ضرورة التوافق السياسي لوقف التدهور والانهيار الاقتصادي بالبلاد
تحولت الندوة التي حملت عنوان “التضخم وآثاره الاقتصادية والاجتماعية” التي اقيمت بجامعة الخرطوم (إلى منصة لتشريح أزمات الاقتصاد السوداني وأسبابها، مما أدى إلى انقسام المشاركين حول الورقة الرئيسة التي حذرت من تأثيرات الأزمة الاقتصادية الكبيرة، ومطالبتها بتحقيق استقرار سياسي ووقف الحرب لإنقاذ الاقتصاد). واتفقت آراء جميع الخبراء في ان عدم وجود الحوار الوطني والمجتمعي مابين المكونات السودانية مثل احد اهم اسباب المشاكل التي تهدد وماتزال الاقتصاد السودانيوتعمل علي انهياره الوشيك!
وتمحور النقاش في التواضع بين الجميع علي ان الازمة سياسية بامتياز! وأسبابها سياسية أيضا؛ نتيجة لصراع احزاب “قحت” حول السلطة واحتكارها واقصائها للاخرين؛ وعدم اتاحتها الفرصة وتهيئتها الأجواء لمصالحة وتوافق حقيقي بين مكونات المحتمع، نتبجة للاثرة والمحاصصات حول السلطة؛ حتي اشتكي بعض تياراتها من الاقصاء! وشاب مجمل التجربة السياسية العديد من المآخذ طيلة الفترة الماضية من عمر الحكومة الانتقالية؛ الي ان قاد التشاكس والخلاف مابين احزاب وتيارات الحاضنة السياسية للحكومة؛ رئيس مجلس الوزراء الانتقالي أنئذ حمدوك لاطلاق ثلاث مبادرات من اجل الوصول لتوافق سياسي! كلها فشلت امام صخرة الرفض وانسداد الافق امام العملية السياسية بالبلاد؛ حتي قادته في نهاية المطاف الي التهديد بالانسحاب من المشهد السياسي للبلاد لتعذر اداء مهامه نتيجة للصراع الذي تعيشه هذه الاحزاب! حتي وصل الامر مرحلة اضطر فيها الجيش للتدخل واصلاح المسار في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي!
اتضح ان الانهيار الاقتصادي احد تجليات الازمة السياسية المستحكمة بالبلاد نتيجة عدم التوافق حول الحد الادني مابين المكونات السودانية، ولم يكن سوى عرضا للمرض الرئيس وهو انسداد الافق السياسي نتيجة لعدم قبول الاحزاب بعضها البعض؛ ومحاولة كل حزب الحصول علي اكبر مساحة من السلطة والغنائم المتعلقة بها! بعيدا عن الاهتمام بحاجات الناس وقضاياهم الاساسية مهما تفاقمت مضاعفاتها علي اوضاعهم المعيشية! واي فشل اداري او ضعف في الاداء الحكومي فاقم ايضا من الانهيار الاقتصادي؛ كان نتيجة لهذا الخلاف السياسي الحاد مابين مكونات الفترة الانتقالية والمواقف الصفرية التي تمترست حولها! دون ابداء اي بارقة من امل حول سبل الحل او التفاوض لتجاوز حالة الاختناق التام الذي تعيشه الاوضاع السياسية بالبلاد!
يري الخبراء ان الاحزاب والتيارات السودانية رغم تفاقم الاوضاع الاقتصادية وتوقف العملية السياسية؛ ماتزال تزايد مرة اخري؛ من خلال اغراق الواقع بكثرة المبادرات التي اصبحت “موضة” والهاء جديد! حتي اصبح اي حزب او تجمع يتأبط مبادرة ويمشي بين الناس مطالبا الالتفاف حولها! علي رغم ان الجميع توافق حول مبادرة “اليونيتامس والاتحاد الافريقي” من خلال توافق الجميع حول العملية الاممية بمشاركة الاتحاد الافريقي واتجاه المجتمع الدولي الي المضي قدما للشروع في العملية التفاوضية من خلال المنبر الاممي الافريقي؛ كمسهل وميسر للتشاور مابين الاطراف السودانية!
هاهي تتفتق عبقرية الاحزاب في تعويق مسار التحول الديموقراطي والتوافق السياسي من خلال استخدام المبادرات نفسها لقطع الطريق امامها!؟ وكل ذلك لان اغلب هذه التيارات لايري مصلحته في التهدئة والوضع الطبيعي؛ لانه سوف يكتشف حينها انه لايملك اهم عناصر التفوق السياسي في لعبة الديموقراطية! وهي الجماهير والقاعدة الشعبية التي تسنده وتسند برامجه الانتخابية! لهذا نجد مثل هذا العبث في المشهد السياسي من خلال نفس ادوات المعالجة والحل “المبادرات” واستخدامها لمزيد من ادارة امد الازمة بدلا من حل الأزمة!!