فضل الله رابح يكتب في (الراصد) الملعب القذر .. والحرب علي الشباب !
أكثر من شهرين وشهاب محمد عبد الله الشهير بـ (شهاب برج ) ومحمد نور فيصل الشهير بـ ( نوري ) يقبعان في حراسة المقرن بالخرطوم دون ان يقدمان الي محاكمة عادلة ثم ألحق بهما أحمد حسبو سجينا آخرا بما يمثل فشلا إضافيا لحكومة عبدالله حمدوك التي تشكلت بعد ثورة الشباب في السودان وهذا يمثل فشلا كبيرا وسد أفق لكل خيارات الشباب وهذا سلوك يكشف عن عورة المكون السياسي المدني ( الحرية والتغيير) الذي خطف مجهود الشباب وهو مكون سياسي تحركه خيارات ومصالح لاعلاقة لها بأجندة الشعب السوداني ولا أولويات الشباب هذا الكيان ( الحرية والتغيير) الذي سيطر علي زمام الامور في الدولة غير أنه فشل في ان يدق ولو جرس إنذار لمنع هذا العبث الذي تمارسه مجموعة بإسم الثورة ومؤسسات الحكم الإنتقالي في السودان .. حتي الان لم تخرج رواية حكومية متماسكة تكشف حقيقة لماذا القبض علي نوري وشهاب وآخرين وماهي التهم التي بسببها يقبعون داخل المعتقلات وذات الامر طبق علي أحمد حسبو الذي اعتقد انه اعتقل لمجرد أن والده كان نائبا للبشير وأحمد عرف بانه لا يمارس السياسة ويعمل في القطاع الخاص وفق مصادر تمويل مباشر من الشركات التي تشتري المحاصيل والسلع التي يتاجر فيها هو وهذه بطبيعتها يمكن ان تسهم في حركة الحساب التي تمثل المبالغ الصادرة للحساب والمبالغ الواردة اليه وهو نشاط طبيعي ومحمود نظرا لطبيعة العمل اما اذا الامر يتعلق بتوريد حصائل الصادر وخلافه فهذا يتطلب رواية وتقديم مستندات من بنك السودان اذا لم يكن أحمد حسبو يورد يجب محاكمته عبر المحكمة وليس اعتقاله بالشكل الذي يمكن ان يكسر إرادة الشباب ويحد من طموحاتهم و نجاحاتهم في العمل الخاص بغض النظر عن إنتماءتهم السياسية او علاقاتهم الأسرية والأحق أن تشجعهم الحكومة ولا تكسر مجاديفهم .. أما إذا الأمر يتعلق بمخالفات ضرائب وتسهيلات فهذا ايضا يتطلب رواية موضوعية تثبت ذلك حتي يعرف الراي العام والاعلام الحاصل وكذلك اسرته التي ربما تكون قلقة جدا من هذا الحبس والظروف المحيطة به في ظل الظروف الصحية والبيئية التي يعانيها السودان عموما والسجون خصوصا .. إن رئيس الوزراء الدكتور ـ عبدالله حمدوك بدلا من أن يستمع لتقارير ومعلومات ترده من بعض من الذين يتاجرون بآلام أسر هؤلاء الضحابا و بهذه التهم العدائية المفتعلة ضده يكون أحسن صنعا إذا كلف نفسه وذهب بنفسه الي السجون وصوالين المعتقلات ووقف علي طبيعة وانواع الجرائم والحبس وفئات المحبوسين وأعمارهم وهو رئيس وزراء حكومة السودان عموما و الشباب خصوصا حينها اعتقد ان حمدوك سيصل الي نتائج من سياقها العام سيدرك ان المشهد اليوم قد تجاوز ما يفصح عنه البعض وما يرد في مضابط التحريات بأن هذا الشاب أعتقل لانه ضبط وفي جيبه مبلغ ألف دولار أو أن بتلفونه معلومات تكشف الخطة الجهنمية لأعداء الثورة والحكومة والتي بموجبها يريدون تغويض النظام والإنقضاض علي الحكومة .. بإختصار أن كثير من الأحاديث عبارة عن حماس زائد وإستهلاك لطاقة الحكومة ومؤسساتها أكثر منه مبررات موضوعية للحبس .. وكثير من القضايا والإتهامات والوشايات يقف خلفها مستفيدين صغار ومنتمين إلي محاور ودوائر صراع ضيقة هدفها إذابة الجليد العالق بينهم وكسر الشخص المقبوض مع الحلم بالتمكين والتقرب والصعود لكنهم لا يدركون أن رهانهم خاسر طال الزمن أو قصر لأنه لم يتجاوز محطة الطعن من الخلف والمعلوم بالضرورة بأنه بمجرد سقوط الانقاذ كثيرون نقلوا ولاءهم ناحية النظام الجديد متناسيين انهم كانوا متماهيين من قبل مع الانقاذ طيلة الـ 30 سنة تمكينا سياسيا وإقتصاديا بذات الإسلوب