(فنجان الصباح) ..احمد عبدالوهاب ..يا اهل (علياء).. لي كبد مقروحة!!!
في روايته (ثعلب النار) (Fire Fox) والتي تدور احداثها في الاتحاد السوفيتي السابق، يقول كاتب الرواية على لسان أحد أبطالها ( عجبا للروس يصنعون طائرة سوخوي، ويعجزون عن تطوير كاربريتور لسيارة موسكوفيتش..)!!
وهذه السيارة كان الخبثاء في سوق السيارات بالخرطوم يسمونها (موسكو زفت)..
ويبدو اننا في السودان بحاجة الي رواية مماثلة لفضح الفارق السحيق بين ( الأداء، والادعاء)..
لم يبعد صاحب( موسم الهجرة) النجعة حينما قال (انني انتمي إلى دولة تافهة وامة مقهورة..)
ففي بلاد السودان ليس من( برهان) علي هوان الانسان، اكبر من الادعاء العريض بقدرتهم علي صناعة الدبابات، وعجزهم المريع عن توفير الدربات..
ان ادعاءهم العريض المريض بالنجاح في زراعة الكبد..
لا يوازيه إلا الفشل المرير في الاعتناء بفلذات الأكباد..
اذا كنت تسأل في (مشفاهم العسكري) عن حبة اسبيرين، فأنت ومن يسأل عن اسبير لطيارة( درون) أو (صافات) سواء..
ابنتي التي كانت تمر بمخاض عسير، تركوها في العراء يوما كاملا بدون سرير..
عرضوا حياتها وحياة طفلتها للخطر.. كان الطبيب المبتدئ يقول شيئا بينما القابلة تقول شيئا آخر..
كان الطبيب المبتدئ يطلب إعطاء الأم شراب القرفة.. الذي لا يوجد الا خارج المدينة الطبية.. بينما تنصح القابلة بعدم تناوله..
وتذهب في منتصف الليل للمدير الطبي عله ينقذ اما وطفلها من الهلاك، فتكتشف انك – للاسف – قد قطعت عليه نومة هنية، واحلاما وردية.. وفي الآخر لا يملك لك حتى ماتملكه (داية) تقليدية بريفي ابودليق .. ثم يرزع الباب بقوة من خلفك..
اللهم احم جنودنا من الشفتة في الفشقة.. والشفاتة في باشدار..
احلام سعيدة ياجناب المدير..
ثم بعد صبر مرير، ومخاض عسير.. واهمال فادح، وفاضح، تضع الام مولودا مريضا بسبب الإهمال .. ليبدأ مشوار جديد من التعب.. وجسر من المعاناة..
تكتب لك طبيبة مخلصة روشتة متخَمة بالأدوية .. ولكنها تشير إلى سطر في الروشتة ( أحضر لي بسرعة هذا الجهاز بالذات ) لإنقاذ الطفلة.. وتذهب في كل إتجاه .. تجد صيدليات كثيرة.. عبارة بئر معطلة وقصر مشيد..
وتقصد صيدلية كبيرة بها عدة نوافذ.. ولكن ليس بها صيدلاني واحد.. وتصيح فلا يجاوبك سوى الصدى والصدأ.. ثم بعد وجع الاصطبار، وتعب المشوار بعد المشوار، لا تعود بغير الغبار..
وتتوكل على الله، وتدخل للسوق بالمدن الثلاث امدرمان والخرطوم وبحري.. تسابق الزمن.. والصيدلاني في شارع المعونة ببحري، وهو يضع الأدوية في كيس ضخم يقول ( ده كلو ماعندهم معقول)..
وترد في أسف ،، والله كله ماعندهم..
ووالله يادكتور لقد سألت عن اسبيرين.. الاسبيرين الذي يوجد في أي دكان ببادية كردفان.. لكنه غير متاح في السلاح بامدرمان ..
لا بد بعد كل هذا الوجع، من تهنئة تساق لمن نجحوا في زراعة كبد بعلياء..
ولكن.. ليس أضنى على الفؤاد، وانكى في الفجيعة، من خذلان مؤسسة وطنية.. وقفت لها اعمدة عذاب وانغاما طراب.. وكلاما مستطاب..
ثم تكتشف ان الريح الأحمر ، والزمان الاغبر، قد ضربها بغير رحمة..
ولي كبد مقروحة من ذا يبيعني بها
كبدا ليست بذات قروح..
( نواصل)..