أعمدة

(بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) ..مصطفى ابوالعزائم *فوز وإبن الأحنف ومحمد محمد خير ..!*

ليس أحب لكاتب من أن يجد ما كتبه متداولاً بين الناس ، خاصةً بين المقرّبين والأصدقاء والصفوة .
ما كتبناه وتم نشره في ذات هذه المساحة بعنوان ” الإنداية الحديثة” وجد حظاً من النشر وكان أول المتفاعلين معه الأخ الكريم والصديق القديم الكاتب والصحفي الأستاذ محمد محمد خير ، الذي بنينا على موقفه من الفيس بوك والتطبيقات الحديثة ، ما كتبناه تحت ذلك العنوان ، إذ أن محمداً قال لأحد الزملاء أنه ليس لديه صفحة في الفيس بوك ولا يريد أن تكون ؛ لأن الفيس بوك وهذه التطبيقات الإلكترونية العصرية أصبحت مثل” الإنداية” مفتوحة للجميع يقولون ما يقولون من غير رادع ولا وازع ، وربطنا ذلك برأي للكاتب الإيطالي أومبيرتو إيكو المولود في 1935 م والمتوفى في العام 2016 م الذي قال إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك منحت حق الكلام لفيالق من الحمقى ممن كانوا يتحدثون في الحانات فقط ، بعد كأس من النبيذ دون أن يتسببوا بأي أضرار للمجتمع ، وكان يتم إسكاتهم فوراً ، لكنهم الآن أصبحوا من أصحاب الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل ، إنه غزو البلهاء .
أول ردة فعل إيجابية كانت من كندا حيث يقيم الزميل والصديق العزيز الأستاذ محمد محمد خير ، شفاه الله ، والذي بعث إلي برسالة قصيرة جداً ، قال فيها : ” مصطفى يا مصطفى .. أنا بحبك يا مصطفى ” وهي عبارة قصيرة عميقة الأثر في نفسي ، وقد أعادتني إلى عهد الطفولة الأخير ، وأنا أسمع وأطرب لأغنية مصرية خفيفة ، بذات تلك الكلمات ، كان يرددها مطرب لم أعرف له أغنية غيرها إسمه إن لم تخني الذاكرة ” بوب عزّام” .
كانت ردود الأفعال كثيرة ، فالمقال يتم نشره في صحف ورقية ومواقع الإلكترونية أخرى ، فيجد حظاً عظيماً من الإنتشار ، وذكر أحد المعلقين إن الإشارة إلى الدراسة الإجتماعية للراحل الأستاذ الطيب محمد الطيب ، حول الإنداية ، والتي أصدرها في كتاب بذات الإسم ، كانت إشارة مهمة حتى تتعرف الأجيال الحالية جزءاً من تاريخنا الإجتماعي ، الذي كان يبيح المحظورات ، بينما قالت إحدى المتابعات إن الإنداية بمعناها التقليدي كانت جزءاً من مكونات بعض المجتمعات الأهلية الترفيهية. ولازالت كذلك حتى الآن في بعض المناطق ؛ لكنها في المدن ووسط المثقفين كانت عبارة عن تجمعات للنخب ، وقد عُرِفت بالصوالين ، خاصةً في مدن العاصمة خلال منتصف القرن العشرين ، وعرف الناس صوالين أدبية كان يؤمّها علية القوم ورموز المجتمع ، مثل صالون فوز في أم درمان ، حيث كان يلتقي شعراء ومطربو ذلك الزمان في بيتها ، وهو في حي الموردة ، لكن فوز لم يكن هو إسمها ، لأن إسمها الحقيقة كان ” مبروكة ” ، وكانت تلك المجالس عبارة عن ” أنادي ” مغلقة .
المداخلات كثيرة والتعقيبات قد تملأ الصفحات ، لكن رددت على بعض المداخلات ، وأشرت إلى أن هناك أكثر من ” فوز ” في ذلك الوقت ، وكانت لكل مدينة “فوزها ” وربما أكثر من فوز واحدة ، وهنّ منسوبات تشبّهاً بفوز محبوبة العباس بن الأحنف ، بن الأسود الحنفي اليمامي أبوالفضل ، شاعر الغزل الرقيق الذي وصفه البحتري بأنه أغزل الناس ، وقد خالف شعراء عصره ومن سبقوه فلم يهج ولم يمدح بل إنصرف بالكلية للتغزل في فوز ، وربما من أشهر وأشعر ما قال فيها:
يا فَوزُ ما ضَرَّ مَن أَمسى وَأَنتِ لَهُ
أَن لا يَفوزَ بِدُنيا آلِ عَبّاسِ
لَو يَقسِمُ اللَهُ جُزءاً مِن مَحاسِنِها
في الناسِ طُرّاً لَتَمَّ الحُسنُ في الناسِ
أَبصَرتُ شَيباً بِمَولاها فَوا عَجَبا
لَمِن يَراها وَيَبدو الشَيبُ في الراسِ .
ليت المساحة تكفي ، لتمددنا أكثر .. لكن الشكر والتقدير وعظيم الإمتنان لمن تابع وعلّق ولصديقنا الأعز الأستاذ محمد محمد خير الذي كان تعليقه ذاك مدخلاً لأن نسهب في هذا الموضوع .

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى