بريطانيا تشرع في ترحيل المهاجرين الافارقة الي رواندا …. صفقات غير اخلاقية
تعتزم بريطانيا ترحيل الالاف من طالبي اللجؤ الافارقة الي دولة رواندا علي خلفية صفقة بين لندن وكيجالي بقيمة 120 مليون جنيه استرليني عبر اتفاقية اطلق عليها شراكة الهجرة والتنمية الاقتصادية، وتصر الحكومة البريطانية علي مكافحة قرارات المحاكم التي اوقفت في وقت سابق عمليات ترحيل مبرمجة لعشرات المهاجرين الي دولة رواندا
ويحذر خبراء وباحثون في شؤون الهجرة من خطورة اجراءات ترحيل طالبي اللجؤ وتعريضهم للخطر في دولة تعاني من اشكالات سياسية واجتماعية ، ويقول المحلل السياسي احمد الناظر ان الغرب يتعامل بازدواجية المعايير مع قضايا حقوق الانسان وقوانين الهجرة واللاجئين ويقدم النموذج الاسوأ بالتعامل غير الاخلاقي مع اللاجئين رغم شعارات العدالة والحرية التي يطالب الغرب بتطبيقها في دول العالم الثالث، بجانب التعامل العنصري البغيض باستهداف الافارقة وترحيلهم دون سواهم من المهاجرين الاوربيين ، واشار الناظر الي ان هذا السلوك يكرس المفاهيم العنصرية في المجتمع الاوربي الذي لايزال يقبع في عقلية العصور الوسطي .
وندد مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي بخطة المملكة المتحدة، معتبرا أنها “كلّها خطأ”. كما لم تلاق هذه الخطة في التعاطي مع ملف الهجرة غير الشرعية ترحيبا من أطراف مختلفة في الداخل البريطاني
ويذكر ان هذا المشروع يحظى بشعبية كبيرة لدى الكتلة الناخبة المحافظة، ما يشجع الحكومة في الإصرار على تنفيذ هذه السياسة، إذ أكد رئيس الوزراء بوريس جونسون أنه “لن يتم ردعنا بأي شكل من الأشكال أو ثنينا من خلال بعض الانتقادات
وفي المقابل يرى الناظر ان هناك شكوكا في قدرة رواندا علي اعادة توطين ودمج المهاجرين الافارقة علي اراضيها حسب افادة زعيمة المعارضة فيكتوار اينغابيري التي ذكرت في مقابلة تلفزيونية ان حكومة بلادها لا تحترم حقوق الانسان ، ولكن يبدو ان إدعاء الحكومة بانها ترغب في منح اللاجئين فرصة لبناء حياة جديدة لايجد صدي بين المواطنين
ولجأت حكومة المحافظين البريطانية إلى سياسة متشددة في مواجهة الهجرة غير الشرعية، في محاولة منها، لا تلاقي ترحيبا من عدة جهات داخل المملكة وخارجها، لتوجيه رسالة إلى المهاجرين الذين يحاولون دخول أراضيها عبر بحر المانش بطريقة غير شرعية.
وأكدت لندن أنها تريد طرد أي شخص، مهما كانت جنسيته، يتم توقيفه وهو يحاول دخول البلاد بشكل غير قانوني، إلى رواندا رغم تكلفة هذه السياسة “أخلاقيا وماليا”، حسب منتقديها. ومن المتوقع أن تجبر الحروب والكوارث المناخية هذا العام عددا قياسيا من الأشخاص على الفرار من بلدانهم، وفق تقارير عديدة.
وتدافع الحكومة البريطانية عن خطتها بكونها موجهة ضد شبكات تهريب البشر التي تجني أموالا طائلة من العملية. إن “المجموعات الإجرامية التي تعرض حياة أشخاص للخطر في المانش يجب أن تفهم أن نموذجها الاقتصادي سينهار في ظل هذه الحكومة”، يقول بوريس جونسون في تصريح لإذاعة “إل بي سي”.
وتستفيد كيغالي من هذه الصفقة ماليا التي يعتبر منتقدوها أنها أبرمت على حساب حقوق المهاجرين. وتجني منها هذه الدولة الأفريقية، بموجب اتفاق مع لندن مبلغ 120 مليون جنيه إسترليني (144 مليون يورو) كتمويل أولي للخطة.
وخلال مؤتمر صحفي في كيغالي، قالت المتحدثة باسم الحكومة يولاند ماكولو إن هذا الاتفاق يشكل “حلا لنظام اللجوء العالمي الفاشل”. وأضافت “لا نرى أن من غير الأخلاقي أن نمنح الناس منزلا”، مشيرة إلى أن رواندا ستكون “سعيدة” باستقبال “آلاف المهاجرين”.
ومن المفترض أن يوضع المهاجرون المرحلون من بريطانيا في “فندق الأمل” Hope Hostel في كيغالي، “وهو ليس سجنا”، بحسب مديره، إنما فندق يملك فيه النزلاء حرية الخروج والدخول. وتتهم منظمات غير حكومية بانتظام الحكومة الرواندية بقمع حرية التعبير والمعارضة السياسية.
وهذه ليست هي المرة الأولى التي تستقبل فيها رواندا طالبي لجوء من دولة أخرى، إذ اتفقت كيغالي والاتحاد الأفريقي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عام 2019 على أنه يمكن إجلاء المهاجرين في مراكز الاحتجاز الليبية المزرية طواعية إلى رواندا على متن رحلات جوية تديرها الأمم المتحدة.
“الحكومة البريطانية في ورطة كبيرة من الناحية القانونية والأخلاقية”، بحسب أحمد سعدون الخبير في شؤون الهجرة، باعتبار أن “الكثير من المهاجرين المرحلين قد يعرضون أنفسهم للأذى الجسدي كالانتحار”، رفضا للقرار “التعسفي” الذي لم تجن منه لندن إلا “السمعة السيئة”