فشل قابل للتكرار السوكي٠٠ نكبة مشروع
السوكي- حسن حميدة
“صرفت مليارين وتمنمية مليون جنيه على أربعة حواشات قطن ما جابن تمانيةقفف واتعوضت الله وفكيت فيهن البقر” كلام لأحد مزارعي السوكي وهو يحدث رفيقي المهندس المزارع العبيد محمد حسن بعدما انصرفا من أداء عزاء بقرية فيلا القريبة من ٤٤ود تكتوك بشرق سنار.
وعندما كنا نصلي المغرب أواخر يناير الماضي قرأت قوله تعالى: (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والانفس والثمرات…….) فلما انتهت الصلاة عاجلني شريكي العبيد بقوله: “خلاص بقينا على نقص الثمرات يا خال؟”
آمال عراض:
عندما كانت وجهتنا ولاية سنار قدمنا لها تحدونا الآمال العراض كيف لا…والناس هنالك يتحدثون عن إنتاج الحواشة الواحدة ما بين اربعين إلى أكثر من مئة قنطار في اللقطة الواحدة وبعدها يتحدثون عن شراء العربات من أرباح المواسم وجمع الأموال الطائلة فهم يستبشرون بري الخريف وغيثه بعد أن انسربت المياه من طلمبات المشروع في جانبي الكنار وانداحت على الترع فاسرع بعضهم إليها ووجهوها في اب عشرينات واب ستات داخل الحواشات وكما يحلو لهم كان الري انسيابي أو (انسحابي).
صناعة الأزمة:
لم تدم الفرحة بالمياه كثيراً حتى دخل المزارعون في مشكلة شح المياه وانعدامها جراء عطل الطلمبات والذي تكرر وتجدد منذ بداية الموسم وحتى نهايته فكان ما يتم إصلاح طلمبة إلا وتتعطل الأخرى وتمتد فترة إصلاحها لأيام رغم أن الامر لا يتطلب سوى تخفيف اللحام مما دفع بالمراقبين أن يظنوا أن في الأمر صناعة أزمة وقصد لضياع الموسم خاصة وأن المدير العام لهيئة السوكي الزراعية المهندس سر الختم البدوي يؤكد أنه لم يتسلم سوى عشرين بالمئة من ميزانية المشروع.
كارثة السعر:
كانت أسعار القطن قبل الإنتاج في حدود السبعين الف جنيه للقنطار لكن الحكومة الظالمة وعبر وزارة ماليتها لم تتردد في أن تخزل المزارع وتظلمه حتى يترك زراعة القطن فاعلنت عن ٤٥ الف جنيه سعر تاشيري لقنطار القطن فاستغل الإعلان التجار الجشعين والمستثمرين الأجانب و أعلنوا عن اسعار تراوحت ما بين ال٣٥الف وما دون ال٣٠الف للقنطار فأصبح حتى المنتج من المزارعين واقعا في جب الخسارة وزاهدا في زراعة الموسم المقبل وهو عين ما ترمي له الحكومة وفق سياساتها خاصة إذا ما علمنا أن القطن سلعة عالمية أو كما يحلو للبعض أن يسميه الدولار الأبيض وإن قنطاره في مصر القريبة منا ما يعادل ال١٥٦الف جنيه وإن كل قنطار منه بداخله قنطار بذرة قطن يستخرج منها الزيت.
ظلم المستثمر:
كثيرا ما يحدثك مواطنو شرق سنار عن ايام زاهية وجميلة ومياه ري تتعدى الكنار والترع والجداول وكل الأراضي وتنداح إلى الخيران وإنتاجية وفيرة في مواسم كان يدير فيها المشروع المستثمر وجدي محجوب لكن بعضهم يستدركون أن وجدي تم ظلمه واكل حقه من قبل كثير من المزارعين بل البعض يوجه اتهامات لقيادات من الإدارة بعدم التعاون معه مما دفعه للتوقف عن الاستثمار بمشروع السوكي وهنالك من يقول إن ما يحدث من تعطيل في هذا الموسم لا يخلو من رد الظلم ولم يزل الحديث يتردد في المجالس عن إمكانية عودة وجدي واستثماره في الاقسام غير المثقلة بديونه.
