الأمن الغذائي العربي، إعادة انتاج القصة د. عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
قبل شهرين من الآن قام الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والاقتصاد الوطني، ومن على منصة الجامعة العربية بالقاهرة، وبحضور الشركاء الاستراتيجيين والمنظمات والمؤسسات الدولية، بإطلاق مبادرة لمكافحة الجوع في المنطقة العربية.
ذكر لي هذه الواقعة سفيرنا بالقاهرة ومندوبنا لدى جامعة الدول العربية السيد/ محمد الياس، وهو من المهمومين بأمر الأمن الغذائي العربي، والدور الذي يمكن للسودان أن يلعبه فيه.
وأضاف السيد السفير ان إطلاق المبادرة من قبل السيد الوزير جاء خلال الاسبوع العربي للتنمية المستدامة بالجامعة العربية. وأن دولة الكويت قد تبنت أيضاً مبادرة للأمن الغذائي العربي قبل فترة، خلال المؤتمر التشاوري لوزراء الخارجية العرب، والاجتماع العادي لوزراء الخارجية العرب.
تتسارع المبادرات من قبل الدول العربية في شأن الأمن الغذائي العربي، بسبب الخطر الداهم المتمثل في الحرب الروسية الأوكرانية، التي يتوقع أن يطول أمدها، وأن تمتد آثارها الكارثية، وبالذات في مجال إمدادات الغذاء لسنوات قادمة.
الآباء المؤسسون لجامعة الدول العربية، صمموا العديد من البرامج والمبادرات والمشروعات منذ سبعينيات القرن الماضي، لكفالة الأمن الغذائي العربي. ولو نفذت هذه المشروعات في حينها، لاكتفت الدول العربية في غالب السلع الغذائية، من خلال انتاج الدول العربية نفسها. غير أن الاستراتيجيات الأجنبية منعت تحقيق هذا الحلم العربي ووأدته في مهده. لهذا رأينا الدول الخليجية النفطية الغنية تستورد القمح من الأرجنتين وكندا، وتستورد الزيوت من البرازيل، وتستورد الأغنام من استراليا، والأجبان والألبان من هولندا… وهكذا. في حين يمكن انتاج كل هذا على مرمى حجر منها، بالسودان والعراق والمغرب والصومال، وغيرها من الدول العربية الزراعية.
وفقاً لبيانات المنظمة العربية للتنمية الزراعية، فقد استوردت الدول العربية من دول أجنبية غير عربية قمحاً بقيمة ١٩.٦ مليار دولار خلال عام ٢٠١٩، فيما استوردت من اللحوم والحيوانات الحية في نفس العام بقيمة ١٠.٥ مليار دولار، أما الألبان فقد بلغ استيراد الدول العربية منها في نفس العام قيمة ٦.٢ مليار دولار، والزيوت بقيمة ٩.٤ مليار دولار، والسكر بقيمة ٥٠٠ مليون دولار.
في الدول العربية فإن الفجوة الكمية الإجمالية من المجموعات الغذائية سوف تواصل ارتفاعها خلال العقدين القادمين وفق منحنى متصاعد، حيث كانت هذه الفجوة تقدر بنحو 49 مليون طن لمتوسط الفترة (1996 -1998) ارتفعت إلى حوالي 77 مليون طن لمتوسط الفترة (2006- 2008) ثم ارتفعت إلى حوالي مائة مليون طن في الأعوام الأخيرة.
لقد تراجعت قدرة الإنتاج العربي من الغذاء على مواجهة الزيادات المتلاحقة في الطلب عليه من عام إلى آخر. يعكس ذلك انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتي من جملة الغذاء من حوالي 74.7% خلال الفترة من 96 إلى 1998 إلى حوالي 70 % في العام 2018 ثم الى 68% في العام 2019، وبلا شك فإن التطورات الدولية المتمثلة في الحرب الروسية الأوكرانية تنذر بتفاقم التطورات السلبية لأوضاع الأمن الغذائي في الوطن العربي.
للسودان دور حاسم وأساسي في سد هذه الفجوة سوف نتناوله لاحقاً بإذن الله تعالى.