ضياء الدين بلال يكتب: “العين الثالثة”.. (المَسَامِير الصّدئة)…!
-١-
إغلاق الطريق القومي (الخرطوم – بورتسودان) ومَنع عُبُور القطار، وتوقيف إنتاج النفط، أفعال سياسية ، تُلحق الضرر بالوطن والمُواطنين.
لأكثر من مَرّةٍ، دعوت لتنظيف الملعب السياسي من المَسَامِير الصّدئة، حتى لا يتأذّى منها الجميع.
يغيب عنهم جميعاً:
ما تفعله اليوم كمعارض، ستتضرّر منه غداً وأنت على سدة الحكم.
قلت لباقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، قبل الانفصال: الطريقة التي ستُوصِّلكم للحكم في جوبا هي التي سيختارها مُعارضوكم للاحتجاج وتحقيق الرغبات السياسية، السلاح سيكون الحكم بينكم في أول خلاف: (حدرة) فطلقة رصاص.
وهذا ما حدث.
-٢-
قلناها مراراً وتكراراً:
النادي السِّياسي السُّوداني، الحاكم والمُعارض، نادٍ انتهازيٌّ عقيمٌ، يُعاني شُحّاً أخلاقياً وجفافاً في المشاعر الإنسانية، وجدباً فكرياً مُريعاً، مع ذرائعية تُبرِّرُ له كُلَّ ما يفعل.. نادٍ تتغيّر فيه المواقف بتغيُّر المواقع.
عندما يصل المُعارضون إلى الحكم، يُمارسون ذات السلوك السِّياسي الذي مَارَسَهُ سابقوهم: الفساد والمحسوبية وسُوء الإدارة.
وعندما ينتقل الحاكمون إلى المُعارضة، يستخدمون ذات الأسلحة الصدئة التي كانوا ينكرونها على مُعارضيهم.
هذه ما يُسمِّيها الأستاذ الحاج ورّاق بالأسلحة الارتدادية التي تُصيب الخصم ثم تعود لصدر مُستخدمها.
-٣-
الذين كانوا يُمجِّدون إغلاق الطرقات الداخلية، وحرق اللساتك وقلع الانترلوك، سيجدون حرجاً أخلاقياً في إدانة إغلاق الطرق القومية!
للأسف، العقلية الانتهازية التي كانت تُعارض بذلك السُّفُور المُفضي للخسائر الفادحة التي تُصيب الأبرياء وتعيق الوطن، الآن تُدير الدولة بذات الطريقة الهوجاء، غير المُكترثة لمصالح الأبرياء والمُستهترة بأوجاعهم!
التفكير والعمل على الإضرار بالخُصُوم السِّياسيين، بغض النظر عن الخسائر المُترتِّبة على المُواطنين، هو أشبه بالقصف العشوائي على المناطق المدنية!
-٤-
خُذ مثالاً:
الحكومة في حالة عداءٍ مع دكتور مأمون حمّيدة، وتُريد إلحاق الضرر به، لا يعنيها كثيراً ضحايا ذلك الصراع من طلاب جامعته ومرضى مستشفيي الأكاديمي والزيتونة!
أكثر من خمس دفعات طلابية بكلية الأسنان بجامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا، حُرموا من إكمال دراساتهم بصورة طبيعية، والمستشفى الأكاديمي متوقف عن العمل، بسبب الرغبة في فَشّ تلك الغبينة السِّياسيَّة!
خُذ مثالاً ثانياً:
رغبة الحكومة في مُعاقبة دكتور عبد الحليم المتعافي في العام الماضي، ترتّبت عليها خسائر فادحة لستة آلاف مزارع بالنيل الأبيض، مُضافاً إلى ذلك، تهديد زراعة القمح في الموسم الشتوي، بمُصادرة التقاوى المُنتجة وطحنها بالقوة الجبرية (أكل التيراب)، نكايةً في المتعافي!
خُذ مثالاً ثالثاً:
وزارة التربية بولاية الخرطوم، أغلقت عدداً من المدارس الخاصة، عقاباً لإداراتها، دُون مُراعاة لمستقبل الطلاب والتلاميذ ودُون ترتيب أوضاعهم!
خذ مثلًا رابعاً:
التضييق على بعض رجال الأعمال ومُحاكمتهم بالشُّبهات، أحدث مناخاً طارداً للاستثمار وجعل آخرين يهربون بأموالهم للخارج.
خذ مثلًا خامساً:
عمليات فصل الموظفين على بطاقات الانتماء الحزبي ،لا الفساد والتجاوز، لم يخسر منها من لهم مؤهلات ومقدرات وخبرات نوعية، هؤلاء احتفت بهم جهات أخرى.. منظمات وشركات وسفارات أجنبية.
سيخسر السودان كثيراً إذا ظل الصراع السياسي العقيم يطأ بسنابكه الهوجاء على مؤهلات وخبرات أبنائه.
مَن يفعلون كل ذلك بهذا المُستوى من الغَباء والقسوة والحماسة الطائشة، هم تلاميذ نُجباء في مدرسة الحاجة (البصيرة أم حمد)!
-٥-
نعم، لا بُدّ من وجود قدرٍ من الذكاء والحكمة والإحساس بالآخرين أثناء مُعاقبة الأفراد والجهات يالعدل والقانون.
التكنولوجيا الحديثة تُبدِع في تصميم الأسلحة الذكية، التي تُصيب الهدفَ في ذاته دُون إلحاق الضَّرر بغير المراد.
كذلك الأدوية الذكيَّة تُستخدم في علاج الأمراض الخطيرة، وتُعدُّ بطريقة تُمكِّنها من تجنُّبِ الإضرار بالخلايا السليمة.
وكذلك العُقُوبات الذكيَّة في السِّياسَة الدوليَّة، الهدفُ منها حصر آثار العُقُوبات في نطاقٍ مُحدَّدٍ دُون المَسَاس بِمَن هُم خَارج دائرة العُقُوبة.
سعادة رئيس الوزراء:
عندما تُؤدِّي المُقدِّمات إلى نتائج مُناقضة للأهداف، فإنَّ الأمر يحتاج إلى إعادة فحص الفكرة في الأساس، ومُراجعة أدوات التنفيذ.
عندما تكون الآثار الجانبيّة للدواء أكثر خُطُورةً من المرض، فلا بُدَّ من توقيف خُطة العلاج، وإضاءة الإشارة الحمراء لتغيير المسار وطريقة التطبيب.