محمد قسم السيد … يكتب في ( هذا ما حدث ) .. حقن الدماء …
عندما وقع رئيس الوزراء السابق ، عبد الله حمدوك، على الاتفاق السياسي مع البرهان، فى 21 نوفمبر ، خرجت قوى الحرية والتغيير، ببيانات استنكرت فيها الاتفاق ، و نعتت حمدوك بأسوأ النعوت ،
وعندما قال حمدوك ، ان توقيع الاتفاق السياسي مع البرهان ،بهدف حقن دماء الشباب، و الحفاظ على ما تحقق من مكاسب اقتصادية ، واسباب اخرى ، ضحكت قوي الحرية والتغيير ، استهزاء بالرجل ،وعملت باجتهاد ، لإخراج الاتفاق من مسوغاته الاخلاقية و المنطقية والضرورية، دون تروى وبعد نظر وبصيرة . نفس قوى الحرية والتغيير ، التى رفضت مبررات حمدوك بالامس ، جاءت اليوم لتقول للناس تبريرا لجلوسها مع العسكر ، (نحن إذا رفضنا وقاطعنا الحوار ،ستحدث مجزرة للمتظاهرين ،ونحن نحافظ على الأرواح ) اي ان جلوس قوى الحرية والتغيير مع العسكر، الهدف منه حقن الدماء ، وهذا يعني ان خطوة حمدوك حينها كانت صحيحة ، وبمثابة بوابة الخروج من الأزمة، التى تبدأ بحقن الدماء اولا ، من مجريات الاحداث وتطوراتها المؤسفة، وضح ان اتفاق حمدوك مع البرهان ، كان هو الحل المتاح وقتها للازمة السياسية، صحيح كانت هناك عقبات امام تنفيذ بنود الاتفاق، لكن كان من الممكن والمتاح تخطيها ، فقط بدعم الشارع لحمدوك، وكان من الممكن ان يحقق الاتفاق مكاسب ضخمة لصالح التحول الديمقراطى والحكم المدنى ، اذا وجد الدعم والسند السياسي من قوى الثورة ، دون الحاجة لفقدان المزيد من الأرواح ، و ضياع ما تحقق من استقرار اقتصادى ملموس، لكن للاسف فشل الاتفاق ، كما فشلت الفترة الانتقالية ، بسبب فشل قحت في قراءة الواقع السياسي، ومواقفها المرتبكة الضبابية، ومحاولاتها البائسة لكسب ود الرأى العام، دون ان تمتلك أدوات المواجهة و الحلول . انتقدت قحت اتفاق حمدوك البرهان ، و عملت على مقاومته ونسفه بشتى الطرق، بدلا من دعمه سياسيا و مناصرته وحمايته، لتجاوز اسوأ مراحل الفترة الانتقالية واخطرها على الاطلاق . عبد الله حمدوك ، اثبت من واقع الحال، انه كان صاحب رؤية وبصيرة ،في اطار وطنى نادر، واثبت قدرته على استيعاب وفهم تناقضات الساحة السياسية، واجتهد في لملمة شمل القوى السياسية المتنافرة والمنقسمة حتى على نفسها ، وكان بمثابة المكابح القوية لمطامع العسكر في السلطة، بحكمة السياسي الضليع ، الذى يدرك أنه لابد من شعرة معاوية، لتجاوز التناحر والصراع السياسي في بلد يئن من وطأة الأزمات ، و حدة الاستقطابات السياسية والقبلية، والمطامع الإقليمية والدولية . ثم ماذا بعد ؟ استمر قتل الثوار و تفاقمت الازمات السياسية و الاقتصادية ؟ عادت قحت لخيار الحوار مع العسكر، بنفس السبب الذى دفع حمدوك للقبول باتفاق سياسي مع البرهان، كما قالت (حقن الدماء ) .