اجتهادات المدير الجديد:
الباشمهندس سر الختم البدوي المدير العام لمؤسسة السوكي الزراعية لديه تحركات كثيرة بين الخرطوم وإدارة المشروع منذ تعيينه كانت اولها البحث عن ميزانية المشروع الضائعة وسماد الزراعة وتلاها البحث عن تكوين جسم شرعي للمزارعين وخطة ناجعة من وزارات الري والزراعة والمالية لضمان استدامة الري ومعها البحث عن مستثمر لتكتمل الصورة.
ابتلاءات أخرى:
من بين الابتلاءات ما قام به شريكنا في الزراعة في قرية فيلا ويدعى محمد الإمام النيل وهو دفعة زميلي المهندس العبيد محمد حسن حيث أنه وأبوه تباطأ في تسليم المضخة (الوابور) لنا ولم يسلماها إلا في الثلاثين من سبتمبر ففوتا علينا فرصة ري القطن من مياه المشروع التي كانت تتوفر احيانا ويروي منها المزارعون حواشاتهم ومن مشكلات الشريك وأبيه أنهما افتعلا خلاف معنا حول حق الأرض وزعما أنها مؤجرة لنا بل وحتى المضخة مأجرة لنا وتمسكا بذلك مستغلين كلمة ايجار المكتوبة في الاتفاق ومتغافلين عن نص واضح يقول:”ليس للأرض نصيب” ووصل بشريك فيلا وأبيه الامر ان يقولا لنا حوالا ما بطرفكما من مبالغ من جزء من مال اول لقطة من القطن من حواشتين وتعالا إلى الديوان في قرية فيلا لنتفاكر في بقية المبلغ الذي بطرفيهما فكانت المفاجاءة أن رفضا النقاش في المبلغ وقالا إنه حق خالص لهما نظير جزء من ايجار الاراضي والوابور والجاز رغم أنننا دفعنا من مالنا أكثر منهم للجاز حيث فقدنا مئة ألف جنيه مقابل الجاز بالرقم من أنه مكتوب في الاتفاق أن الجاز عليهما مما دفعنا للبحث عن حل سلمي بدلا عن الحل بالقانون لأننا كنا نرى أن الأخير سيؤدي بنا إلى ضياع ما يمكن تلافيه من القطن المزروع فتصبح الخسارة افدح من فقدنا ثلاثة مليار ومئة الف جنيه فاجلسنا لهم أهل الحل من أقاربهم وتوصلنا إلى اتفاق دون المطلوب وارتضينا به (مخارجة). لكن اشتبك معنا مرة أخرى اب شريكنا في قرية فيلا ويدعى الإمام ود النيل وقال لنا ليس لكم نصيب في العلف ويجب أن تنظفوا الأرض ثم تغادروا بل وقام ابنه إبراهيم بتوصية عمه عبد الله لبيع علف إحدى الحواشات فباعها الاخير بمبلغ ٦٠الف جنيه مما اضطرنا لتدوين بلاغ في مواجهتهم إلا أن وساطة قادها نفر من القرية أسفرت عن تسليمنا قليل من المبلغ واكتفينا به وشطبنا البلاغ.
شركائنا أصحاب المواقف:
هاتفنا الاخ الطبيب دكتور السيد محمد حسن وهو أحد الشركاء الممولين وقال لنا حديثا طيبا أوصانا أن نعمل على ما يؤدي لإنهاء الأمر بسلام ونخرج إلى اهلنا دون أن نتعمق في مجاهل الخسارة.
وهاتفت الشريك الممول الآخر بكري عوض كبير وبينت له أن زراعة القطن كانت دون المطلوب وأنها في الغالب لن تأتي براسمالها فبث لي تطمينات وكان ضمن ما أوصاني أن اقله: “اللهم اجرنا في مصيبتنا واخلف لنا بخير منها” وعرج على الفترة التي قضيناها هنالك في إشارة منه للمعاناة وضرورة الصبر.
