عداها، وافسحت القوات النظامية المجال للمتظاهرين بالجلوس في محيط القصر الرئاسي للتعبير عن الحرية والسلام والعدالة ولم يتعرض المحتجين إلى مضايقات من قبل القوات النظامية حتى صلاة المغرب في الحدائق حول القصر ، ولكن مع غسق الليل تصاعد دعوات مشبوهة لاقتحام القصر والسيطرة عليه الأمر الذي أثار حفيظة الشرطة للتدخل الفوري للتعامل مع الحشد درءا لاضرار متوقعة على المؤسسات العامة.
يكشف الخبراء والمراقبون ان الكر والفر بين الشرطة والمحتجين جاء بعد ان طلب تنسيقيات ولاية الخرطوم جموع الشعب السوداني المتواجد في العاصمة المثلثة التوجه الى القصر فورا وإعلان الاعتصام حتى اسقاط اتفاق حمدوك والبرهان وتسليم السلطةللمدنيين، مما دفع الشرطة التدخل لفض المحتجين حول محيط القصر بالغاز المسيل للدموع،حفاظا على المؤسسات السيادية.
وقرر المتظاهرون بعد فتح الجسور التي اغلقها سلطات ولاية عشية الاحتجاجات حتى لا يتكرر إعتصام أمام القصر كما حدث من قوى إعلان الحرية والتغيير المعروف بالميثاق الوطني واجبار المكون العسكري تسليم السلطة للمدنيين لكن خاب فألهم حيث حدث كر وفر بين الشرطة والمحتجين حول محيط القصر حفاظا للأمن الوطني وسيادة الدولة من الاختراق.
واعرب عدد من الخبراء عن اسفهم لأنزلاق المتظاهرين الى العنف وتدمير البنى التحتية حول القصر الرئاسى واسوار حديقتى البرلمان والشهداء الأمر الذي لا يقبله عاقل بتدمير مكتسبات الشعب والمؤسسات العامة من اجل تحقيق اهداف ومصالح احزاب بعينها فالثورة تبني وتعمر ولا تدمر مؤسسات الشعب .