الوفاق السياسي او تلاشي البلاد
يرى كثير من المراقبين ان تصريحات رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان التي ادلى بها بمناسبة احتفالات القوات المسلحة بعيد الجيش بمدينة شندي حملت العديد من الاشارات والرسائل في بريد العديد من الجهات وخاصة القوى المدنية وتياراتها السياسية بالبلاد وكان تشديده بان القوات المسلحة لن تنحاز لاي طرف ولن تستجيب الا لرغبة الشعب وعلي الاحزاب تحمل مسؤولياتها احد تلك الاشارات ذات الدلالات لمايمكن ان يحدث في المستقبل القريب خاصة وهي مقرونة بما وصلت اليه جماهير الشعب السوداني من معاناة آخدة بالازدياد صباح كل يوم بينما لايلوح في الافق اي توافق سياسي بين القوى المدنية حتي تساءل الجميع الي متي يصبر المواطن امام ضغوطات الواقع وازمات الاقتصاد وصعوبة العيش؟
وبات القصد واحد الدلالة في المعادلة البسيطة التي يفهمها كل مواطن وهي ان فشل السياسيين في التوصل الي تسوية ما لتكوين الحكومة المدنية؛ يحتم قيام انتخابات مبكرة! لان الانتخاب هو الطريق الطبيعي لقيام دولة الديموقراطية والمدنية التي يطالب بها الشعب ويموت من اجلها كل يوم!
ويرى البعض انه حتي اذا لم يحدد مجلس السيادة مهلة لتكوين حكومة مدنية؛ فان الوقت يحتم قيامها، والا الى متي تظل البلاد بغير حكومة والي متي تستمر الفترة الانتقالية التي يحكم فيها الناس دون تفويض انتخابي؟ وهي اشارة الي امكانية سعي المكون العسكري الي الدعوة لانتخاب مبكر الا ان السؤال الابرز الذي يطرح نفسه هل الاوضاع مهيأة لقيام هذه الانتخابات؟ وهل الاحزاب السياسية جاهزة لذلك؟ في ظل انعدام ممارسة سياسية سليمة طيلة الثلاثين عاما الماضية؟ وهل اهتمت البعثة الاممية للمساعدة بذلك! اذ انه من صميم مهامها؟ بما يؤكد ان التوافق السياسي والوصول الي صيغة تسووية هو الحل الاقرب للخروج من الازمة السياسية ومعضلة الدخول في انتخابات لا احد مستعد لها في ظل هذه الاوضاع البائسة!
ويرى كثير من المراقبين وبعض المحللين السياسيين ليس آخرهم الشفيع خضر ان القوى السياسية لم تستوعب بعد الاشارات التي وردت في بيان ولقاء نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو بالبي بي سي حيث اشار الي ضرورة التوافق بين السياسيين حتي تتجنب البلاد الانزلاق والتفتيت الذي سوف تقبل اليه حتما اذا طلت الازمة السياسية دون معالجة! حتي انه عرض مساعدة المكون العسكري رغم تأكيده علي خروجه من الساحة السياسية في العمل علي اعانة التيارات السياسية في الجلوس فيما بينها للوصول الي توافق سياسي! ولن يتم ذلك بالطبع الا اذا ابتعدت الاحزاب عن الأجندة الخاصة من اجل نجاح المرحلة الانتقالية وتحقيق الاستقرار اللازم لنهضة البلاد وتطورها لان المرحلة الانتقالية ذات مطلوبات محددة لتهيئة البلاد للاستمرار ووضعها في المسار السليم؛ بحيث يظل التوافق علي الحد الادنى هو ابسط مايمكن ان تقوم به الاحزاب السياسية اذا كان همها الوطن والمواطن لولا الاجندة الخاصة والمحاور التي اصبحت تعبر عنها الاحزاب اكثر من تعبيرها عن مصلحة الشعب! ليس امام الاحزاب الكثير في ظل هذه الاوضاع القاسية التي يمر بها المواطنون كثير وقت لتكتشف ان الديموقراطية والمدنية وكل الشعارات الجميلة التي تنادي بها اصبحت ترفا بالنسبة للمواطن الذي بات لايعنيه شى سوى البحث عن لقمة العيش والامن والاستقرار! علي رغم من ان وصول المواطن لهذه الحالة يعد امرا مؤسفا الا انه الواقع الذي سوف تكتشفه الاحزاب قريبا وتعض اصابع الندم علي تفريطها آنئذن ولات ساعة مندم!