محمد عبدالقادر يكتب (علي كل).. قحت .. صناعة الجوع و(حدث ماحدث)!!
لم تستفد حكومة الفترة الانتقالية من اخطاء نظام الانقاذ ، قرات من ذات الكاتلوج ، الوضع الان خطير ومحتقن وينذر بكثير من السيناربوهات الملغومة التي تجعلنا نناشد الجميع للالتزام بشعار السلمية بعد ان انقسم الشارع تيارات لكل منهم وجوده المؤثر والمعلوم في تسيير دفة الاحداث.
لن يكون مجديا تصوير الذين يعتصمون اليوم ، باعتبارهم خدام لاجندة الفلول او تصويرهم كجمهور( مدفوع القيمة) يعتصم بلا قضية.
في استطلاع (للجزيرة مباشر) امس حشد المتحدثون من ساحة الاعتصام الكثير من الاسباب الموضوعية للخروج كان القاسم المشترك الاكبر فيها الاوضاع المعيشية وتدهور الخدمات.
لاحظت ان المتحدثين من الولايات اكثر غبنا واحساسا بالظلم وشكوى من وطاة الظروف ، سكان الخرطوم ليسوا الافضل بالطبع ولكن طفح الكيل وزاد في اطراف السودان التي طالها الاهمال وعانت الجوع والمسغبة.
وفرت الحكومة كثير من الحيثيات التي قادت المشهد الي ما هو عليه الان من قتامة واحتقان.
سبق وان حذرنا حكومة الدكتور عبدالله حمدوك وقيادات قوى الحرية والتغيير من التمادي في صناعة الجوع ومخاطر التردي الماثل في حياة المواطن الذي احالت الازمات حياته الى جحيم لايطاق، للاسف اقترفت حكومة الثورة ذات الأخطاء التي ذهبت بحكم الإنقاذ ، طالبنا حكومة الدكتور حمدوك بأهمية التركيز على معاش الناس والتصدي بشجاعة وحزم لازمات الكهرباء والوقود والخبز ووقف التدهور المتسارع في قطاعات الصحة والتعليم والمياه وترجيناها ان تهتم بالولايات بعد ان راينا فيها حكومة تتبني خطابا يصلح ل( اوزون وماجاورها).
ترجينا العسكر والمدنيين ان يفعلوا كل ما من شأنه الحفاظ على استقرار الفترة الانتقالية حرصاً على الوطن وخوفاً عليه من المآلات الخطيرة التي يمكن أن تحدث حال فشلهم في إنهاء هذه المرحلة بسلام.
توسلنا لهم ان هلموا للاهتمام بمعاش الناس وتحقيق التصالح الوطني لعبور مطبات الراهن السياسي وإنهاء الاحتقان الماثل والتصويب على البناء بدلاً عن الانصراف للانتقام وتصفية الحسابات وتنفيذ الأجندة الحزبية الضيقة لمجموعة الاربعة احزاب المتنفذة.
تمادت الحكومة في اهمال قضايا الشارع الحقيقية حتي بلغت ارواح السودانيين الحناجر دون ان يقطفوا ثمار التغيير الذي بذلوا فيه الغالي والنفيس ، اذا لا خبز ولا وقود ولادواء ولا غاز مع انقطاع غير مسبوق في المياه والكهرباء وتدهور مريع في المستشفيات واماكن تقديم خدمات الصحة ،وانعدام في الامن وتزايد معدلات جرائم القتل المرتبطة بالسرقات وارتفاع الاسعار الي ارقام فلكية .
هل سمع الحكام بما يعانيه الناس في رحلة البحث اليومي عن لقمة العيش الكريمة، هل زارو الاسواق ، ووقفوا علي من يموتون بحثا عن الادوية والمستشفيات، هل يعلمون شيئا عن ما تخلفه قطوعات الكهرباء من جحيم طال حتي الجثث في المشارح اذ تحللت وخرجت رائحتها من بين مسام المباني تزكم الانوف وتنبئ عن واقع خطير وحقير لم يسلم منه الاحياء والاموات علي حد سواء.
حدثناهم عن العطش الذي كاد ان يقتل الناس والكهرباء توقف دوران ماكينات التقوية فيستبد الظمأ بالمواطنين مع ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الامداد لمدة تتجاوز الاثني عشر ساعة.، هل تعلمون شيئا عن معاناة المواطنين في المواصلات.
حذرناهم من الغلاء وصناعة الجوع وانهيار الخدمات ، فعلنا ذات الذي مارسناه مع الإنقاذ عندما نصحناها بعدم التهوين من المظاهرات وأنين الناس تحت وطأة الظروف المعيشية التي لاترحم، فعلنا ذلك في مواجهة العهد السابق وسنفعله اليوم ليس من باب الحرص على أحد وإنما رأفة بهذا الوطن من مواجهة الضياع والقفز في لجة المجهول، الإنقاذ لم تستبن النصح حتى (حدث ما حدث)، المفجع ان حكومة التغيير قرات من ذات الكتاب وادخلت البلاد في دوامة جديدة من الضياع وعدم الاستقرار .
المطلوب الان انقاذ ما يمكن انقاذه يحتاج الوضع الراهن الي الحكمة، وادارة الخلافات بعيدا عن روح التشفي والانتقام، ونحذر كذلك من استخدام الجماهير سلاحا في المواجهة القادمة، ما نريده منكم سادتي توافقا يصل بنا الي بر الانتخابات ليس اكثر…
نربأ بساستنا – حتي ولو اختلفوا- ان يكونوا من ( البوم) الذي يعجبه الخراب، لن ينجوا احد من اي دمار يحيق بالسودان اذا ما انحدرت الاوضاع للهاوية، لن يجد الحاكمون والمنشقون عنهم او الفلول وطنا يحكمونه ويختلفون عليه اذا ما فرطوا في امن ووحدة وتماسك الخريطة وسيخسر الجميع.