بكري المدني يكتب /في يوم (الديسة)-خطاب تاريخي للقائد عقار!
صباح أمس الباكر تشرفت بزيارة إقليم النيل الأزرق رفقة وزير الحكم الاتحادي السيد محمد كورتيلا والأمين العام للحركة الشعبية السيدة سلوى آدم اضافة الى ضباط من القوات النظامية المختلفة والذين يمثلون لجنة الترتيبات الأمنية بينما كان الرئيس مالك عقار ينتظر الجميع في معسكر الديسة غير بعيد عن مدينة الدمازين
الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الفريق مالك عقار والذي يضع اللمسات الأخيرة لإندماجه في القوات المسلحة يعتبر ثاني جيش في السودان بعد القوات المسلحة من حيث الدربة والخبرة العسكرية الطويلة مع صحيفة قتال خالية من الانتهاكات وهو بذلك إضافة حقيقية للقوات المسلحة وقائده مالك عقار معروف بما يكفي في عوالم السلاح والسلام وهو يمضي اليوم بصدق كبير لتوفيق أوضاع جنود وضباط الجيش الشعبي التزاما بمواثيق إتفاق جوبا
وصولنا للنيل الأزرق كان فرصة لرؤية القائد عقار والإستماع إليه في مواقع ثقل الحركة الشعبية سياسيا وعسكريا بعد الانشقاق الأخير الذي ضرب صفوفها في الخرطوم وإن أخذ الشق الأيمن فيها يتعافى بعد ذهاب الشق الأيسر وكانت فرصة ايضا للتأكد من محافظة عقار على الحركة وعلى جيشها على الأرض مثلما يقول الورق
الملاحظة ان الخطاب والذي مر على كل الأحداث والأشخاص في المشهد القائم تقريبا عبر بذكاء كبير وعلو عالي على حدث الانشقاق الأخير في صفوف الحركة الشعبية وشخوصه ومر عليه مرور الكرام ولم يأت على ذكره و (لو بهمسة)!
أقل ما يمكن ان يوصف به خطاب القائد عقار في معسكر الديسة إنه خطاب تاريخي وحقيقة لم يكن مجرد خطاب بقدر ما انه كان (خارطة طريق) لإخراج البلد من أزمتها بعد تشخيص قاسي وجراحة مؤلمة للأوضاع جعلت الجميع يتسمرون في أماكنهم لمتابعته رغم تحرش الطبيعة وزخات المطر وكشف عقار بذلك الخطاب التاريخي إنه رقم على قائمة قادة حركات التحرر العالمي العظام في التاريخ المعاصر من لدن (ماو) وحتى (قرنق) فالخطاب جمع حكمة درب طويل وأفاد من محطات كبيرة وملهمة في حياة عقار وسأعود لإستعراض ذلك الخطاب من خلال عرض النص والتعليق مع محاولات للتحليل وتفكيك المضمون
لم ار مشهدا مؤثرا في الفترة الأخيرة مثل رؤيتي لأفراد وضباط الجيش الشعبي (نساء ورجال) والذين تم تصنيفهم إيذانا بدمجهم في القوات المسلحة وعددهم نحو ألفين ونصف الألف ولقد كانوا قمة في الحماس والانضباط بل والرغبة الكبيرة في الإنضمام للقوات المسلحة وكانت اهازيجهم تشق عنان السماء وحركة أرجلهم تهز الأرض وهم يهتفون للوطن الواحد من الديسة وحتى حلايب !
أكثر ما أدهشني احتفاء الجيش الشعبي بقائد الفرقة الرابعة مشاة بالدمازين اللواء رمزي بابكر عندما دعي لتقديم كلمته في المناسبة فلقد استقبله أفراد وضباط الجيش الشعبي بهتاف عالي وزاد الهتاف لما سأل اللواء رمزي بصوت عالي عن المجموعة التى ستنضم لفرقته بالقوات المسلحة فهبوا جميعا وقوفا في تأكيد الولاء للقائد وللجيش وليس هذا فحسب ولكنهم احاطوا باللواء رمزى لما سار إليهم مبشرا ومرحبا واحاطوا به في شكل أقرب ما يكون لتشكيل صندوق حماية القائد !
لقد أسقطت مخاطبة اللواء رمزي للجيش الشعبي واستقبال جنود وضباط الجيش الشعبي له/اسقطت كل المخاوف الافتراضية من عملية الدمج فنحن أمام جيش شعبي /وطني/ منصبط وهو إضافة حقيقية واضافة كبيرة للقوات المسلحة
خرجنا من معسكر الديسة عصرا وتركنا خلفنا مئات من الشابات والشباب الذين يتأهبون للإنضمام للقوات المسلحة السودانية ووالله لولا أننا أقل منهم قدرا وعطاءا وعزيمة بل أقل ولاء وانتماء لهذا البلد واضعف ايمانا بقضيته الوطنية العادلة -لولا أننا أقل منهم في كل شيء وادنى من أي شخص منهم لما خرجنا من عندهم وان كان ثمة عزاء للنفس فبشرى و (البشارة)لنا بهم فارسات وفرسان في الجيش السوداني ووالله بلدا لا تجمعنا بهم وتوحدنا معهم لا تستحق أن تقوم او تكون!
شكرا القائد مالك عقار على هؤلاء الشباب والشابات وانت اليوم تقدم للسودان جيشا كاملا من الأبطال و الأميرات /جيشا ملتزما بالأخلاق والأعراف السودانية السمحة في القتال وعند الإرتكاز !
شكرا السيدة سلوى آدم بنية أو (ماما سلوى)كما يناديها بناتها وأولادها في الحركة الشعبية وانت تقطعين المسافات من الشرق للغرب جوا وارضا إسهاما في إنجاح برنامج الترتيبات الأمنية
شكرا للسيد كورتيلا وانت تقبل في هذا الظرف الدقيق الإضطلاع بمسؤولية الحكم الاتحادي من خلال وزارة هى في حال السودان رئاسة ونثق بما نعلم لك من عمق ومسؤولية ان تضع بصماتك واضحة في رسم خارطة حكم جديدة للسودان
ودائما تعظيم سلام للجيش السوداني وللفرقة الرابعة مشاة إقليم النيل الأزرق وللجنة الترتيبات الأمنية
ونواصل الحكي عن الديسة بالعودة لخطاب القائد عقار