أمريكا والأمل الأخير لمحاصرة روسيا في السودان
حينما أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأبن بعد أحداث سبتمر على العالم أما ان يكون معنا أوضدنا في حرب الإرهاب ، أدركت روسيا معنى الرسالة والدلالات التي حملها حديث الرئيس الأمريكي يومئذ.
أجمع لفيف من الخبراء في علم الاقتصاد ان روسيا استلمت الرسالة من واشنطن وانخرطت في تكديس الذهب لمواجهة ذلك التهديد مستقبلاً ، وضاعف بنك روسيا المركزي احتياطاته من الذهب ل “6” مرات منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مستحوذاً على أكبر مخزون عالمي من المعدن الأصفر الذي تقدر قيمته ب(140) مليار دولاراً تقريباً، كأصول لدعم قوة الروبل في حالة حدوث أي أزمات مستقبلاً.
وتفيد التقارير الإعلامية ان روسيا كدست كميات هائلة من الذهب في الأعوام الماضية لمساعدتها في تقليل الآثار الاقتصادية لأي عقوبات قد يفرضها الغرب بسبب الأزمة الأوكرانية فقد ربطت روسيا الروبل بالذهب وربما تشتري كل الذهب على كوكب الأرض وخاصة بعد ان بدأت بعض دول الاتحاد الأوروبي تتضجر من قرار فرض عقوبات على روسيا مع قدوم فصل الشتاء .
ويرى الخبير في أدارة الأزمات وفض النزاعات دكتور على يحى ان الاتحاد الأوروبي وقع في خطاء كبير حينما ساند الولايات المتحدة بفرض عقوبات على روسيا دون النظر إلى عواقب الأزمة الروسية – الأوكرانية مشيراً إلى ان روسيا إذا اصيبت باليأس فقد تبيع السبائك الذهبية محلياً لشراء الروبل وإذا اسفرت هذه العملية عن ظهور سعر ثابت فسيكون ذلك معادلاً لإنشاء معيار داخلي للذهب.
ويرى الخبير على يحى ان واشنطن لم تجد لها شماعة تعلق فيها تخليها عن الشعب الأوكراني الذي ورطته في الحرب مع الروس سواء ذهب السودان الذي لايستطع دعم اقتصاده المنهار، فالجميع يعلم ان احتياطيات روسيا من الذهب بلغت (609.4) مليار دولاراً لعام 2020 بينما زادت في ابريل 2022 من العام الحالي إلى (630.6) مليار دولاراً فلم يعد لدى روسيا حاجة لبيع الذهب الذي يعتزم الغرب حظره وأنما يبدو ان روسيا ستبدأ في امتصاص الذهب من الأسواق العالمية مثل المكنسة الكهربائية في الأشهر المقبلة لتعزيز الروبل الروسي .
وفي ذات السياق يرى الخبراء ان احتياطي الذهب الامريكي قد انخفض على التلاعب بالأسعار من أجل دعم الدولار الامريكي عالمياً في الوقت الذي ذكر معهد واشنطن للتمويل الدولي سيكون لروسيا فائض في الحساب الجاري لهذا العام (240) مليار دولار أي انه لشراء كل الذهب من احتياطيات الولايات المتحدة الامريكية ستحتاج روسيا إلى ما يقارب عن عامين وشهر واحد فقط .
ويؤكد المحلل السياسي اكسندر نازاروف ان العقوبات الدول الغربية ستستمر لفترة أطول من ذلك حتي لو انهار الاقتصاد العالمي في هذين العامين المقبلين سوف تستغرق روسيا حوالي (7) سنوات لشراء كل الذهب في جميع انحاء العالم ولن يرغب العقلاء في التخلي عن الذهب عشية انهيار الدولار.
ولفك العقوبات على روسيا فقد وقع الرئيس الروسي بوتين قانوناً تنظيم إلغاء ضريبة القيمة المضافة على سبائك الذهب عند شرائها من قبل الروس وفي الوقت الذي تحتل روسيا المرتبة الثانية بانتاج (331) طناً سنوياً فيما اعلن البنك المركزي الروسي مؤخراً عن شرائه الذهب من البنوك التجارية الروسية بسعر ثابت قدره (5000) روبل للجرام الواحد يعني ذلك ربط الروبل الروسي بالذهب حيث بلغ سعر صرف الذهب في الاسواق العالمية ب (1930) دولاراً للأونصة الواحد أي (62) دولار ما يعادل 84 روبل لكل دولار .
يرى الخبراء ان الوقت قد حان للانتقال إلى نظام نقدي جديد أكثر إنصافاً من النظام القديم الذي يهيمن فيه الدولار إلى نظام نقدي متعدد الأطراف مدعوم بالذهب والسلع ، في اشارة واضحة ان بنك روسيا تحرك في هذا الاتجاه لربط الروبل بالذهب وربط مدفوعات السلع الاساسي بالروبل سيحدث نقلة نوعية لم تدركها وسائل الإعلام الغربية ويرى معظم الخبراء ان الروبل اصبح له أرضية قوية مقابل الدولار الامريكي وبالتالي إذا حاولت أسواق الذهب الغربية دفع سعر الذهب بالدولار الامريكي المنخفض فسيتعين عليهم محاولة إضعاف الروبل إيضاً وإلا فسيتم الكشف عن عمليات التلاعب بالورق .