تحذير من تخزين القطن:
سمعنا كثيرا من التحذيرات بشرق سنار من سرقة القطن أوصانا البعض بضرورة بيع الإنتاج وان لا نلجا لتخزينه تفاديا للسرقة.
تأثيرات أخرى:
ألقت فوادح المشروع بظلالها السالبة على أسواق شرق سنار خاصة سوق ٤٤ود تكتوك فباتت الحركة التجارية فيه ضعيفة بصورة ملحوظة وحدثنا البعض عن احتمال توقف حركة السوق تماما خلال فترة قصيرة.
جولة في الخرطوم:
زار وفد من المزارعين الخرطوم وقابل وزير المالية ووكيل المالية والمسؤولين بالري والزراعة.
وقال المزارع الشريف عبد الكبير – أحد أعضاء الوفد إن وزارة المالية صادقت على مبالغ لصيانة الطلمبات القديمة والجديدة وأوضح الشريف
أن المبالغ ٣٠٠ مليار جنيه و ٨٢ مليار جنيه و٧٥مليار جنيه وهي لصيانة الطلمبات وصيانة آليات المشروع ومرتبات العمال وزاد أن وعد المالية لهم بتحويل المبلغ في حساب المشروع يوم الاحد العشرين من مارس الجاري ولكن حتى كتابة هذا التقرير ليل الأحد ٢٧-مارس الجاري لم يصرف من ثلاثة المبالغ فلس واحد.
احتمال تكرار الفشل:
هاتفت المدير العام لهيئة السوكي الزراعية المهندس سر الختم البدوي وسألته ما إذا كانت هنالك بشريات بنجاح الموسم المقبل فأجاب أنه وقع مذكرة تفاهم مع المستثمر الجديد محمد عبد الله منذ ٢٨/١٢/٢٠٢١ وأن الاخير طلب منه دراسة جدوى ويضيف البدوي أنه عاكف على عمل
دراسة متكاملة لتقديمها للمستثمر المعني او الجهات الاستثمارية الأخرى والتي من بينها جهات عليا ضمنها صندوق النقد الدولي حال فشل مساعيه مع المستثمر.
ويشير سر الختم إلى محاولات بعض المزارعين إفشال مساعي مذكرة التفاهم موضحا أنهم قاموا بالتشويش على المستثمر ويبين أن تنفيذ الاتفاق والدراسة المتكاملة مرتبط بتكوين الجمعيات الزراعية التي تجري الترتيبات لتكوينها.
ويوضح المدير العام أن الحلول الآنية تتطلب من وزارة المالية توفير (٣٠٠) مليار جنيه حددتها وزارة الري لصيانة طلمبات المشروع وإلحاق الناس بالموسم الزراعي المقبل حال توفير المبلغ خلال مارس الجاري اي قبل ثلاثة أشهر من بداية الموسم.
ويبين المدير العام أن وزارة المالية الاتحادية أكدت لهم عجزها عن توفير مبلغ صيانة الطلمبات في النمسا والبالغ قدره ٢مليون يورو ويبدي استغرابه لتحديد وزارة الري (٣٠٠) مليار فقط للحل الإسعافي مشيرا إلى الفارق الكبير بين مبلغي الصيانة ويؤكد زهده في زراعة القطن للموسم المقبل بالحل الإسعافي سالف الذكر ويؤكد أن الزراعة ستنحصر على الذرة فقط في مساحات محددة مالم يتم الاتفاق مع مستثمر.
ديون:
واشتكى المدير العام من ديون الموسم الماضي المتفرقة وبات محتارا في طرق تسديدها.
إتاحة فرصة:
ويبين البدوي أنه طلب من المزارعين أن يتيحوا له فرصة للتحرك لوحده من أجل إنقاذ الموسم من الفشل وتقديم خطة متكاملة للمستثمر أو الجهات العليا.
من المحرر:
إذن بات الأمر اقرب لتكرار فشل الموسم الحالي خلال الموسم المقبل بل ربما كان الأمر بصورة أشد قسوة على مواطني محليات شرق سنار والسوكي واجزاء من محلية ود العباس لأن معظم الناس هنالك إما مزارعون أو عاملون بالزراعة.