خطاب حمدوك .. رسائل في بريد الثورة
قال خبراء ومحللون سياسيون أن رئيس الوزراء الانتقالي الدكتور عبدالله حمدوك قدم خطاب ضافي بعث فيه عدة رسائل لتبرير فشله في المواصلة بمنصبه رئيساً لوزراء الثورة وبيّن الاسباب الحقيقية والتي حالت دون انجاز مهمته بعد أن حدد المشكلات بشكل واضح وقال المحلل السياسي موسى الطيب أن الخطاب اعطى ملخص للحالة السياسية الراهنة واستحالة استمرارها في ظل الخلافات السياسية الشاسعة والتي انعكست على الامن والاقتصاد والعلاقات الخارجية مشيراً الى أن خطاب حمدوك كشف بوضوح انسداد الافق السياسي ومحاولات مستميدة لإجهاض كل الحلول التي من شأنها أن تزيل تلك المعوقات
عدم التناقم
وكان رئيس الوزراء الانتقالي الدكتور عبدالله حمدوك قد تقدم باستقالته مساء الاحد في خطاب على الهواء مباشرة قال فيه أنه قبل التكليف بمنصب رئيس الوزراء في أغسطس 2019 على أرضية وثيقة دستورية وتوافق سياسي بين المكونين المدني والعسكري، وهو ما قام بالتبشير به كنموذج سوداني متفرد، إلا أن تلك الشراكة لم تصمد بنفس الدرجة من الالتزام والتناغم التي بدأ بها. وزاد على ذلك، الوتيرة المتسارعة للتباعد والانقسام بين الشريكين، الأمر الذي انعكس على مجمل مكونات الحكومة والمجتمع، مما انسحب على أداء وفعالية الدولة على مختلف المستويات. والأخطر من ذلك وصول تداعيات تلك الانقسامات إلى المجتمع ومكوناته المختلفة فظهر خطاب الكراهية والتخوين وعدم الاعتراف بالآخر، وانسدّ أفق الحوار بين الجميع؛ كل ذلك جعل مسيرة الانتقال هشة ومليئة بالعقبات والتحديات
الهجوم المفاجئ
واضاف الطيب أن توتر العلاقة بين الشركيين (المكون العسكري والمدني ) بدات بهجوم مباغت شنه قادة قوى الحرية والتغيير على المكون العسكري وصلت للمطالبة بعزل البرهان الامر الذي دعا الجيش لفتح بلاغات ضد عدداً من القادة بينهم وزير الصناعة السابق ابراهيم الشيخ ووزير مجلس الوزراء خالد عمر واخريين باتهامات بالتحريض وقضايا تتعلق بامن الدولة وقال الرجل ان المواجهة وقعت دون اسباب مقنعة وطرح رئيس الوزراء عدة مبادرات لتلافيها منها (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام) في يونيو الماضي والتي لم تجد آذاناً صاغية مشيراً الى ان الطريقة التي كانت تدار بها الدولة قبل قرارات 25 اكتوبر لم تكن مرضية لذلك انحاز حمدوك لقرارات البرهان واعتبرها مرحلة جديدة لتاسيس الدولة
الازمة الحقيقية
وقال حمدوك في خطابه (إن الأزمة الكبرى في الوطن، هي أزمة سياسة في المقام الأول، ولكنها تتحور وتتمحور تدريجيا لتشمل كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وفى طريقها لتصبح أزمة شاملة. لذلك وددت أن أخاطبكم اليوم لأنكم السلطة العليا بالنسبة لنا؛ بعد الله ثم الضمير الحىّ؛ ولأنكم أصحاب الأمانة الوطنية والثورية، وبكم نهتدى ولكم ومعكم نعمل سوياً بلا تراتبية ونحن نُؤدِّى معاً شعيرةً مقدسة .. اليوم الحصة وطن! وطن لنا جميعاً؛ شباباً وشيباً، نساءً ورجالاً)
حل الازمة
واضاف استاذ العلوم السياسية احمد محمد فضل الله أن الواقع يؤكد استحالة استمرار حمدوك بتلك الطريقة كما يشير لعدم استمرار اي حكومة قادمة في ظل احزاب داخل الحكومة ترجح كفة على الاخرى وتقود تظاهرات ومواكب ضد العسكر ورهن فضل الله استقامة السياسية السودانية بازالة هذه الاسباب واقناع البقية الباقية من الشباب بانهم يقودون البلاد الى الضياع بتلك التصرفات الصبيانية مشيراً الى ان حمدوك في خطابه قدم الحل قائلاً (إن الكلمة المفتاحية نحو الحل لهذه المعضلة المستمرة منذ أكثر من ستة عقود من تاريخ الوطن؛ هي الركون إلى الحوار في مائدة مستديرة تُمثٌل فيها كل فعاليات المجتمع السوداني والدولة؛ للتوافق على ميثاق وطني ولرسم خارطة طريق؛ لإكمال التحول المدني الديمقراطي لخلاص الوطن على هدىٌ الوثيقة الدستورية