(بحصافة – بحصافة) ..إمام محمد إمام .. البروفسور محمد الأمين.. والشرق أتى لرئاسة الوزراء!
i.imam@outlook.com
اشتد وطيس التنافس على رئاسة الوزراء في الحكومة الانتقالية بالسودان هذه الأيام، وتداولت المراكز البحثية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، أوفر الحظوظ في هذه الترشيحات، فكان الأخ البروفسور محمد الأمين أحمد إسماعيل النطاسي البارع وجراح القلب المعروف ومدير جامعة النيلين الأسبق. من هنا بدأنا أهل الشرق نتحسس قول الشاعر الراحل محمد سعد دياب “الشرق أتى”، فإن كان شرقه الآتي “مادلينا”، ذات الأم الإثيوبية والأب الأغريقي. أما نحن أهل الشرق نحلم أن يأتي شرق السودان بالبروفسور محمد الأمين ليُصبح ثاني رئيس وزراء للسودان من شرقه، بعد الأخ محمد طاهر إيلا الذي أمضى في تلكم الرئاسة بضعة أسابيع فقط!
لم يكن الشاعر الراحل محمد سعد دياب، يدر بخلده أن يأتي يوماً، يحاول فيه بعضهم، التفكير في أن قصيدة رومانسية له، تغني بها الفنان النور الجيلاني محمد عمر في مهرجان الناشئين للأغنية الشعبية في سبعينات القرن الماضي والتي فازت بالمركز الأول، وكانت الانطلاقة الحقيقية للأخ النور الجيلاني، ستكون توطئة لعُجالةٍ سياسية عن ترشيحات رئيس الوزراء المقبل في السودان، لا لشئ إلا لأن الأخ الراحل الشاعر محمد سعد دياب عبر في مادلينته التي أُمها سليلة أمهرا ووالدها من قلب أثينا، فصاح فيها النور الجيلاني، مادلينا مادلينا الغرب أتى والشرق أتى! فكأن محمد سعد دياب أراد منذ سبعينات القرن الماضي أن يُرسل رسالة فيها قدرٌ من التورية إلى الساسة السودانيين. فالتورية عند أهل البديع، هي أن تحمل كلمة أو جملة معنيين أحدهما أقرب إلى الذهن، لكنه غير مقصود، والثاني بعيد إذ أنه المقصود. قد تكون الغاية منها إثارة الذهن، أو الهروب من المساءلة القانونية والتاريخية.
وأكبر الظن عندي، أن الشاعر الراحل محمد سعد دياب عبر بقوله مادلينا الغرب أتى والشرق أتى! فالمعنى البعيد المستوحى من هذه اللوحة الرومانسية التي جسدها دياب، تدعو للتأمل من أن الغرب والشرق في السودان آتيان، لينالا حظهما من السلطة والنفوذ، ويخرجا من ربقة الظلم، ومرارة التهميش!
من خلال هذه التقدمة، ننزع من رومانسية دياب، إلى اعتساف السياسة السودانية، عبر هذه العُجالة!
ولمَّا كانت العرب تقول: “القول ما قالت حُذام”، فهذا مثل عربيٌ قحٌ، من الأمثال التي تُضرب في سدادة الرأي، ولزوم التصديق. وتعود قصة المثل إلى امرأة تُدعى حُذام، وهي امراة لرجلٍ يُدعى لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وهي حُذام بنت الريان بن خسر بن تميم، وكانت امرأة شديدة الذكاء، واسعة الحيلة، تُصيب الرأي إن قالت، وتظن الأمر فيأتي كما توقعت. فلا ريب أن الولايات المتحدة الأميركية، هي حُذام عالم اليوم، فالقول ما قالت أميركا!
وفي رأيي الخاص، أن الولايات المتحدة الأميركية ستكون الرمانة التي سترجح كفة الترشيحات لموقع رئيس الوزراء المقبل في السودان. فها هي بدأت تتحدث عن الأوفر حظاً في هذه الترشيحات! فلذلك ينبغي دراسة مُخرجات وتقارير مراكز البحث الأميركية، فهي واضعة السياسات، لمتخذي القرارات.
وأذكر في هذا الصدد، أن المرأة الحديدية الراحلة مارغريت هيلدا ثاتشر زعيمة حزب المحافظين البريطانيين ورئيسة وزراء بريطانيا (1979 – 1990). وكانت أول امرأة في تاريخ بريطانيا تتسنم زعامة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء في بريطانيا، وأول رئيسة وزراء في أوروبا كلها، كانت لها مقولة شهيرة:
Margaret Thatcher Quote: “Advisers advise, and ministers decide.”
“المستشارون ينصحون، والوزراء يقررون”. بمعنى أن المستشارين عليهم تقديم النصح، والوزراء هم الذين يقررون.
