كمال علي يكتب في (بلا ضفاف) .. ابك ياوطني الحبيب.
موجع جدا أن يتبدد شمل وطن نحبه ونهواه ولو (ادعاءا) ومن منا لا يحب مدارج الطفولة وملاعب الصبا وزهو الشباب ومراتعه وصولا الي الكهولة والشيخوخة… من منا لم يطو ضلوعه على محبة هذا الوطن الذي اسمه السودان والذي شيد مجده الجدود بالجهد والعرق والنضال والتضحيات ومن ليل الأسى ومر الذكريات.
وطن فخيم شاسع مترامي الأطراف ذو تاريخ ومجد وهامة وشامة وعلامة وقيمة مضافة الي اوطن الدنيا وبلاد الله.. شعبه كان حتى حين أكرم وأفضل شعوب الأرض وابرها بالاوطان… سيرته العطرة وصيته السمح غمر كل الدنيا وتماسك نسيجه الاجتماعي كان مضرب الأمثال ومهوي اهل الدنيا ان يكون لهم وطن في قامة وطننا… فكيف بالله نبدد كل ذلك ونعبث بالارث والتقاليد والتاريخ وماضي الذكريات ونسلم الوطن الي مهاوي الردي ونشيعه الي مثواه الاخير.
كل مايحدث ويجري على ارضنا من احتراب واقتتال وتشرذم بفعل أبناء الوطن عسكريون كانوا ام مدنيون…. لا نستثني أحدا.. َلانه لا أحد قلبه على هذا الوطن الذي يتمزق وتنتهك حرماته وتستباح دماؤه وارضه وعرضه وأمنه ومستقبله….فاين المفر بعد أن انفض السامر وتفرق الناس ايدي سبأ وتلقفتهم المهاجر والمنافي والفيافي وتخطفتهم المصارع.
الان الشارع مخيف و(مترس) والدوشكا والبمبان والهراوات على اهبة الاستعداد للفتك… الازمة تحدق بمفاصل البلد وتفاصيله… ورهق الحياة اليوماتي يمسك بتلابيب الناس ونذر الحرب الأهلية تلوح في الافق ويدق نحاسها ووطبولها وينفخ بوقها وغراب البين والخراب يصيح والبوم ينعق و(غيم المني الشايل تسوقو الريح ويتفرق) ولا عاصم للمواطن ولا ملاذ…
كلما انفتح باب للأمل يسد فورا بفعل الاعاصير الهوجاء والتصريحات الرعناء من قادةوسياسيين لا تهمهم الا المناصب والمحاصصة ونيل المكاسب… فهل من كاسب او منتصر اذا تمزق الوطن وتفرق شمله… َالله المستعان.
الطاقة الايجابية لدي المواطن السوداني تبددت ادراج الرياح وسيطرت السلبية والأنا ومن بعدي الطوفان… والناس في بلادنا يلوكون الصبر حتى ضاق بهم ذرعا ولا فرج يلوح ولا منجاة ترجى.
كنا دايما نحيا على (الأمل) ونردد دوما (مااضيق العيش لولا فسحة الأمل) لكن الآمال لم تجدا لها منفذا لترافق الطموحات وتواكب الحياة وتدفع الي الأجمل والأفضل… فكل شي الي هباء…
انهارت الخدمة المدنية وتلتها الخدمة العسكرية وتدمرت المنظومة الصحية والتعليمية وتدهور اصحاح البيئة وعلاقاتنا الخارجية في الحضيض والتبعية والمواطن أصابه الاعياء والدوار من فتك الفقر والانهيار الاقتصادي وهوان العمله والغلاء الطاحن الذي يفتك بحياته… ولقد اسمعنا ان نادينا حيا.. َولكن لا حياة ولا حياء لمن ننادي.
ضاع مع الذي يجري الان زمن الوسامة واختفي الفرح العلامة.. َفقدنا الأمل والصدق والاخوة وانكفأنا على ذاتنا واسلمنا النفس الي الكورونا واللصوص والدهماء وقطاع الطرق وشذاذ الآفاق.
ماذا تبقى من مستقبل الوطن اذا كان شبابه وحماته ومستقبل اجياله يقتلون على قارعة الطريق… بلا رحمة وبدم بارد.. ماذا بقى من مشهد (سوريا وليبيا والصومال ولبنان واليمن)… ماذا تبقى من عظات وعبر… لأجل ماذا كل هذا القتل وهذا السحل وهذا الترويع والتهديد والتجويع والمهانة. إنفرط عقد الأمن والأمان وفي القلوب استوطن البغض والكراهية واقصاء الاخر ومات الحب والأمل والوطن يئن ويرزح تحت وطأة القيد وقريبا البند السابع يكبلنا ويسلب خيرنا ورزقنا.
الوطن الان يغلي فوق مرجل ساخن ويقعد على اللهب وفلذات كبده في غيهم يعمهون وفي ضلالهم سادرون ولا عاصم من الغرق الا ان يخرج رجل رشيد ويقول انا ذا… انا لها… فاين هو؟؟ واين العزيمة وهوي الأوطان والصبر والجلد..
وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني اليه في الخلد نفسي.
ونعود.