مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة)..على مقرن النيلين سوا..
نجح صديقنا وزميلنا الصحفي والكاتب الكبير الأستاذ جمال عنقرة ، في ان يجمع عدداً من زملاء المهنة ، قبل أيام ، في قاعة واحدة داخل فندق (إيوا) على شارع النيل في الخرطوم ، بصفته مستشاراً إعلامياً لأصحاب الدعوة شركة ناسا السودانية ، التي كانت تحتفل مع ضيوفها من مصر الشقيقة ، مجموعة عالم ماركت المصرية ، بتوقيع عقد شراكة ممتدة ، تبدأ بتشغيل عدد من الأسواق المجمعة (المولات) التي أنشأتها ناسا في العاصمة، والتي تنطلق بداية في (مول أم درمان) بحي بانت في مواجهة حي المهندسين، ثم (مول العمارات) في شارع (41) ، بالإمتداد في الخرطوم .
كان الاحتفال مبسطاً ومعبراً، ومبشراً بأن هناك الكثير الذي ينتظر القفز بالعلاقة بين شطري وادي النيل – السودان ومصر – فوق الحواجز التي تضعها الأنظمة، فوق رغبات الشعوب، رغم إن البيئة الطبيعية، والاجتماعية والتداخل الشعبي، والمنافع المتبادلة، تؤهل البلدين لأن يكونا نموذجاً للتكامل الحقيقي في مجالات الإنتاج والتسويق المحلي والتصدير، إضافة للتصنيع المرتبط بالثروات والموارد التي تتوفر لبلدينا، والتي لم تستثمر بعد ، خاصة في الجانب السوداني.
من إحدى قاعات فندق (إيوا) وفي أحد طوابقه العليا، كنا نطل على مشهد النيل الأزرق ، يتجه غرباً ليعانق النيل الابيض في نقطة التلاقي ، التي عرفناها باسم المقرن، وقد كان أشقاؤنا من مصر، وهم السيد محمد داؤود، رئيس مجموعة عالم ماركت، والأستاذ أيمن عطية، الصحفي والإعلامي المعروف، والذي تربطه علاقات قوية مع زملاء مهنته في السودان، وسبق أن التقينا عدة مرات في محافل رسمية، أو برامج تلفزيون للحديث حول بعض القضايا المحلية أو المشتركة ، ومعهما أحد أعضاء المجموعة ، كانوا في حالة إنبهار أقرب لحالة الوجد الصوفي ، وهم يشاهدون من أين وكيف يبدأ النيل العظيم .
إطلالتنا تلك على النيل الأزرق جعلتني ألتفت إلى الأخ الكريم ياسر تيمو ساوس كندة ، المدير العام للخطوط الجوية السودانية، وأقول له إننا نضيّع فرصاً ذهبية للتسويق السياحي ، وكنت قد ذكرت ذلك أيضاً لسعادة الفريق شرطة رزين سليمان مصطفى، رئيس هيئة التوجيه والخدمات في الشرطة، ونحن نجلس نستمع إلى خطاب السيد محمد إبراهيم آدم، رئيس مجلس إدارة شركة ناسا، الذي أعقبه رئيس مجموعة عالم ماركت السيد محمد داؤود، وقد أجمع الرجلان على أن هذا التعاون إنما هو تعميق للتواصل بين البلدين والشبعين الشقيقين ، ويجيئ تحقيقاً لهذا الهدف الكبير .
فوضني الزملاء والزميلات، لأن أتحدث نيابة عنهم بداية الحفل الخطابي ، وهم يحسنون بصاحبكم الظن ، فقلت في كلمة قصيرة جداً، إن ما يحدث الآن هو ما يجب أن يكون عليه الحال، وإننا دائماً نقول: (البلدين الشقيقين) لكن من وجهة نظر أخرى كنت أفضل أن نقول: (البلدين التوأم).
صديقنا الأستاذ أيمن عطية، كان ينظر نحو النيل الأزرق، ونحو جزيرة توتي، وأشرت له نحو النيل الأبيض وقلت له إن زيارة ملتقى النيلين ومشاهدة المقرن أمر مهم جداً، ضحك وقال لي: (أنا مش عايز أشف بعينيّ.. أنا عايز أشوف برجليّ)، وأحسب أنه قد فعل ، ولامس الماء بيديه وقدميه ، وغسل من ماء النيل الطاهر وجهه .