د. عبدالمجيد عبدالرحمن أبوماجدة يكتب في (صهيل الخيل) .. حميدتي رجل السلام و المصالحات القبلية
“1”
إنّ “السلام” هو اسمٌ من اسماء الله الحسنى ؛ فعملية السلام وبنائه لم تكن بالأمر الساهل والهين ؛ بلّ هي تحتاج لعزيمةٍ وإصرارٍ ونكران ذات ؛ وتنازلات كبيرة هنا وهناك .
إنّ مشوار السلام لم يكن هيناً بلّ انه كان شاقاً وطويلاً ومضنياً وفيه عقابيل وتحديات وعقبات كؤودة واجندات محلية و إقليمية ودولية .
“2”
إنّ نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي القائد الأعلى لقوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” هو أول من بادر بعملية السلام قبل أن تبدأ المفاوضات في “جوبا” فذهب الرجل الي عاصمة دولة تشاد “الشقيقة” الجارة الغربية ؛ والتقى هناك قادة الحركات المسلحة ؛ فتباحث معهم ووصل معهم لتفاهمات هي التي مهدت الطريق لعملية السلام في مدينة “جوبا” عاصمة دولة جمهورية جنوب السودان .
“3”
إنّ اطراف السلام من الوفد الحكومي برئاسة “حميدتي” ووفد قادة حركات الكفاح المسلح ومفاوضيهم قد أُبلوا بلاءاً حسناً ؛ وقدموا تنازلات كبيرة حتى توصلوا لاتفاق سلام نهائي في الثالث من إكتوبر 2020م بحاضرة دولة جنوب السودان “جوبا” برعاية من الاتحاد الافريقي ودول “الايغاد” والجامعة العربية والامم المتحدة ودول الترويكا واصدقاء السودان ؛ وبهذا التوقيع قد أُسدل الستار لواحدة من أطول الحروب الأهلية في السودان ؛ التي استمرت لأكثر من خمسة عشرة عاماً بين ابناء الوطن الواحد اُزهقت فيها أكثر من “350” الف قتيل من المدنيين والعسكريين وتم فيها تشريد اكثر من “8” مليون مواطن من مناطقهم ولجأ اكثر من “1” مليون مواطن من اقليم دارفور الي دول الجوار وباقي دول العالم ؛ تم حرق مائات القرى ؛ حسب تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية العاملة في الحقل الإنساني .
“4”
إنّ قضية السودان في دارفور اتخذ فيها مجلس الأمن الدولي التابع للامم المتحدة ؛ عشرات القرارات ضد حكومة السودان انذاك و التي إدانة فيها الانتهاكات الجسيمة التي وقعت للمدنيين خارج إطار القانون ؛ كما وجهت محكمة الجنايات الدولية تُهماً للمسؤولين في النظام السابق على رأسهم رأس النظام المخلوع عمر البشير وبعضاً من مساعديه
إنّ النزاع الذي وقع في اقليم دارفور غربي السودان قد اقعد الدولة السودانية طويلاً وحرمها من النمو والتطور والازدهار واللحاق بركب الأمم المتقدمة والمتحضرة .
إنّ هناك الكثير من الناس الذين ينظرون لاتفاق سلام السودان في “جوبا” بأنه سلاماً ناقصاً ولم يحقق أي شيء على ارض الواقع ؛ لكن هؤلاء لم يفكروا تفكيرياً عقلانياً ؛ ولم ينظروا للجانب الأهم لهذه الاتفاقية وهي أوقفت الحرب تماماً ؛ وجعلت الأطراف الموقعة عليها ملتزمة بها التزاماً كاملاً ؛ حتى الحركات التي لم توقع على سلام جوبا التزمت بتعهداتها مع الحكومة الانتقالية ؛ بتوقيعها لبرتكول وقف إطلاق النار .
اتفاقية سلام جوبا على الرغم من انها لم تجد الدعم المالي واللوجستي من الامم المتحدة والدول المانحة واصدقاء السودان لاكمال عملية الترتيبات الامنية ؛ لحركات الكفاح المسلح من دمجٍ وتسريح ؛ واعادة النازحين لقراهم واللاجئين الي موطنهم ؛ إلاّ انّ المجتمع الدولي لم يوفي بالتزاماته وتعهداته التي التزم بها تجاه عملية السلام حتى كتابة هذه الاسطر .
