لواء شرطة م (عثمان صديق البدوي ) قيد في الأحوال .. تدريب قيادات من الضباط، على تأمين الإنتخابات !!
“خياليّين لاكين”!
جاء في خبر الأمس ومن مصدر سودانية 24 ( أنّ الشرطة تدرِّب ثلاثين ضابطاً في رتبة اللواء والعميد شرطة بالمركز والولايات على تأمين الإنتخابات)!
– هكذا جاء الخبر –
يبدو أنّ هيئة التدريب بالشرطة لا تقرأ الواقع السوداني الآن ، عندما أقدمت على اختيار عدد ثلاثين ضابط من السادة والقادة ، لتقوم بتدريبهم على تأمين الإنتخابات ! ، تلك الإنتخابات التي حتى الآن لا يُعرف لها مرسَي ، ولا أراضي تُزرع عليها ! ، أهمها القيام بعملية الإحصاء السكاني ، التي بموجبها يتم تقسيم الدوائر الجغرافية، ولكي تنجح عملية الإحصاء السكاني، الأمر يتطلب استقرار السكان ، إذ مازال في السودان أعداد كبيرة من النازحين داخله، واللاجئين خارجه.. في معسكرات ضخمة ، تصعب عملية إحصاء ساكنيها، إلّا بخطة محكمة وتعاون دولي كبير ، إذ معظمهم لا يملك أي أوراق ثبوتية، مثل استخراج الرقم الوطني ، وبالتالي البطاقة القومية، مع الوضع في إعتبار حدود السودان المفتوحة ، وتوافُد وتكاثُر وتوالُد القادمين يومياً ! ، واحتمالية دخول أعداد كبيرة غير سودانية ، والإندماج مع السكان الأصليين ، باعتبار أنهم سودانيون ، مما يرجِّح كفّة ميزان العملية الإنتخابية ، والتأثير فيها سلبياً. كما أنّ هناك مناطق مقفولة ، تُسمّى بالمناطق المحرّرة ، كالتي يضع عليها عبد الواحد محمد نور يده في جبل مرة ، والحلو في جبال النوبة وكاودة وما حولها ! ، والنزاع حول أبيي ، والشبه الكبير بين مواطن “دولة جنوب السودان” و”السودان” هناك ، كما أنّ آثار الفيضانات والسيول قد غيّرت معالم خرط بعض القرى ، وعدم استقرار السكان ، وهجر الكثيرين تلك القرى بالسكن مع ذويهم في مناطق السودان الأخرى ، لعجزهم عن البناء في الوقت الراهن ، والظروف المعيشية القاهرة . إضافة للنفسية الغير مهيئة لإنتخابات ! ، هذا بالإضافة لتوغُّل اللاجئين داخل الأحياء والمدن ، وتشابه الكثير من سحناتهم مع المواطنين . كل ذلك مؤشر إستحالة لقيام إنتخابات .
باختصار .. نحن في السودان حتى الآن لا نملك إحصاء حقيقي لتعداد السكان ، بسجل رسمي من واقع الرقم الوطني والسجل الوطني . ثم إنّ السلطة أو الحكومة التي ستشرف على العملية الانتخابية مازالت في رحم الغيب ، والجدال والخلاف مازال يقف حجر عثرة في تشكيلها ، وحتّي بعد تشكيلها، يُفترض أن تكون “مستقلة” ، أو بمشاركة كل الأحزاب ، لضمان حياديتها عند القيام بالتعداد السكاني، وتوزيع الدوائر الجغرافية ، وتشكيل مفوضية انتخابات ، وهياكل أخرى محايدة ، وفوق ذلك كلّه، المجتمع الدولي الذي يفترض أن يوفر ميزانية التعداد السكاني، وبالتالي التمهيد للإنتخابات ، وقد مضى عام ونيف من عمر البعثة الأممية في السودان ، التي أولى مهامها المساعدة في الإنتقال الديمقراطي لتهيئة مناخه ، وفشلت في جمع الفرقاء ، دعك من أن تشرع في تعداد سكان ! ، أو تساعد في إعادة نازحين أو لاجئين لقراهم !، حيث أضاعت البعثة كل وقتها في المكوث في الخرطوم ، وإطلاق مبادراتها “الميّتة”! فبدون تعداد سكاني حقيقي لن تكون هناك نتيجة حقيقية للإنتخابات.
إذن أولى المهام ، هي تشكيل حكومة محايدة مستقلة، تبدأ فوراً في استقرار السودان أمنياً واقتصادياً، وبناء هياكل السلطة ، وإعادة النازحين واللاجئين الي مساكنهم وقراهم ، ومد يدها لحاملي السلاح ، ثم تتم عملية الإحصاء السكاني ، بتوفير إمكانيات الإحصاء والتعداد، بتمويل من المجتمع الدولي، وهي عملية مكلفة جداً ، من تعيين موظفين للإحصاء ، وتوفير عربات تجوب السودان، ومطبوعات سجلات واستمارات وأجهزة تقنية للرصد والحصر وسرعة الإتصال ، مع الإستقرار الإداري للولايات والمحليات، وحيادية الولاة الذين سيشرفون على الانتخابات في ولاياتاهم ، كل ذلك في فترة محدّدة لضمان قراءة صحيحة وحقيقية للتعداد السكاني .
خلاف ذلك… فما تقوم به هيئة التدريب بالشرطة هي أشواق وأحلام ! .. هذا إن بقى أولئك القادة الضباط الثلاثين حتى ذلك الوقت … ولم تطالهم يد المادة “32 ي” الحاقدة اللعينة ! ، وسيف الصالح العام البتّار !.
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
27 سبتمبر 2022