الالتزام بالتحول الديمقراطي .. الدعم السريع يشرح فهم وظيفته الجديدة كتب :عثمان شيخ الدين
اصوات تعالت من كل مكان ومن خارج السودان وداخله كثير منها ينعق بنا لا يعرف ، يصفها البعض بأنها مليشا ، وهو قول ليس مردود ، ولكنه يدخل قائله تحت دائرة القانون بالاتهام الصريح بنشر الأكاذيب المضللة ، لقد أحتمل الدعم السريع قسوة الاتهامات والأكاذيب ولم تساعده أجهزة الإعلام الرسمي ، ولا حتي أجهزة إعلامه الخاص لسبب بسيط عدم حساسيتها تجاه عملية الخلط التي يقع فيها الجميع ، وفوق ذلك كله كأنه صار امرا بسيطا أن يقوم اي ناشط بالضرب علي هذه القوات ، البعض يستغل فكرة تأسيس قوات وجيش موحد ليفرز اصوات من الجهل ، ولكن نجد العذر لكثير من الذين يتحدثون من الخارج لأنهم قد تصلهم معلومات كاذبة أو مضللة أو تقارير ذات اغراض ونية غير سليمة ، ومع ذلك كله فإن ما قاله الفريق اول محمد حمدان دقلو حميدتي قائد الدعم السريع في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري التي عقدت في الخرطوم باعتبارها ورشة مقررة ضمن الاتفاق الاطاري للوصول لاتفاق سياسي لإدارة الفترة الانتقالية ،
وما يحسب للجيش أنه يفهم لوحه تماما، ويعرف تعقيدات المرحلة الانتقالية التي تدار بأسلوب الكل من الثورة ولو علي حساب قيمها ، والكل ضدها عندما يكون عليه بناء الحقائق الأولية حولها ، والشعارات وأخطر ما يواجه أي ثورة هو غياب الرؤية لإدارة الفترة اللاحقة ،بعد سقوط النظام السياسي ولولا تدخل الجيش بحكمة في مثل هذه المواقف وبقائه ضابطا للفترة الانتقالية لانتقلت البلاد إلي مرحلة الحرب الأهلية الشاملة ، فالمدافعة التي تقوم بها الأحزاب والقوي السياسية ، وفهمها لدورها فالثورة ليست مجرد شعارات ، وكتابة لافتات وتغلقل من خلف ابواب الاعتصام ، وعندما تجمعت الجماهير كان عليها أن تعقد لها اجتماعا لتخطط للفترة الانتقالية ، ولاستلام ولادارتها ، وهنا نتذكر بعضا مما رشح عن وزير خارجية السودان في انتقالية 1985 حينما قال إن الامريكان طلبوا بأن لا تتجاوز الفترة الانتقالية عام ونصف .ولكن عبقرية الانتقال المتعثر اطل برأسه لتكون الفترة حتي الآن أربعة وهنالك عامان آخران منصوص عليها ، وربما في حالة أخري تتأخر تجربة انتخاب حكومة جديدة ، وهي ذات ما تمخض عن انتخابات السودان التاريخية الأولي ففي مارس 1954 دعيت الي افتتاح البرلمان الانتقالي السوداني المنتخب من الشعب رئيس مصر ووزير خارجية بريطانيا ، وما جرت في تلك الأيام من أحداث تاريخية ، هزمت اول تجربة واستحقاق انتخابي سوداني ، وكشفت لاحقا أن من أدار ذلك العنف كان المسؤول البريطاني الذي خطط لاحداث فراغ دستوري ، يؤدي لاستمرار الحكم الثنائي حيث كانت بريطانيا لازالت تحلم باستمرار استعمارها للسودان ، ودبرت تلك الأحداث لتظهر أن البلاد لا يمكنها الحصول علي الاستقلال في تلك الحالة ، كان ذلك حدث الماضي البعيد
وهنا خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت إحالة رأس النظام السابق والكثير مما جري حينها كان بفضل أن هنالك حيل يناهض الفوضي ويهتم بأمن البلاد واستقرارها ، مهما كانت الرايات المرفوعة تتحدث بإسهاب عن التحول الديمقراطى لكن الخطي إليه تتراجع ، وحالة هؤلاء مع ضعفهم وتراجعهم اكبر مهدد لمسيرة التحول الديمقراطى الذي يجب أن يتجاوز ما من لا يثق في حضوره الجماهيري ، ولا يمكن انتظار تحول الجماهير له ومن اين له بالتأكد أن الزمن كفيل بتغيير الاتجاهات ، وليس تكريسها ، أن من الصعب فعل تلك الأشياء المعيبة ثم انتظار نتائج قبول جماهيري واسع ،
