السفير “حسام عيسي”، مجري النيل.. لايعرف الانقطاع والوداع بقلم : علي يوسف تبيدي
تمثل البعثات الدبلوماسية في بلادنا مفتاحا لعلاقاتنا الخارجية مع كل الدول ، وعنوانا للتواصل مع مكوناتنا السياسية والاجتماعية والابداعية ، تتوزع اهتماماتها في كل سحن الحياة ، تارة في السياسة ، ويهتم اخرون بحياتنا الاجتماعية حتي تفاصيلها الدقيقة ، تدعم بعثات ثرائنا الثقافي ، ونهتم ونتفاعل معها بقدر ذلك التفاعل الايجابي ، فالامر والتوجه السلبي نتركه للنوايا والايام ، نحن نحب الاشقاء ، ونحسن وفادة الضيف
ظللت علي المستوي الشخصي في تواصل جم مع معظم البعثات الدبلوماسية في بلادي ، خاصة دبلوماسيي قارتنا الافريقية ومحيطنا العربي ، ومن بين اؤلئك وللوشائج التاريخية التي تربطنا بها ، ظللت علي تواصل دائم مع سفارة ارض الكنانة هنا في بلدي ، السفارة المصرية ، علي تعاقب طواقمها الدبلوماسية في ارض النيلين ، اننا بطبيعة الحال نحب مصر ، وورثنا ذلك الود من ابائنا المؤسسين ممن طالت بهم الاشغال هناك في المحروسة لسنوات طويلة ، في مضمار العمل السياسي ، والتجاري ، وحتي الزيارات الاجتماعية ، فضلا عن باب المصريين المفتوح امامنا للعلاج ، والنزهة ، والترفيه ، لم تفتح الابواب عاصمة مثلها ودونكم اتفاق الحريات الاربعة ، والسماح للسودانيات الدخول دون تأشيرة ، والتأشيرة المجانية للجميع.
صحيح انني سأنتهي بمعرض هذا المقال لوداع السفير المصري بالخرطوم الدكتور حسام عيسي ، لكنني ايضا اتعشم في ان تستمر علاقته بالخرطوم كما كانت ، وللاسف ، فان حسام قد اشار في خطابه بالاحتفال في الذكري السبعين لثورة (23) يوليو المصرية الي انتهاء فترة عمله ، واعلم ان السهم الذي رمي به في قصية البلدين ، سهم جبار ، ورمح سنين ، اخترق اي جمود ، وأدفأ اي برود ، وطاف علي الملفات السودانية بصفة الدبلوماسي الشقيق القريب من بلده الثاني ، لقد كان السفير عيسي طوال فترة عمله في بلادي واحدا من أهم المحطات التي ارتكزت عليها استدامة العلاقة بين الشقيقين السودان ومصر ، وانه عمل علي تطويرها ، وساهم كذلك في فتح اي حالة انسداد طالت علاقة البلدين ، لقد احتفل مع السودانيين في ثورتهم الباهرة في ديسمبر المجيد ، وطالما اعلن ان بلاده تدعم تطلعات الشعب السوداني في الحياة الكريمة والحرية والسلام ، وظل علي عبارة صريحة بان وجود وامن بلاده هو من امن ووجود جارتها السودان
ان دبلوماسيين عملوا في الخرطوم وعمًروا لسنوات ، لم يمتلكوا الصيت والحراك الذي امتلكته عهدة حسام عيسي ، لقد كان نشيطا في اي محفل ثقافي وابداعي اجتماعي ، ومثل بلاده خير تمثيل في المنعرجات السياسية الحادة التي يمر بها السودان وما يزال، واعلن انحيازه الكامل للتغيير الذي حدث في البلاد بانهاء عهدة الاخوان المسلمين الظلامية ، التي صدرت وتبادلت مع ارهابيي بلاده العنف والارهاب ، ووقفت تلك السنوات الكالحة حجر عثرة امام التواصل الطبيعي بين البلدين ، ولو انها كانت في اي نظام حكم اخر لاستطاع البلدين من انجاز التكامل بينهما ، وتصفية اي خلافات وطي اي صفحة سوداء تركها من تركها عائقا في طريق نماء وتطور الشعبين المصري والسوداني
ان المحن التي تعرض لها السودان علي المستوي الانساني ظلت مكانا دائما للاستجابة المصرية ، ومن لا يشكر الناس لايشكر الله ، فان الدعم والمساعدة الانسانية التي وجدها الشعب السوداني من شقيقه الشعب المصري وحكومته ، واكبر دليل علي ذلك الطائرات التي تحط رحالها في مطار الخرطوم تحمل اطنان المساعدات مشاركة مع الهم السوداني ، والتبادل التجاري والمعابر ، والتحولات الكبيرة والعمق الذي شهدته علاقة البلدين خلال السنوات التي اعقبت سقوط نظام الطغمة البائدة
ان المداد الذي كتب به السفير حسام عيسي خطابه في احتفالية ثورة يوليو وما احتواه من اشارات واضحة بانحياز الشعب المصري وحكومته للقضية السودانية ، والمفردات والجمل التي صاغها للتعبير عن علاقته ببلدنا تمثل رصيدا وجسرا تمضي به علاقة البلدين الي بر الامان ، رغم انه لم يكن ليشمل ويحتوي المشوار الطويل والسيرة الناصعة التي ادار بها السفير فترته في الخرطوم ، اذ انها وكما اسلفت كانت ثرة بالفعاليات والزيارات ، وصبت الماء البارد علي اي سخونة كانت قد تبدت بين البلدين ، اننا نتقدم اليه بكل الشكر والعرفان ، ونتمني ان تتصل علاقته بمن عرفه والفه في بلده الثاني ، وعلي لهجة اهلنا المصريين نقول “يا بخت المحطة القادمة التي ستستضيف حسام” .. والسلام