د. عمر كابو يكتب في (ويبقى الود) .. بيان محترم
انطلاقاً من كونه الحزب الأول من حيث شعبيته الجارفة وتأثيره المباشر والكبير وحضوره الدائم الوثيق إعلامًا ومشاركة وفاعلية سارع المؤتمر الوطني إلى إصدار بيان حدد فيه موقفه من دعوة فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة يونيتامس والتي أعلن فيها اتجاهه إلى إطلاق عملية سياسية تتولى الأمم المتحدة من خلالها إجراءات لاستعادة ما سماه مسار التحول الديمقراطي..
لقد طالعت البيان ووقفت عليه من عدة محاور فمن حيث الشكل فقد جاء محكم الصياغة قوي العبارة استطاع أن ينفذ إلى الفكرة بكل سلاسة وسداد وموضوعية ،و أما من حيث الموضوع فقد ركز البيان وحصر موضوعه في ثلاث زوايا مهمة أولاها مبادرته إلى إعلان اعتراضه القوي من حيث المبدأ على وصاية الأمم المتحدة على السودان وهو موقف يحسب لقيادة هذا الحزب الرشيدة التي ترفض أي مساس بسيادة البلاد أو المساس بهيبة الدولة أو الانتقاص من جلال وهيبة الشعب السوداني الذي له سجل خالد ومشرف وعتيق في التسويات والمساومات السياسية ما يؤهله لأن يعبر بالبلاد من أزمتها الماثلة دون حاجة إلى أي شكل من أشكال التدخل والوصاية سيما أن التدخل السابق قاد لتقسيم البلاد إلى فسطاطين دولة في الشمال ودولة في الجنوب ومن هنا فإن وعي قيادة المؤتمر الوطني ووطنيتها الحقة جعلها ترفض هذا التدخل رفضًا باتًّا وتحرص على أن يكون الحوار سودانيًّا محضًا محصورًا في مكونات المجتمع السوداني بعيدًا عن الأجندات الخارجية التي ما أورثت الدول العربية غير الصراع والاحتراب و التنافر الحاد الشديد..
أما الزاوية الثانية فقد فضح البيان منهج التآمر الخفي الذي ظلت تتبعه المخابرات الأجنبية بدعمها ومساندتها للعنف من خلال تعاميها الظاهر عن عنف المتظاهرين وجنوحهم الواضح إلى استخدام القوة المفرطة ضد القوات النظامية حتى وصل عدد الجرحى والمصابين في أوساطها أرقامًا فلكية بل تجاوزه إلى الموت وعدد كبير منهم تم احتسابهم شهداء وطن وواجب وهم يدافعون عن ممتلكات الشعب ومقدرات الوطن..يتم ذلك دون أن يفتح الله على الأمم المتحدة أو إحدى منظماتها الإجرامية بكلمة إدانة واحدة في مواجهة حماقة المتظاهرين وهم يوسعون قواتنا النظامية ضربًا وشتمًا و إيذاءً وقتلًا..
لكن أقوى مافي البيان هو ما عبرت عنه زاويته الأخيرة، والتي أكدت رفض المؤتمر الوطني لمنهج التعالي و الصلف الذي ظل سمة مميزة لتعامل هذا المبعوث الأممي الشيطان ومحاولته إقصاءه من أي مفاوضات أو ترتيبات قادمة ..
في تقديري استطاعت قيادة الحزب أن ترسل رسالة واضحة بأنه عسير على أي جهة مهما علت أن تتجاوز المؤتمر الوطني بوصفه حزبًا له إسهامه وقيادته وجماهيره وإمكاناته وتاريخه وتواصله وعلاقاته؛
إلا إذا أراد هذا المبعوث الأممي الشيطان أن يواصل سعيه الحثيث في إشعال مزيد حريق في الساحة السياسية على نحو ما فعل في العراق وسوريا والصومال؛ فإن المؤتمر الوطني سيلعب دورًا كبيرًا في تعبئة الشارع ليس ضد مبادرته فقط وإنما ضده شخصيًّا وسيطرد حينها شر طردة رغم أنف حمدوك الشيوعي الذي جاء به و فرضه علينا فرضًا دون مشاورة لأحد ..
أقول قولي وهذا جازما بأن البلاد مقبلة على تصعيد خطير إن لم تخلص أطراف العملية السياسية إلى وطنها فسيكون ذلك مدخلا سريعا لتقسيم البلاد وتفتيت وحدتها وربما تلاشيها٠