صلاح حبيب يكتب في (ولنا راي)..من افسد الخدمة المدنية؟!
الخدمة المدنية السودانية كانت واحدة من افضل مجالات العمل التنفيذى وكان الموظف فى قمة الانضباط مما جعل الكثير من الدول العربية تحاول الاهتداء بها،ولكن ازدهارها بدا فى التراجع عقب ثورة مايو ١٩٦٩ وبدا الموظف الذى كان مضرب المثل فى الطهر والنقاء والامانة بدات يده تمتد الى المال العام واخرين اجبرتهم ظروف الحياة على تلقى الرشوة ووجدوا لها بعض المسميات كالتسهيلات حينما يكون احد التجار او المستثمرين فى حاجة الى الشهادات التى يريد اكمال معاملاته او ادخال بضاعته ومن هنا تبدا عمليات المساومة او الرشوة، وهذا لا ينطبق على كل الموظفين ،فمن عجز عن مقاومة ظروف الحياة فكر فى الاغتراب لتحسين وضعه المالى وبالفعل كانت فترة منتصف السبعينات هى بداية الهجرة الى الدول العربية ولكن اثر البعض البقاء فى وظائفهم خاصة ممن عاشوا على الرشوة او التساهيل، وحتى النظام المايوى شجع على ذلك وهناك بعض المسؤولين الذى قال الغنى غنى والماغنى….. وظلت الرشوة متفشية ومن استطاع مقاومتها عجز عن الصبر بسبب الظروف الاقتصادية التى ظلت تواجهه ولكنها افسدت الكثيرين وقللت من قيمة الموظف السودانى، واصبح انجاز الاعمال مربوط بها ولا تكتمل الا عبر تلك التسهيلات، ولم تسلم بعض المؤسسات الخدمية وبعض موظفيها من التسهيلات ( الرشوة ) واذا اردت قضاء معاملتك باسرع ما يمكن فما عليك الا ان تدفع واصبح هناك موظفين او عمال متخصصين فى ذلك وكل من يريد انهاء معاملته عليه ان يذهب الى فلان الفلانى، ان ظاهرة الرشوة تنامت فى ظل غياب القوانيين واصبح الموظف المرتشي من اصحاب العمارات الشاهقة والسيارات الفارهة والعطور النفاذه وحتى المدير لايستطيع ان يوقفهم لان القانون فى اجازة ،واستمر فساد الخدمة المدنية حتى فى ظل حكمه فسد الكثيرين منهم ،واصبح الموظف الصغير يملك العمارات والسيارات الفارهة ولايبالى بالتباهى بذلك وسط اقرانه واسرته، ويقال ان امراة دخلت على جارته التى سكنت جديدة بالحى.. فوجدتها فى قمة الرفاهية، من عفش وسيارات واصناف من الاكل فسالتها عن عمل زوجها فقالت لها ( وظيفته) البسيطة ولكنه مستفيد منها وهذا يؤكد ان الرشوة طالت الكثيرين من موظفى الخدمة المدنية، وحينما سقطت الانقاذ استبشرنا خيرا بعودة الخدمة المدنية الى طهرها والقها وجمالها وعفتها لكن للاسف ازداد الفساد واصبحت المعاملات مربوطة بتقديم تلك التسهيلات جهارا نهارا.. ومالم تدفع فلن ينقضى لك امر خاصة فى المؤسسات الخدمية، او التى تكون مرتبطة بالجمهور،فلاندرى هل الحاجة هى التى افسدت الموظفين ام ان الفاسد اصلا فاسد ولن يستقيم العود وهو اعوج، فهل ثورة ديسمبر المجيدة يمكنها ان تصلح الخدمة المدنية ام يظل الفساد مستشرى فيها حتى يرث الله الارض وما عليها .
