هاجر سليمان تكتب: حول حوار البرهان
سبق أن قلنا إن الإعلامى لقمان أحمد لم يتمكن من إدارة الحوار ببراعة مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وإن عدم نجاحه في ذلك يحسب ضده، حيث استطاع القائد التخلص من مصيدة الإعلامى بسهولة مستخدماً كافة التكتيكات العسكرية ومطلقاً إجابات فضفاضة وباهتة وغير شافية، وكانت إجاباته في حد ذاتها عبارة عن استفهامات كبيرة.
وتحدث رئيس مجلس السيادة عن العلاقة مع اسرائيل، وكان حديثه بكل أريحية وكأنه يتحدث عن العلاقة مع السعودية أو مصر أو أية دولة، متجاهلاً أن اسرائيل تعد من أسوأ الخيارات التي اختارها المجلس السيادي في تاريخه، لاسيما أنها حتى الآن تحسب من ألد أعداء المسلمين، ومازالت مواقف العديد من الدول ثابتة إزاء العلاقة مع اسرائيل التي تعتبر بمثابة سرطان يدمر الخلايا ويتلفها دون علم، وحديث البرهان عن مساعدات اسرائيل واسهامها في ضبط خلايا متطرفة يعتبر حديثاً غريباً، وكان من المفترض وقتها أن يطرح لقمان أسئلة عن كيفية إتمام ذلك النجاح، وكيف فجأة اهتمت اسرائيل بأمن السودان والمنطقة، اللهم إلا إذا كانت هي من صنع تلك الخلايا الإرهابية، وإسرائيل وعشيقتها أمريكا هما الدولتان الوحيدتان اللتان بإمكانهما صنع الإرهاب وزراعته في أية دولة، ولسنا بحاجة للتذكير بمن تورط فى صناعة (داعش) ومن قبلها تنظيم القاعدة وحزب الله وبوكو حرام، والعديد من الخلايا الإرهابية المنتشرة في العالم.
ومن غرائب الحوار الباهت أن البرهان يقر العلاقة مع اسرائيل ويتمسك بها ويؤكد بشدة على أهميتها، دون أن يذكر أية فوائد جناها السودان من تلك العلاقة المشبوهة. والغريب أن البرهان يتمسك بمصالحة بنى يهود ويتشدد في حظر حزب المؤتمر الوطني والإسلاميين ومشاركتهم في الحكم، ولسان حاله كمن (حرم الشربوت وأباح الخمر)، فهل لمستم المتناقضات في حوار البرهان بتلفزيون السودان الذي أعتبره أنا شخصياً حواراً باهتاً ما كان ينبغي أن يجري من الأساس، اللهم إلا إن كان في سياق الظهور الإعلامي.
أما حديثه عن فولكر وأنه وسيط لا ينبغي له إطلاق المبادرات، فهو تصريح ناقص ويعيق الذهن، وكان من المفترض أن يسأل البرهان عن آلياته وإجراءاته التي اتخذها للحد من تحركات الرجل، ولماذا لم يقم المجلس السيادي باتخاذ إجراءات ومخاطبات دولية لتدعيم موقفه وطرد بعثة فولكر واتخاذ خطوات قانونية حيال من طلب حماية أممية؟
ولماذا لم يتناول الحوار جوانب التشكيلات الوزارية التي اتخذها أخيراً؟ ولماذا لم يتعمق المحاور في الكثير من الأسئلة التي ستكون جاذبة للحوار؟ فيا ترى هل فات على لقمان كل تلك الأسئلة لمحدودية الأفق رغم طول سنين الخبرة؟ أم أنه تلقى تحذيرات مبكرة قبل بدء الحوار؟ وفي الحالتين كان بإمكانه الاعتذار عن الحوار الذي لا يشبه إعلامياً بقامة لقمان، كما أن الإجابات لا ترقى لمستوى رئيس مجلس سيادة، وبدا لي كأنها أسئلة مكتوبة مسبقاً ومدروسة ومحفوظة.
بصراحة كل الأسئلة باهتة وكل الإجابات نموذجية ومحفوظة مسبقاً، ولا علاقة لها بواقع الحال، ويا ريت تاني لو قرر تلفزيون السودان إجراء مثل هكذا حوار، أن يأتي بمحاور جيد يعرف كيف يحاصر ضيفه وكيف يستخلص إجابات حقيقية تعبر عن حال البلاد.
الانتباهة