محمد عبدالقادر يكتب في (علي كل) ..انقلاب حمدوك وتغييب الارادة الوطنية.. مبادرة فوكلر.. ( ورطة) القحاتة و(غفلة) العسكر!!
لا ادري هل كان دكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء المستقيل يري بعيني زرقاء اليمامة حين بعث بخطاب للامم المتحدة قبل عامين يطلب بعثة اممية لحماية الانتقال في السودان، ام ان الامر كان بداية لسلسلة من الخطوات التي تمنح الامم المتحدة غطاء و تفويضا مفتوحا للتدخل لاحقا في ادارة الشان السوداني..
تحضرني هنا المقولة التي خطها يراع الاستاذ فيصل محمد صالح مستشار رئيس الوزراء في سياق اعتراضه او تحفظه علي المشاورات التي اعلنتها الامم المتحدة لتصحيح مسار الانتقال في السودان حيث كتب:
(إنّ المداخل الخاطئة ستقود لنتائج خاطئة)، ولا ادري اين كان صوته واخرون في قوى الحرية والتغيير دعموا الخطاب الذي جعل الامم المتحدة شريكا تنفيذيا في ادارة الفترة الانتقالية بموجب قرار مجلس الأمن المنشئ للببعثة الاممية يوناميتس.. هذه الخطوة في تقديري كانت ( المدخل الخاطئ)، خطاب حمدوك كان انقلابا مبكرا ضد الارادة الوطنية ومثل مسلكا غريبا ومريبا وضع الفترة الانتقالية تحت رحمة مجلس الامن..
نعم المداخل الخاطئة تقود لنتائج من نوعها ؛ فقد عولت قوى الحرية والتغيير بمجلسها المركزي علي المجتمع الدولي في سعي منها للاستقواء به في مواجهة الشريك العسكري الذي يرحب بالمشاورات الاممية الان بينما يراها من هتفوا لها بالامس ( شرعنة) لما اعلنه الفريق اول عبدالفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي..
هاهو تجمع المهنيين وقوى اليسار ولجان المقاومة يقفون (الف احمر) ضد مبادرة المبعوث الاممي للسودان فولكر لدعم المسار المدني والتحول الديمقراطي وهم الذين هللوا ابتداء لطلب الدكتور عبدالله حمدوك تدخل الامم المتحدة لدعم الانتقال، يرفضون التدخل الدولي لانه يساوي بينهم والمكون العسكري في توازنات القوى المسيطرة علي المشهد ويعترضون عليه الان لا خوفا او حرصا علي السيادة الوطنية وانما رهبة من تقنين وضع المكون العسكري في ادارة الشان العام حتي الانتخابات وباعتراف دولي..
حمل خطاب حمدوك الذي بعث به للامم المتحدة في تلكم الفترة اعترافا مبكرا بالفشل في ادارة الدولة …ادخل الأمم المتحدة وبقرار من مجلس الامن (2425) فى رصد ومتابعة تنفيذ الإعلان الدستوري والفترة الانتقالية…وبالطبع فان اى بعثة يشكلها مجلس الامن تاخذ صلاحية كاملة للتدخل في شؤون ينبغى أن تكون داخلية غير قابلة للمساومة…
كان خطاب حمدوك مخجلا في فترة مبكرة من عمر الفترة الانتقالية، لم يات مستوعبا لتعقيدات وتقاطعات الواقع السودانى.. غاب عنه الاتعاظ بتجارب الامم المتحدة المماثلة والفاشلة ، قدم حمدوك مدفوعا بتاييد القحاتة بلادنا للاخرين على طبق من ذهب.. وهاهي (كريت القحتاوية) تجد في (جلدها الثوري) ما فعلته في ( قرض) السيادة الوطنية حينما ايدت ابتداء استقواء حمدوك بالمجتمع الدولي لتصفية حساباتها مع العسكر…
اذكر انني دفعت برنامجي في (قناة النيل الازرق) (حوار المستقبل) ثمنا لحلقة قدمناها تناولت خطاب حمدوك للامم المتحدة ، المخاطر والمالات – وبدلا من تدبر الروشتات والمعالجات التي انتجها البرنامج سارعوا لايقافه بعد ان ضجت كواليس الحلقة الساخنة بمهاتفات رافضة وغاضبة من الرشيد سعيد وكيل وزارة الاعلام انذاك واخرين…( سياتي اليوم الذي نفتح فيه هذا الملف).
اليوم وقد وقع (الفاس في الراس) وقصرت قامة الفاعلين الوطنيين عن التصدي لازمتنا الكبيرة في التوافق علي كلمة سواء تعصمنا عن الدماء والمواجهات والعنف هاهي الامم المتحدة تحزم امرها وتكمل مشهد التامر الكبير في محاولة للسيطرة علي سيادتنا الوطنية وتمكين مطابخ المخابرات العالمية من ادارة مصالحها علي النسق الذي تريد.. لاتصدقوا ان فوكلر لايملك وصفة جاهزة لفرضها علي الاطراف السودانية.. قال ذلك في المؤتمر الصحفي لكنه غير صادق.
نعم استدعي هنا مقولة مارتن لوثر كينح انه (لا احد بامكانه الصعود علي ظهرك ما الم تكن منحنيا) ، ولنعترف ان عمالة بعض ابناء جلدتنا وهوان السودان علي قياداته وساسته ونخبه هي التي جعلت مصيرنا الوطني نهبا للتدخلات الخارجية.
ما ينبغي ان نقوله الان ان الفرصة مازالت مواتية لتفادي تدويل شاننا وتسليمه للامم المتحدة وحاكمها العام فوكلر اذا صلحت النوايا وحل التفكير الوطني الرشيد مكان الاجندة الشخصية والحزبية وانتماءات العمالة المدفوعة..
كل تجارب الأمم المتحدة جاءت فاشلة وحملت اجندة خبيثة ، سنعيد في السودان ماحدث بتيمور الشرقية وسوريا والعراق واليمن، كل التجارب الاممية في هذه الدول لم تجلب خيرا لطالبي الخدمة، العكس تماما ستتازم المشكلات وتمضي الي بيروقراطية اممية متضخمة تعتاش على فشلنا في حل مشكلاتنا ، وفي النهاية لن نجد الوطن.
علي القوى الثورية والعسكرية التعقل في التعامل مع هذه المبادرة، الشارع تلزمه لغة جديدة بعيدة عن اللاءات المغلقة، وعلي العسكريين عدم الاندفاع في الترحيب المطلق وتجاوز مربع الغغلة .. فليس كل مايلمع ذهبا.
لن نرفض اي دعوة للتشاور ولكن لابد من الوقوف ضد الحلول الجاهزة التي تفرض بقوة التدويل ونفوذ الطامعين، نرحب (علي مضض) بالامم المتحدة لجمع السودانيين علي مائدة حوار ولكن بالطبع ينبغي ان نرفض اية حلول جاهزة ومعلبة لا تستوعب تعقيدات وظروف المشهد السودانى.. علي الجميع تحديد اطار وخطوط لا تتجاوزها مساعي فوكلر، والسعي لانقاذ قرارنا الوطني من الاختطاف ، واستباق المطامع الدولة باختراق ينهي الشعارات العدمية ويفتح الباب لحوار متكافئ ووطني حر ، ما يمكن ان يؤخذ من مشاورات فوكلر هو تحديد المجتمع الدولي للفاعلين في المسرح السياسي الان.. اذا ليس بامكان طرف اقصاء الاخر .