“5”
الفريق أول محمد حمدان دقلو له اسهامات كبيرة منذ بداية الثورة بحيث انحاز من الوحلة الأولى الي الثورة وقال خطابه الشهير ؛ الذي قلب فيه موازين القوة لصالح الشعب السوداني ؛ الذي هتف ايام اعتصام القيادة العامة حميدتي “الضكران” الخوف الكيزان وتم وضع صورته على كبري القوات المسلحة .
إنّ عملية بناء السلام هي عملية تحتاج لتضافر كل الجهود والمساعي والنوايا المخلصة حتى يتم بنائه بصورة تليق به مع الحدث التأريخي المهم في حياة الشعب السوداني بعد نجاح ثورتهم الشعبية العظيمة والتي مهروها بدماء شهدائهم والتي أبهرت كل شعوب العالم ؛ وايقونتها التي اصبحت شعاراً لكل الشعوب المشرئبة الي الحرية والانعتاق ” حرية سلام وعدالة ؛ والثورة خيار الشعب”
لذلك لا بد من أن تكون هناك إرادة قوية من الأطراف الموقعة على عملية السلام ويتم إنزال هذا السلام على أرض الواقع والتبشير به في العاصمة الخرطوم والولايات والمناطق المختلفة وخاصة تلك المناطق التي حدثت فيها الصراعات والحروب ؛ مما سبب ذلك النزوح الداخلي في أطراف عواصم ولايات دارفور الآمنة ولجوء خارج الحدود حتّم على الكثيرين أن يغادروا مناطقهم وقراهم الأصلية “إكراهاً” بعد إندلاع النزاع المسلح والاقتتال العنيف الذي حدث بين حكومة المؤتمر الوطني وحركات الكفاح المسلح .
“6”
إنّ عملية بناء السلام تحتاج إلى نوايا صادقة وإرادة حقيقية من جميع الأطراف والمجتمعات المحلية وكذلك تحتاج عملية بناء السلام الي دعم مالي إقليمي ودولي ويتم التبشير به في كل المنابر والمحافل ووسائل الإعلام المختلفة حتى يعم السلام كل أرجاء الوطن وينداح بين المواطنيين وفي المدارس والجامعات ودور العبادة .
إنّ السلام الحقيقي هو السلام الداخلي والتصالح مع الذات وبهذه الكيفية سيعم الأمن والاستقرار ربوع البلاد وتزدهر البلاد وتستقر الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية وتنتهي مظاهر عسكرة المدن ويحتفي الجميع بالسلام .
ظل السيد الفريق أول محمد حمدان دقلو راعي السلام يعمل في صمت من دون ادنى كللٍ أو مللٍ وفي احلك الظروف الصعبة التي تمر بها الدولة السودانية وتعقيدات المشهد السياسي السوداني والتقاطعات المختلفة فيه إلاّ أنه يعمل بتفاني حتى يعم الأمن والاستقرار كل ربوع السودان .
“7”
لم يكن طريق السلام مفروشاً بالورود والبساطة الاحمر بل كان محفوفاً بالمخاطر ؛ وعلى الرغم من ذلك فقد تم التوقيع عليه بعد عامٍ كاملٍ من المفاوضات المارثونية.
الفريق اول محمد حمدان “حميدتي” لم يكتفي بعملية السلام ؛ وواصل الرجل مشواره من اجل المصالحات القبلية ؛ وكانت قوات الدعم السريع حاضرة في كل الصراعات والحروب القبلية التي كانت تحدث في بعض الولايات ؛ كما انّ قوات الدعم السريع قامت بادوار كبيرة ومهمة في اغاثة الولايات المتضررة من السيول والامطار والفيضانات والكوارث الطبيعية.
إنّ ملف المصالحات القبلية لعب فيه السيد نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي دوراً كبيراً ومهماً ؛ خاصة مكوثه في ولاية غرب دارفور في حاضرتها الجنينة و لمدة شهرين كاملين حتى تمت المصالحات بين المكونات القبلية في الولاية ؛ الامر الذي ادى الى الامن والاستقرار ؛ وعاد عدداً كبيراً من النازحين الي قراهم مما جعل خريف هذا العام مبشراً ؛ حسب أفادت وزارة الزراعة بولاية غرب دارفور ؛ ولم تحدث اي إحتكاكات بين المزارعين والرعاة حتى الآن في موسمي الخريف والحصاد .
إنّ السيد نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي القائد الاعلى لقوات الدعم السريع الفريق اول محمد حمدان دقلو “حميدتي” يستحق ان يلقب برجل السلام والمصالحات القبلية .
كاتب وباحث سوداني
Abdulmajeedaboh@gmail.com