د. عمر كابو يكتب في (ويبقى الود) .. مبادرة الخسة بعيون حركة المستقبل!!
مشاعر مختلطة حاصرتني وأنا أيمم وجهتي مركز الحكيم مشاركا في المنبر الإعلامي الذي أقامته البارحة أمانة الإعلام بحركة المستقبل للإصلاح والتنمية وهي تفتح فضاء واسعًا لنقاش جدي حول مبادرة بعثة ((اليونتاميتس)) بغرض بلورة رؤية تخرج البلاد من أزمتها الماثلة منذ ذهاب حكومة البشير فقد كثرت الفتن وتفرقت الأهواء وغلبت الأطماع واختل الأمن وتخلت النخب عن أدوارها وعاش المواطن المحنة والألم وعسر التكيف والقهر السياسي..
حين وصلت المركز كان كل شيء معدًّا بعناية فائقة فحركة المستقبل للإصلاح والتنمية وطنت نفسها منذ النشأة على أن تبرز للناس حركة ثابتة كالأشجار همة عالية لم تخضع نفسها لقوالب جامدة تعيق نشاطها أو تعرقل خطواتها بغية الوصول إلى أهدافها بسهولة ويسر دون تمحل..
حيث بدأ البرنامج في الزمان المحدد فكان أول المتحدثين السفير والمحامي الدكتور سراج الدين حامد وافر العقل عارف باللغة مجود للمواثيق الدولية ليشد الانتباه منذ اللحظات الأولى وهو يدخل مدخلًا مختلفًا بأن الموضوع ليس فيه ما يجذب في وجود مواضيع أخرى أكثر إثارة و اهتمامًا مثل قضية المعتقلين السياسيين لكن وعلى طريقته الخاصة نقل المنبر لفذلكة تاريخية لدخول بعثة الأمم المتحدة والتي دخلت بموجب البند السادس دون أن تصدر أي جهة رسمية قرارًا يخول لها الدخول سوى دعوة تمت من حمدوك شخصيًّا والذي لم يشاور المكون العسكري ولا حتى مجلس وزرائه ليختم حديثه بالإشارة إلى أن بعثة اليونتامس جاءت لبرنامج محدد وتحركات رئيس البعثة تثبت ذلك يكفي أنه شخص غير محايد والدليل أنه طالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بعد الخامس والعشرين من ديسمبر مما يؤكد أنه ينطلق من تصنيف عقدي يخالف ميثاق الأمم المتحدة٠
أتيحت الفرصة من بعده للسفير الدكتور محمد عبدالله سفير السودان الأسبق بإسبانيا وبعلم أصيل واسترسال لا أثر للكلفة فيه بدأ من حيث انتهى الأول حيث وضح أن البعثة الأممية جاءت بتفويض محدد لا يقبل التوسع فيه وهو المساعدة على التحول الديمقراطي وهذه كانت تتطلب أن يحصر فولكر نفسه في هذا (المانديت ) ولا يخرج عنه بأن يعمل على المساعدة فقط في وضع قانون الانتخابات وتكوين مفوضيات العدالة والانتخابات وإجراء تعداد سكاني ثم تعزيز حقوق الإنسان..ثم أشار السفير الدكتور إلى الانتهاكات الكبيرة في ملف حقوق الإنسان من لجان إدارية ضاربًا المثل بلجنة التمكين التي سجنت وعذبت وصادرت أموال المواطنين دون وجه حق أومسوغ قانوني ورغم كل ذلك صمت فولكر وغض الطرف عن تلك التجاوزات والانتهاكات ليختم حديثه بأن فولكر صنف الشعب السوداني بحسب العرق واللون حين حصر أصحاب المصلحة في أحزاب صغيرة ليس لها وزن ولا شعبية ولا ثقل فقط لأنها تتفق معه في مشروعه العلماني الإقصائي محذرًا من أن هذا التصنيف لما فيه من مخالفة واضحة للمواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية..
المتحدث الثالث مهندس غاندي معتصم رئيس التيار الطريق الثالث صاحب طرح جاد منطقًا وسدادًا فقد شرح واقعنا المعيش والذي انتقل من مرحلة الفشل إلى مرحلة اللادولة ومايحاك بنا من مؤامرات منبهًا لأهمية موقع السودان الجغرافي ووجوده في قلب القرن الإفريقي جعل منه منطقة استقطاب وتجاذب دولي حاد ولذلك لم يكن غريبًا أن يصدر بشأنه سبعون قرارًا أمميًّا بعد ذلك أشار إلى أن فولكر نفسه لايتمتع برضا أوروبي ولذلك فشل في استقطاب أي دعم للبلاد داعيًا إلى ضرورة أن (ندير قضايانا لوحدنا) حتى نتجاوز المعضلة السياسية التي أوصلتنا إلى هذا الوضع الاجتماعي والاقتصادي المأزوم والمعقد..
ولقد كان الختام مسكًا بحق حين تحدث الدكتور ناجي مصطفى الأمين السياسي لحركة المستقبل للإصلاح والتنمية إذا أنه قد منح الحضور من نفيس الرأي قولًا أصيلًا ونقدًا سديدًا برأس مرفوع وأمل وثيق حيث ثمن كل جهد ينقذ الوطن ويسهم في حل المشكل شاكرًا لكل مسعى يتحمل مع السودانيين العبء ثم دلف باذلا النصح قولا
لأصحاب المبادرة أن نجاحها يحتاج إلى شيئين الأول ضرورة تشكيل حكومة جديدة متفق عليها والثانية وجود نظام سياسي متفق عليه من الجميع لكن أهم من ذلك ضرورة الفصل بينهما بحيث يجب أن يناقش كل واحد على حدة وعدم الخلط بينهما مشيرا بوضوح بأنهم مع كل مبادرة تتسق وتتفق ولا تتقاطع مع القوانين والمواثيق الدولية ليلخص زبدة المنبر حين دعا لتجاوز الدعوة من الوفاق الشامل إلى الدعوة للتوافق في الحد الأدنى من المتفق عليه بحسبان أن الوفاق الشامل فكرة جميلة ولكنها مثالية يتعسر تطبيقها واقعًا ،ولكن الاتفاق على الحد الأدنى فكرة واقعية يمكن قبولها وهضمها والتراضي عليها من قبل الجميع..
كانت فرصة التعقيب من نصيب المحامي الدكتور هاني تاج السر صاحب منطق صحيح يدل على عمق إطلاع و نزوع إلى الثقة والابتكار ففي مداخلة استكملت حظها من الجودة والقياس المنطقي أكد أن المبادرة لم تراع حقوق الإنسان وجاءت انتقائية اجتهد فولكر في إقصاء أحزاب بعينها منبهًا لملاحظة أن فولكر لم يتعرض مطلقًا للانتخابات بالرغم من أن حدود تفويضه يحمل التحول الديمقراطي مما يعني ضرورة إجراء الانتخابات لكونها استحقاقًا يمهد الطريق للحكم المدني..
خرجت بانطباع قوي أن الشعب السوداني شعب مثقف وواع ذاك مالم يدركه فولكر وسيصطدم بهذه الحقيقة المرة وحينئذ سيكون أمامه خياران لا ثالث لهما فإما أن يغادر البلاد مستقيلًا لعسر المهمة،أو أن يغادرها بنفس طريقة سلفه غردون باشا فإنا من أمة لها ميراث وتاريخ وقصة نضال طويل وكفاح ضد المستعمر و لسوف يرى
شكرا جميلا صديقي ياسر الفادني فقد أهديتني لحظات من المعرفة٠