فبعضهم اليوم قد تماهي مع الجدد حلما بالتمكين وهذا وضع طبيعي في السودان الذي في تاريخه شهد مثل هذه التبدلات السريعة ولكن عادة ما تنقلب الاوضاع بالصورة والسرعة التي لم يضعها المتحولون في حساباتهم مطلقا ويفترض ان تكون ثورة 11أبريل المصنوعة قد ضربت هذا النوع في مقتل ولتهدم هذا الحلف الكاذب علي رؤوس أصحابه ومريديه من النفعيين والإنتهازيين لكن يبدو انها اسهمت في تطويره وتحويره .. وحمدوك وأجهزته عليه أن يدرك أن ظهره مكشوف فهؤلاء الذين يرتكبون الافعال الهوجاء بعضهم ومصادر معلوماتهم تاتي من الذين اسهموا في إنكشاف ظهر الإنقاذ فهم اليوم بدفاعهم المستميت علي أخطاء حكومته وإخفاقاتها ومحاولاتهم ذرع الأوهام التي تشكلت في أذهانهم والتستر علي واقع المعتقلات يورطون حمدوك وحكومته وأن ما يفعلونه يمثل خصما علي مبادئ الثورة التي تنادي بالحريات والسلام والعدالة .. إن كثير من مراجع ومظان أسباب الحبس وقضاياه سيما المتلعقة بالتجارة والعملة بها تقاطع مصالح وإبتزاز وبعضها وشايات من بعض الذين يريدون تبديل ملابسهم وبهذا الفعل يريدون ان يثبتوا ولاءهم وصدقهم .. أخشي علي حمدوك أن يجد نفسه يوما يقف وحيدا وسط صحراء جرداء من التحالفات السياسية والشعبية فحركة السياسة والحكم في السودان تعودت أن تعيش في كنف واقع معين فأخشي أن يستثمر الذين حوله نقاط ضعف الحكومة ومواطن خللها لصناعة تحالفات جديدة ضده وفتح الصندوق من الداخل .. الانقاذ لم تسلم من الألاعيب والتناقض حين غدر بها وتمت الإطاحة بها وعلي أنقاض حكمها شيد حمدوك مبني حكومته الانتقالية التي فشلت حتي الان في تجاوز جبال القطيعة الشعبية التي حالت بين الانقاذ والسلطة .. إن حمدوك اليوم في أشد الإحتياج الي وقف التدهور الاقتصادي والأمني والمعيشي في البلد بدلا من مطاردة الشباب في جاكسون وشارع الحرية وضرب البمبان والاعتقالات فهذا سلوك جربته قبله حكومات سابقة وفشلت .. إن الطموح السياسي بإسقاط حكومة حمدوك أصبح الآن علي طاولة من يرغب بالداخل والخارج ولم يعد اللعب ضدها في الظلام والاجتهاد في إرتداء الأقنعة والتخفي فالأسباب التي خرج لأجالها الشباب والشعب زادت بل تضاعفت والمواقف الإقليمية والدولية شهدت تحولا نوعيا بعد تقييم أداء الحكومة السودانية الحالية وكوادرها السياسية فالأمر لم يعد عندهم يتطلب توقيتات للهجوم المباشر وغير المباشر والبحث عن مسوقات ومبررات ـ فكثيرون من شركاء الحكومة الانتقالية السياسيين والعسكريين وحتي الذين كانوا متمردين يخرجون صباحا ومساء بتصريحات عنيفة ضد الحكومة بما يكشف ان موازين ومعادلات الحكم وموازين القوة
الداخلية قد تبدلت بما يصب في مصلحة المعارضة وجهود الثورة الجديدة التي توحدت فيها إرادة مناصري الحكومة ومعارضيها علي حد سواء .. الان معظم المظاهرات العنيفة التي تخرج ضد الحكومة هي من شباب ثورة ديسمبر الغاضبون وهذه لا تحتاج الي شرح وتفصيل سوا تأكيد فشل الحكومة وعدم قدرتها في معالجة قضايا الشعب .. فضلا أطلقوا سراح المعتقلين وأتركوا هذا الإستكبار وما يقوم به البعض من تصفية حسابات تحت لافتة لجنة التمكين وفكروا في إنشغالات الشعب الحقيقية وتمسكوا بمادئ الثورة إذا أردتم العبور والإنتصار مع أنني أراه بات مستحيلا وأخشي أن يسجل التأريخ أهم إنجازاتكم هي إستنساخ فشل ودكتاتوريات كنا نراها في دول عربية حولنا وأسهمتم من خلالها في تدمير إرادة الشباب وهزيمتهم في ثورتهم وإفراغ الخدمة المدنية والعسكرية من الكوادر وإستغلال سلطة الدولة في التدمير الممنهج و التعدي علي أملاك وثروات الآخرين الخاصة وبهذا لم تكونوا قد إستلهمتم قيم الثورة بل ساعدتم علي تكسيرها وتجاوزها ..