مبادرة الطيب الجد هل تقود لانقسام جديد في الساحة السياسية؟
لابد لنا في بداية الامر من الاقرار بان اي مبادرة في عنوانها الاوَّلِي تمثل اختراقا ايجابيا لجمود الساحة السياسية من خلال اثارتها لحراك كبير في ركود الساحة وما تفتحه من آفاق للنقاش حول القضية الوطنية وأساليب الحلول ونقاشات بين المؤيدين والمخالفين! وهو عمل جيد بالنسبة للساحة السياسية وما يدب فيها من نشاط وعصف وتلاقح افكار من اجل الوطن والخروج به من ازماته المتعددة
الا انه لاينبغي لنا تجاهل الاسئلة الكثيرة التي كانت بين يدي المبادرة التي نادت بتوافق سياسي يعتبره الجميع هدفا اساسيا دون ان يعملو علي تحقيقه علي ارض الواقع! لان الكل يدعي العمل من اجل التوافق السياسي؛ والكل يرفض ان يتواضع علي اي مبادرة مطروحة علي تعدد المبادرات التي انطرحت طوال الفترة الانتقالية المأزومة؛ الا انه لايجب اغفال الاسئلة المشروعة والحقيقية على رغم وقوف الجميع مع اي عمل يقود الي الوفاق والتوافق.
وقد ثمن كثيرون الاسئلة التي طرحها نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي حول المبادرة ضمن اجابته اسئلة الصحفيين في مؤتمره الصحفي عقب عودته من غرب دارفور حيث كان كثيرون في لهفة لمعرفة رايه حول المبادرة التي اثارت العديد من الاسئلة الملغومة! فكان رأيه اكثر موضوعية حينما تساءل عن المكونات الموجودة داخل المبادرة! وضرورة معرفتها في كل لجان المبادرة الرئيسية وذلك تساؤل مشروع لابد لاي عاقل ان يبدأ به نتيجة لاشكالات الساحة السياسية وحساسيتها مابعد الثورة! فضلا عن اختلاط الامَر بصورة مربكة حتي لمعرفة الفوارق الواضحة مابين الثورة والثورة المضادة بما يضع علي الجميع مسؤولية المحافظة علي مطلوبات الثورة وما ناضلت من اجله جموع السودانيين!
خاصة وان المبادرة تطل بين يدي ظروف بالغة التعقيد بداية بقرب انتهاء المهلة الممنوحة لاتفاق القوى السياسية الذي يقف حدا امام اي معالجة سياسية ناجعة في ظل انقسام الشارع السياسي وتياراته الحزبية المتنوعة! فضلا عما رشح في الوسائط الاعلامية من بوادر إنشقاقات داخل المكونات الحزبية نفسها نتيجة لمواقفها من المبادرة! وذلك مثال مايدور في الحركة الشعبية مابين عقار وتيار عرمان! بما يفتح الباب واسعا لترشيح المزيد من انقسامات الكيانات السياسية واصطفافها حول المبادرة!
لكل ذلك يرى كثير من المراقبين وعلي رغم ان المبادرة واي فعل يدعو للتوافق السياسي يعتبر عملا ايجابيا في حد ذاته؛ الا انها في نفس الوقت زادت من تعقيد المشهد السياسي الذي يعيش تشظيا وانقساما غير مسبوق وجعلته عصيا علي الحل اكثر مما كان عليه في السابق! بما يجعلنا جميعا نتساءل نفس سؤال النائب الاول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي عما هي المكونات الحقيقية التي تقف وراء هذه المبادرة؟!