أمل ابوالقاسم يكتب في ( بينما يمضي الوقت) .. عن معاداة المؤسسات الأمنية ( الوطنية ) اتحدث
ما زال تجمع المهنيين الذي يقيم معظم أعضائه في بلاد العم حام، إلى جانب الحزب الشيوعي وبعضا من (أربعة طويلة) الذين فقدوا ارضيتهم وظلوا الأعلى صوتا ويدا في دفع الشباب للشارع بهدف استعادة السيادة والكراسي من العسكر وليس إبعادهم من العمل السياسي ودحرهم ليتفرغوا لمهامهم العسكرية كما يروجون عبر بياناتهم اليومية، في حين ذهب بقية التنفيذين وفي مقدمتهم رئيسهم لحال سبيلهم وشقوا طريقهم سوى بالعودة لعملهم السابق أو طرقا أخرى.
بينما ظل هولاء كما أسلفت ينفقون في بوق وقربة أظنها (مقدودة) والعسكر يمضون في قراراتهم ويديرون الدولة فعليا وكأن ليس هناك من يخرج أو ينادي بابعادهم، فقط يردهم بأن هلموا للجلوس والتحاور، وعدا ذلك فامضوا في طريقكم و( قشة ما تعتر ليكم) أو كما اعتقد انه لسان حالهم.
لو كنت مكان هولاء الشباب وبينهم أولادي لخرجت للشارع ونظمت صفوف الاحتجاج نحو أهداف أكثر موضوعية تهم البلاد والعباد في آن ولا تخدم فئة محدودة ذات مصالح شخصية فقط وهو أمر لا تتناطح فيه معزتان.
لكن المؤسف أن هؤلاء وآخرين رسخوا في أذهان الشباب أمر واحد فقط هو كراهية الأجهزة الأمنية بلا استثناء حتى الشرطة التي كانت والى وقت قريب مقبولة لديهم ناصبوها مؤخرا العداء وهذا ما لم يحدث على مر التاريخ السياسي – اي عداء الأجهزة الأمنية بهذا الشكل_ أما الجيش وجهاز المخابرات الوطني فقد كان له نصيب الأسد من هذا الغبن المزروع في المخيلات.
ودعوني اركز على جهاز المخابرات الأكثر أهمية في تأمين البلاد على كافة الصعد سيما في هذا التوقيت والبلاد باتت سوقا رائجة للعملاء والمأجورين ومخترقة من كل حدب وصوب، فضلا عن معاناتها من هشاشة أمنية لظروف معلومة أفضت لفوضى واضطرابات على كافة أنحاء البلاد.
لا احد يزايد على أن الجهاز في فترة ما مارس أبشع أنواع الظلم والتعسف، وارتبط اسمه وقتها ببيوت الأشباح التي شوهت صورته بفضل الممارسات الخاطئة للأنظمة القمعية،وهذه الممارسات التي ارتبطت بالنظام البائد جعلت الهيكلة وحل الجهاز أهم مطالب ثورة ديسمبر، ولعمري هو مطلب مشروع والكثيرون تأذوا نفسيا وجسديا.
قلت إن صحيح كل هذا حدث وشوه صورة الجهاز في أعين الشباب لكن اعتقد أن ثمة استجابة واسعة حدثت للمطالب بهيكلته ورغم أن من ضمنها حصره فقط في جمع المعلومات إلا أن هناك أمور معني بها لا يمكن تجاوزها من أجل المصلحة العامة وليس أفراد، لكن ومن أسف أن كانت وما زالت هنالك أصوات من أصحاب الأجندة والاغراض الرخيصة تعلو مطالبة بتفكيكه بل حله رغم أنه ركيزة أمنية أساسية اسوة بكل دول العالم، ومن المفترض أن نفخر بأن جهازنا أحد أقوى أجهزة المخابرات في افريقيا ،بل وادواره في أهم وأكبر القضايا التي تحققت برفعه اسم السودان من قائمة الإرهاب كما أشار لذلك رئيس الوزراء السابق الدكتور عبدالله حمدوك عند حديثه عن جهود منسوبي الجهاز بالخارج في رفعه من القائمة السوداء، إلى جانب جهات ذات صلة، فضلا عن حديث رئيس مجلس السيادة الذي قال بالحرف نهاية العام المنصرم ( لو ما الجهاز دا نحن حنقع في أول حفرة) وربما هذه النعمة هي التي تسببت له في النقمة بمحاولة إضعافه لتحقيق أجندة معلومة.
المهم في الأمر وكما أسلفت أن أدوار الجهاز خلال الفترة الانتقالية سيما في الظرف الاستثنائي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني الذي تمر به البلاد مطلوبة، وللجهاز خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب ،ورتق النسيج الاجتماعي والمصالحات القبلية ، والمكافحة والتوعية بالمخدرات ،والمساهمة في التنمية الاقتصادية، وغير ذلك الكثير من الانشطة، ونتمنى أن يكون أكثر فاعلية في ظل قيادة مديره الجديد الفريق أول أحمد إبراهيم المفضل لم له من قدرات ذات صلة كونه تولى هيئة المخابرات الخارجية، وهيئة الأمن المركزي، إلى جانب شغله نائبا للمدير العام.
اعلم تماما أن كل من يثني على الأجهزة الأمنية فهو مارق ومرتزق وخائن ولاعق بوت وغير ذلك من الترهات التي ينعت بها من يقف مؤيدا لهذه الأجهزة القومية . نعم ننصرها كمؤسسات وطنية صرف النظر عن من يقف على سدتها ، ولدينا الكثير من التحفظات الموضوعية نحوها نتمنى أن ينتبه إليها القائمون على أمرها إن أرادوا كسب صوت الشارع والثوار ،لكن طبعا بالحد المعقول الذي يخدم مصلحة البلاد وليس أفراد.
الضرورة تقتضي أن نقف على كل ما من شأنه أن يفضي إلى استقرار البلاد، ونتفق مع صوت الشارع على بعض المؤاخذ المخلة التي تستخدمها الأجهزة الأمنية لكن ليس للحد الذي يدفع لمعاداتها بهذا الفجور.
كما نتمنى أن ينصلح حال البلاد كيفما يتفق حتى نلحق بركب الدول التي نسير نحوها بصورة عكسية.