(كيان النوبة) .. الوحدة الزائِفة وتعميق الأزمة في المنطقة بقلم : فاطمة لقاوة
منذ تأسيس الدولة السودانية ،ظلت جدلية الصراع بين المركز والهامش مستمرة ؛وقد شهدت الساحة السياسية السودانية منعطفات عديدة ومأساة متجددة ؛قادت الى إنفصال جنوب السودان،دون رؤى أو دراسة بمنهجية وإستراتيجية متكاملة .
لم تكن الدولة الوليدة عِنوة بأفضل حال عن أٌمِها!فجاءات تحمل ذات الجِينات الخلافية المتجددة والإنشقاقات المستمرة ؛ولولا جهود الفريق أول محمد حمدان دقلو التي ساعدت في طي الخلاف بين الفرقاء في دولة جنوب السودان ؛لإستمر نزيف الدم في الدولة الوليدة دون توقف.
ظل إقليم كردفان الكبرى بولاياته الحديثة -(ولاية شمال كردفان، و ولاية جنوب كردفان، وولاية غرب كردفان)- اكثر تضرراً من الصراعات المسلحة الدائرة بين الحركة الشعبية وبين المركز ،وقد تمركز الصراع بشدة في ولايتي جنوب كردفان وغرب كردفان ؛مما أضر بإنسان تلك المناطق الذي أصبح مُنّهد الحيل ؛يرزح تحت وطأة التهميش الممنهج الذي يمارسه المركز اتجاه تلك الولايات ؛وكماشة الهجمات المتكررة من قبل قوات الحركة الشعبية ؛وكابوس البترول ومخلفاته السالبة؛التي أصبحت نِغْمة وليست نِعمة؛وظل انسان تلك المناطق يتعايش مع القدر الذي قاده ليكون موجود في ساحة مُعتكر الأفيال.
سقطت الإنقاذ بخيرها وشرها ،وطلت علينا فترة إنتقالية غير مستقرة عمقت الخلافات بين المكونات السياسية ،وأدخلت الطمع في نفوس النُخب المتصارعة والمتنافسة من أجل الفوز بكراسي السًلطة.
منذ تولي الفريق أول شمس الدين كباشي الملف الأمني والسياسي لكردفان ؛ظل كيّال مكِيالين ؛غير مُحايد،في إدارة الأزمات الأمنية في تلك الولايات -(اتفاقية سورني المشبوهة في لقاوة التي مكنت لحركة الحلو في المنطقة ،وقرار تجميد ترسيم الحدود بين محليتي السنوط والنهود)-،بل مُتهم بأنه ساعد في زيادة الإحتقان بين المكونات المجتمعية في تلك المجتمعات السُكانية،وأهتمامه بقضايا فئات إثنية معينة ؛دون الفئات الأخرى ؛مما أدى إلى خلق حالة من الغُبن المجتمعي في المنطقة .
اتفاقية سورني المشؤمة التي هندسها الفريق أول كباشي بمعاونة بعض جنرالات الإستخبارات العسكرية من أبناء المنطقة ؛أمثال الفريق الخير عبدالله ؛واللواء الخير ابومريدات ؛واللواء محمد علوي كوكو ؛بحضور لجنة أمن ولاية غرب كردفان؛ ساعدت تلك الأتفاقية في تمدد الحركة الشعبية جناح الحلو ؛وأصبحت تتوغل داخل أحياء لقاوة دون رقيب او محاسب ؛فأصبحت تقتل المواطنين ؛وتسرق ماشيتهم في رأس كل ساعة في اليوم؛فتولد الغُبن عند الأهالي الذين لم يجدوا حماية أو إهتمام متكامل من قبل حكومة المركز أو حكومة الولاية ؛لذلك لم يعد أمام المواطنين الا التصدي لهجمات جيش الحلو الذي إجتاح مدينة لقاوة؛فكانت المعارك غير متاكفئة بين مواطنين عٌزل وحركة شعبية متمردة بكامل عتادها؛ولولا تدخل قوات الدعم السريع الذي جاء متأخر ،لإصبحت لقاوة خرابة يتباكى عليها البعض.
بعد احداث لقاوة التي قامت بها الحركة الشعبية جناح الحلو !!!وسعى بعض النخب من ابناء النوبة للإصطياد في المياه العِكرة وجعل أحداث لقاوة !حِصان طراودة يحلموا بإمتطاء ظهره للعبور نحو مبتقاهم ولكن هيهات .
