مصطفى أبوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة.. ) ابداً ما هُنْتَ يا سوداننا يوماً علينا
رحم الله شاعرنا الكبير بحر الشّعر العريض ، الذي امتزجت فيه عروبته بأفريقانيته وسودانويته الصارخة ، الذي عاش إسكندراني المولد والنشأة ، سوداني الهوى ثائراً على المظالم أين ما كانت ، والذي عاش عربياً خارجاً عن صرامة القيود الإجتماعية ، رحم الله شاعرنا الذي حمل أكثر من جنسية ، لكنه ظل وإلى أن مات ، شاعراً معتزاً بجنسيته السودانية ، رحم الله شاعرنا الكبير محمد مفتاح الفيتوري ، والذي لو كان بيننا الآن ، ما كان أحد منا يعرف ما كان سيقول ، وهو القائل :
أصبح الصبح
ولا السجن ولا السجان باقي
واذا الفجر جناحان يرفان عليك
واذا الحزن الذي كحل تلك المآقي
والذي شد وثاقا لوثاق
والذي بعثرنا في كل وادي
فرحة نابعة من كل قلب يابلادي
أصبح الصبح
وها نحن مع النو التقينا
التقى جيل البطولات
بجيل التضحيات
التقى كل شهيد
قهر الظلم ومات
بشهيد لم يزل يبذر في الأرض
بذور الذكريات
أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا
بالذي اصبح شمسا في يدينا
وغناء عاطرا تعدو به الريح
فتختال الهوينى
من كل قلب يا بلادي
فرحة نابعة من كل قلب يابلادي
محمد الفيتوري
¤ لا نعرف ما كان سيقول الفيتوري رحمه الله لكننا كنا سنقول له جملةً وحيدةً ، لكنها غير مفيدة ، وهي : ( لقد هان على بعضنا .. وهم للأسف من الحاكمين ) .
لا أعرف ما يقول الآخرون ، لكنني حتماً سآتي ببعض زاد قديم من شعره الذي لا يشيخ .. ويكون الرد :
التراب المقدس
وَسِّدْ الآنَ رَأْسَكَ
فَوْقَ التُّرَابِ المقدَّس
وَاركَعْ طويلاً لَدَى حَافَةِ النَّهْرِ
ثَمَّةَ من سَكَنَتْ رُوحُهُ شَجَرَ النِّيلِ
أَوْدَخَلتْ في الدُّجَى الأَبنوسيّ
أَوْخَبَّأَتْ ذَاتَها في نُقُوشِ التَّضَارِيس
ثَمَّةَ مَن لَامَسَتْ شَفَتَاهُ
القرابِينَ قَبْلَكْ
مَمْلكةُ الزُّرْقَةِ الوثنيِة…
قَبْلكَ
عاصِفَةُ اللَّحَظاتِ البطيئِة..
قَبْلكْ
يا أيُّها الطيْفُ مُنْفلِتاً مِنْ عُصُورِ الرَّتَا بِةِ والمسْخِ
مَاذا وراءك
في كتب الرمل؟
ماذا أمامك؟
في كتب الغيم
إلاّ الشموس التي هبطت في المحيطات
والكائنات التى انحدرت في الظّلام
وامتلاُؤك بالدَّمْع
حتَّى تراكمت تحت تُراب الكلام