الخطاب الذي يضر اكثر مما يفيد …وباختصار خطاب منبوذ تدعو مفرداته الي التفكك والتشتت والنفور وهو ذاته خطاب الكراهية الذي اخذ هذه الايام يشتعل بين الناس داعيا للجهوية والكراهية والعصبية البغيضة …وهو خطاب للاسف تأثيره اقوي من الفتك بالرصاص لانه يفكك مفاصل المجتمع بأكمله وليس فقط افراد بل يفكك رباط دولة ويجعل وجهات التوافق والاتفاق بعيدة التلاقي لانه يعكر صفو النفوس المجتمعة لامر جلل بغرض الإصلاح. * ونلاحظ ان خطاب الكراهية اوالخطاب المكروه تصنعه جهات مثقفة لتحقيق أجندة غالبا تكون سياسية وليست مجتمعية وهو أصعب وأمر انواع الخطابات اذا قورن بخطاب الكراهية الذي يكون غير مسنود باجندة صدئة لعينة ..فاحيانا قد يطلق احد الأفراد خطابا دون قصد سئ اي لا يكون مقصود به اذي لاخرين وهذا وقعه يكون خفيفا غير قوي التأثير ويذهب سريعا اذا عرف الناس مصدره بتقييم شخصية من الذي أطلقه وماهو مقصده ودائما يكون صاحب هذا الخطاب غير موفق ربما لجهل او لبساطة في مستوي فكره لكن الخطر الذي يصدر من شخصية مؤثرة لها وزن اجتماعي او ثقل سياسي هنا الأمر يختلف تماما. * لكن درجة وعي المجتمع المعني بالخطاب هي التي تحدد عمق وضرر الخطاب فهي القادرة علي سفهه ودحضه متي وقع.. اما اذا كان المجتمع هش فمثل هذا الخطاب يأخذ مأخذه سالبا وضارا مهما كان هو. * لذا لايمكن أن يصبح خطاب الكراهية مؤثرا سالبا الا اذا تلاحقته جماعات اصحاب الاجندة حينها تخلق منه موضوعا يكون تأثيره سيئا . * ما كنا بحاجة للحديث عن مثل هذا الخطاب الان الا لانه اخذ يأخذ واقعا معاشا وسط الناس في مجتمع قوي متماسك كالمجتمع السوداني الذي عرف بالتسامح والتعاضد والإخاء الصادق فلم يكن وسطه ما يعرف بالخطاب هذا بل كان خطابه مشبع بمفاهيم الروح المسلمة التي لا يؤذي لسانها احد ..المتمسكة بروح الدين والخلق القويم الذي مصدره الانسان المسلم… * ليس جديدا هذا الخطاب المكروه بين الناس بل موجود منذ أن خلق الله الخلق جميعهم ففي الشارع تسمعه وفي البيت تسمعه وفي مواقع العمل تسمعه كثيرا ولكن كان سهلا للانسان استيعابه وتمريره دون ان يتوقف عنده طويلا فعبارة الاعتذار والعفو تمحوه عاجلا دون ان يترك أثرا وشرخا غائرا . * لكن عندما تظهر الأجندة الصدئة فجأة لجانب الخطاب تخلق منه قضية ومشكلة قد تتسع رقعتها وتجعل اثره كبيرا يصعب علاجه . * هنا نتساءل ماسر الخطاب المكروه وخطاب الكراهية المنتشر هذه الايام في اوساط المجتمع …واضح جدا هو عمل مخطط الهدف منه ضرب تماسك افراد المجتمع والعمل علي ضعفهم وتمرير الأهداف الخائبة المستوردة من باب كراهية الناس لبعضهم البعض خاصة في خطاب العنصرية البغيضة المرتبطة بالجهوية والعصبية منها القبلية والمهنية وفي بالنا السودان دولة قبائل متعددة ومختلفة العادات والتقاليد التي يسهل ان تنزل بينها هذا الخطاب السئ الذكر الذي ارتبط بالكراهية التي تنفر وتفرق . *بالرغم من ان مجتمع السودان باختلاف قبائله هذه والتي تصل لاكثر من خمسمائة قبيلة فأكثر الا انه مجتمع جميل مجتمع متسامح يصل فيه التسامح للعفو حتي في جرائم القتل وينعدم فيه الثأر الذي هدد مجتمعات بدول اخري مجاورة رغم انعدام هذه القبلية فيه لكنه موجود ولعلمي الثأر ألعن انواع خطابات الكراهية ولكن أكثر الناس لا يعلمون. * سر جمال وتسامح المجتمع السوداني هذا جعل التفكير فيه قوي من اعدائه من الخارج والداخل ان يجعلوا استراتيجيتهم اللعينة ضربه بخطاب الكراهية هذا حتي تتحقق لهم اهدافهم لانهم وجدوا هذا المجتمع عصي عليهم في وحدته وقوته وتناسيه لكل ما يفرق بينهم من كراهية ولكنهم لن يتركوه فجاءوا له من باب بث روح الكراهية بالاجناس وتناسوا ان السودان بانسانه السمح صعب ان يؤثر فيه هذا الخطاب وسيفشلون حتما لان انسان السودان يعلم انه من ادم وآدم خلق من طين فأين الفرق وارواحهم مشبعة بروح الايمان الحق الذي قد حصنهم من هذا التعاطي السئ في مفاهيم الخطاب سئ الذكر. * يجب علي المجتمع السوداني الاصيل ان يفوت الفرصة علي المتربصين علي تفكيكه وزعزعته بالنسيان لهذا الخطاب الموجه ضدهم وضد وحدتهم وتماسكهم بمفاهيم جبر الخواطر وزيادة مساحات التغافل في كل ما هو يحاك ضدهم من سوء في خطاب الكراهية الذي نهي عنه الإسلام بل كل الاديان السماوية الاخري. * وفي البال المجتمع السوداني مجتمع متعايش مع كل الديانات وكل القبائل باشكالها والوانها وكلنا اولاد تسعة او كما يقولون. سطر فوق العادة : خطاب الكراهية موجود اصلا حتي بين الاخوان والاهل والعشيرة لكنه ليس بهذه الوضاعة التي هو عليها هذه الايام والذي اخذ يغلف باغلفة مهترئة حتما ستنتهي برفع الوعي بين الناس وتوضيح خطورته ومالاته الخائبة حتي لا يصبح واقعا بين الناس بهذه الكيفية الوقحة. (ان قدر لنا نعود)