وفي حديثه أمام منصة الإصلاح للمنظومة الأمنية والعسكرية يطرح الفريق اول محمد حمدان دقلو (حميدتي ) مقاربته الواضحة ويشرح ماهية دور القوات التي ظل هو قائدها في تلك الأثناء وبعدها ، لا لينفي اكاذيب تنسج ولا ليرفض دمجا مع القوات المسلحة التي هو جزء منها ، وعلي مساحة تسمح له بحرية التحرك الميداني ، وليس الخروج من مظلة القوات النظامية بل وظل حميدتي جزء منذ اليوم الأول للتغير الذي حدث في 11 ابريل .. وهنا نقطف جزءا مما قاله قائد الدعم السريع في ذلك المؤتمر
((ظلت قوات الدعم السريع، ولا تزال، ملتزمة التزاماً لا لبس فيه، بالانحياز لخيار التحول الديمقراطي، الذي يضع السودان في مساره الصحيح، والشواهد في ذلك كثيرة منذ ما قبل 11 أبريل، برفضها قمع التظاهرات، ثم انحيازها لخيار الجماهير، مروراً بالمرحلة الانتقالية الأولى وما بعد 25 أكتوبر، وصولاً إلى مرحلة الاتفاق الإطاري الحالي.))
اذن كل هذه المحطات أثرت وتأثرت بها الدعم السريع انطلاقا من قانونها الذي يخرجها من إدارة وإرادة القائد الشخص الي الإدارة المؤسسية ليكون لها الحق في مواقف سيسطرها لها التاريخ ولن يسامح التاريخ في المواقف ولن يجامل ولن يستمع للمغالطات في عصر يتسم فيه العالم بالقدرة علي التعامل مع الاحداث علي أرض الواقع وليس بالادعاء فقط ، اذن اعلان وتجديد وتأكيد تلك المواقف تظل ضرورية في ظل عقل يتأثر بالدعاية والأكاذيب رغم سطوح المواقف كالشمس في رابعة النهار ومع ذلك فلا بأس بالتذكير بها ، والتأكيد عليها ، ليتخذ اي إنسان موقف بناء علي تلك القواعد المتبعة وليس وفقا للاهواء والامزجة وتأثير الأكاذيب والتضليل الممنهج
من الطيب أن يطرق اذان الشباب الفاعل في الثورة السودانية حديث الفريق أول محمد حمدان دقلو ((حميدتي )) ليس من باب الادعاء ولكن من باب الالتزام المؤكد بالعمل علي أرض الواقع ، وبعيدا عن الروح التي تسود بين قوي سياسية تحاول أن تلعب علي مطالب الجماهير ، ودون أن تكشف تلك القوي السياسية التضليل والأكاذيب الممنهجة التي يتعرض لها السودانيين .. لكن ما يقوله حميدتي يكفي أن نكرره هنا لنعرضه من حيث الأفكار والتركيز والإختيار حين يقول :
(وسنظل متمسكين بهذا الخيار، لن نجامل فيه ولن نتخلى عنه، وهذا بمثابة إعلان مبكر ورسالة ينبغي أن تدركها الحكومة المستقبلية التي ستتولى زمام الأمور في البلاد، أن التحول الديمقراطي هدف استراتيجي لا حياد عنه مهما كانت الظروف.)
اذن ذلك بمثابة رسالة للحكومة القادمة بأنه لا مراوغة ولا تلاعب ولى حياد تجاه التغيير وإنجاز التحول الديمقراطى .. وهو أمر يقرأه الجميع كل من زاويته ، ولكن من الواضح أن حميدتي يدعم به مواقفه المبدئية التي ظل واقفا عليها دون أن يبرح مواقفه وحتي دون أن يناور أو يستخدم التكتيك ، ورغم تكلفة الشفافية في كل الاوضاع في مجتمع سياسي لازالت حقيقة وجود حد ادني من التوافق السياسي علي قضايا البلاد محل شك
وهاهو الفريق اول محمد حمدان دقلو ، (حميدتي ) يضع كل المظاهر التي يراها ولا يتعامل معها مثل تحولات وتكتيات البعض وفقدان الثقة الذي تسعي له جهات متعددة ، بين أن يقف الي جانب أحد أطراف الصراع ولكن صراحة وصدق الرجل ينقذه من اي محاولة للوقيعة بينه والشعب السوداني