ظهر علينا فجأ نبت سمى نفسه ب (كيان النوبة) وقاد مسيرة مدفوعة الثمن مُسهل لها الصعاب ؛فُتحت لها أبواب القصر دون خلق الله من السودانيين الآخرين ؛ولكن سُرعان ما إنقلب السِحر على الساحر ؛وبدأت المسيرة تنحرف عن عنوانها الأساسي ؛وظهر عليها طابع الشحن القبلي الزائد وانتشر فيها خطاب كراهية مُفرط ؛بينما ناد البعض من المتظاهرين بأن يأتي عبدالعزيز الحلو المتمرد على المركز من أجل إستلام السُلطة في الخرطوم؛وما إن إنفض سامر حشود المسيرة الا وقد إمتلأت الأسافير بفضايح الصراعات حول الأموال التي دُفعت لإنجاح تلك المسيرة وخرجت علينا حكاوي واتهامات أشارات إلى نافذين في المركز .
بالأمس قرأت خبر عن أن ممثلي كيان النوبة قاموا بطواف لبعض الولايات ؛وانهم بصدد الترتيب لزيارة الفريق أول كباشي الى كادقلي التي وصفها البعض بأنها عاصمة النوبة !!!متجاوزاً كل التقسيمات الإدارية السابقة والآن التي لم تعطي مدينة كادقلي صفة قبلية .
وحدة النوبة التي أطلقها البعض !!زائفة والوقائع على الأرض تقول غير ذلك !!!وقبول كباشي للدعوة بإسم النوبة في هذا الوقت ما هو الا صب للزيت على النار التي قد تشتعل في ظهر الغلابة في ولايتي جنوب كردفان وغرب كردفان؛ولن نجد واحد من نٌخب المركز ومتسكعي الخارج من بين ضحاياها يوماً ما.
لا أدري لماذا الفريق اول عبدالفتاح البرهان يبارك التصرفات الرعناء التي تّمارس بحق ولاية غرب كردفان وجنوب كردفان ؟وهل النوبة بجبالهم ال ٩٩ جبل لهم لهجة موحدة تربطهم غير اللهجة السودانية العامية ؟!وهل النخب من أبناء النوبة بمقدورهم تجاوز جميع الأحقاد فيما بينهم لتكون وحدتهم المزعومة صادقة؟وهل الحلو يستطع بكل ثقة أن يضع يده مع يد كباشي وكبشور كوكو وشمعون ومحمد مركزو ( المتهم الأول بأنه العقل المدبر لما يدور الآن،حسب بعض التسريبات) ؛دون أن يراجع ذكريات أواخر الثمانينيات و منتصف التسعبنيات ؟!.
ما قُدم من دعم مادي من قبل كباشي ،وأردول، وكُرتكيلا لكيان النوبة ووحدته الزائفة !!الأولى به انسان النوبة في الجبال الذي يتضور جوعاً ويفنرش الأرض ويلتحف السماء في هذة الأيام الشتوية القارسة .
ما صدر من تصريحات من كافي طيار الرجل الذي أصبح في أرزل الأعمار ،لن يمحي تاريخ كافي طيار وما قدمه من خدمة للمركز ضد أهله في جبال النوبة ؛وأن قائد قوات الدعم السريع قد قدم خدمات لكافة الغلابة في مشارق السودان وشماله ومغاربه وجنوبه دون إستثناء لأحد ؛ورجالات الإدارة الأهلية من أهلنا النوبة الذين قدم لهم القائد حميدتي يد المساعدة مثلهم وبقية الإدارات الأهلية التي تم دعمها !وهذا لا يعطي أي أحد من كيان النوبة توجيه إهانة للإدارة الأهلية.
تبقى التساؤلات دائرة بإستمرار :كيان النوبة والوحدة الزائفة !!!هل سيعمق الأزمات في المنطقة مرة آخرى؟ولماذا البعض يتمشدق بالإساءة لقوات الدعم السريع ،رغم دورها المشهود لها؟
ولماذا التباكي الآن على لقاوة؟
وهل عبدالعزيز الحلو وربائب الكيزان من أبناء النوبة قد فقدوا الأرضية النضالية،وضيعوا المبادئ ،لذلك الآن أصبح ضروري عندهم ان يتم تصعيد الصراعات القبلية بعد صناعتها؟!
وآين الحادبين على أمر لقاوة ؟
ولصالح من تتم إدارة الأزمة الآم؟.
وما الذي يريده كباشي من تزكية نار الفتنة بين مكونات المنطقة ؟ولماذا يقبل الزيارة الإثنية في منطقة تعيش انقسامات حادة الآن؟
كل هذة الأسئلة تبين عمق الأزمة ،ولا بد من بحث الحلول الناجعة.
ولنا عودة