وأحسبُ أن مركز مبادرات السلام والإعلام الأميركي في نيويورك، نشر تقريراً عن الوضع في السودان، وتضمن التقرير وصفاً للوضع السياسي الراهن في السودان، مُشيراً إلى أن الوضع في السودان خطيرٌ ومعقدٌ. وتحدث هذا التقرير عن أن هنالك ثمة بارق ضوءٍ يلوح في الأفق، بسبب ترجيح كفة الترشيحات لموقع رئيس الوزراء من شرق السودان.
وفي غير لبسٍ أو غموضٍ، أوضح مركز مبادرات السلام والإعلام الأميركي في نيويورك، في تقريره أن من بين الترشيحات لموقع رئيس الوزراء المقبل في السودان، سيكون الأوفر حظاً حتى الآن من الشرق، هو البروفسور محمد الأمين أحمد إسماعيل جراح القلب المعروف ومدير جامعة النيلين. لم يكتفِ التقرير بهذا، بل ذهب إلى وصف البروفسور محمد الأمين أحمد إسماعيل، بالمستقل والبراغماتي. ومن الحيثيات التي ذكرها المركز الأميركي في تقريره، أن البروفسور محمد الأمين أبدى في تصريحاتٍ صحافيةٍ، رفضه القاطع أن يكون ساحل البحر الأحمر منطقة للتنافس العسكري والاقتصادي الدولي، ولهذه التصريحات صدىً طيباً، وموقعاً رائعاً، لدى المنظومات الأميركية – حكومةً وغير حكومةٍ – لأنها تعني بصريح العبارة رفض البوارج الروسية على حرور شواطئ السودان!
ومن الضروري الإشارة، إلى أن بعض التحالفات السياسية، ومكونات في شرق السودان، توافقت على ترشيح البروفسور محمد الأمين أحمد إسماعيل لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية في السودان، وذلكم قبل تقرير مركز السلام الأميركي في نيويورك.
واستشعر أهل الشرق، بمختلف مكوناتهم، وتباين قبائلهم، بأهمية عدم تضييع هذه السانحة، بالخلافات في ما بينهم والعمل على التوافق حول البروفسور محمد الأمين أحمد إسماعيل كمرشحٍ من شرق السودان لمنصب رئيس الوزراء في الفترة الانتقالية. وقد أجرت الأحزاب السياسية، والمكونات المجتمعية في شرق السودان، مشاورات واسعة لاختيار مرشح توافقي، في ظل الاهتمام الكبير بملف شرق السودان من قبل المجتمع الدولي والإقليمي.
يذهب الكثيرون من شرق السودان وغيره، إلى أن الأخ البروفسور محمد الأمين أحمد من خيرة الكفاءات السودانية، كما يتمتع بعدة خبرات علمية، من ضمنها استشاري جراحةئب القلب بمستشفى أحمد قاسم منذ عام 1998 حتى الآن، ومؤسس ورئيس مجلس أمناء كُلية زمزم الجامعية التي أُنشئت في عام 2017، ومدير جامعة النيلين الأسبق.
وأدعو مخلصاً رسلائي ورسيلاتي في المجلس الأعلى لشرق السودان برئاسة الأخ البروفسور إبراهيم محمد أونور أن يدعموا ترشيح الأخ البروفسور محمد الأمين أحمد إسماعيل لمنصب رئيس الوزراء في الفترة الانتقالية. ولنعمل جميعاً إلى إنفاذ حملته الإعلامية، ليكون شعارنا “الشرق أتى”.
أخلص إلى أنني أعرف الأخ الصديق البروفسور محمد الأمين أحمد إسماعيل منذ أمدٍ بعيدٍ، وكنتُ أعلم أنه عندما تسنم إدارة جامعة النيلين، كان يعمل بجد وإخلاص لتطوير جامعة النيلين وتقدمها، وقاتل قتالاً شرساً من أجل المحافظة على أرضيها، ومن قبل على سمعة طلابها، وتفوقهم في المجالات الأكاديمية. وخلق لجامعة النيلين علائق متفردة، منها العلاقة مع دولة قطر، ليس مع جامعتها فحسب، بل مع أميرها الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، الذي زار السودان، معلناً العديد من المشاريع الأكاديمية والاستثمارية لصالح جامعة النيلين. وكانت تلكم الزيارة الأميرية بعضاً من إنجازات الأخ البروفسور محمد الأمين أحمد في كثير من المجالات، وكانت أيضاً حسداً وحقداً من أسباب اعفائه من إدارة الجامعة. وأظهر إبان إدارته لجامعة النيلين حِنكة ودراية. وكان يتعامل مع زملائه الأساتذة بروح الاخاء، ومع طلابه بروح الأبوة، لا يستجيب لمضاغطات العمل،وكان هيناً تستخفه البسمة، وقوياً يشتد عند الفوضى.
وكأن الشاعر السوداني الراحل محمد إدريس جماع عناه، حين قال:
هينٌ تستخفه بسمة الطفل
قويٌ يُصارعُ الأجيالا
حاسرُ الرأس عند كل جمالٍ
مستشفٌ من كل شئ جمالا