الطريق إلى العدالة النهج القديم واستغلال الاستثناءات تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي (3-3) بقلم المستشار فائز بابكر كرار
الوثيقة الدستورية لم تعد مرجعية اساسية كاملة ولم تعد أحكامها هى الواجبة التنفيذ والتطبيق بالاخص ما يلى تشكيل وتكوين الْمَجْلِس التشريعي الانتقالي.
جاء الاتفاق السياسي في بنده الأول مؤكدا أن الوثيقة الدستورية هى المرجعية الأساسية وبالعود لاساس الوثيقة نجد انها اسست ووقعت بناء على اتفاق سياسي بين المكون العسكري وقوي الحرية والتغيير لحكم المرحلة الانتقالية و الحق بالاتفاق أطراف العملية السلمية الموقعين على اتفاقية جوبا بعد تضمين الاتفاق فى الوثيقة الدستورية.
قيام المجلس التشريعي الانتقالي وتشكيله مرهون بالوثيقة الدستورية واتفاقيات السلام فى الإطار الدستوري والقانوني.
تناول البند التاسع من الاتفاق السياسى ضرورة استكمال جميع مؤسسات الحكم الانتقالية والاجهزة العدلية والمجلس التشريعي الانتقالي السؤال كيف يتم تشكيل وتكوين الْمَجْلِس التشريعي الانتقالي فى ظل متغيرات الاتفاق السياسى؟
من اعتماد أساس الوثيقة الدستورية ومن ديباجتها ” قد توافقنا نحن المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير على أن تصدر الوثيقة الدستورية ” يتضح أن الوثيقة الدستورية قائمة على التوافق السياسي، وما مؤكدا فى المادة(71) أن الوثيقة الدستورية مستمدة من الاتفاق السياسى الموقع بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير.
تكوين المجلس التشريعي الانتقالي جاء في نص المادة(24) الفقرة(3) محدد النسب بحيث تكون نسبة 67% لقوى إعلان الحرية والتغيير و33% للقوى الاخرى غير الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، وبعد التعديل انضمت إليهم أطراف العملية السلمية الموقعين على اتفاقية جوبا تغيرت النسب وأصبح بموجب ذلك ان تمت اضافة للمادة (24) في نهاية البند (3) أن تمثل أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا بنسبة 25% والتى تساوى 75 مقعدا من عدد المقاعد الكلي البالغ 300 مقعدا ، الملاحظ هنا انه جرى تعديل على نسب المشاركة دون أن يتبع ذلك تحديد لنسب بقية المكونات من الحرية والتغيير وغير الموقعين على إعلان الحرية والتغيير.
نجد أن مانص على مراعاته فى فى تكوين المجلس التشريعي الانتقالي مكونات المجتمع السودانى .
السؤال بموجب الاتفاق السياسي والأصل الثابت والمستقر أن الوثيقة الدستورية هى الحاكمة للفترة الانتقالية هل يمكن تصور ذلك حقيقة ؟
من بنود الاتفاق السياسي نجد بالرغم من تأكيد البند الأول على أن الوثيقة هي المرجعية الأساسية الان ان امكانية خضوها للتعديل مؤكد فى البند الثانى من الاتفاق السياسي فى ضمان مشاركة كافة المكونات عدا المؤتمر الوطنى وهذا يدلل ان مانص عليه من نسب تشكيل وتكوين الْمَجْلِس التشريعي الانتقالي قد تتغير وتتبدل وان الحاكم لادارة الفترة الانتقالية وفق ما جاء فى البند السادس من الاتفاق السياسى ” تدار الفترة الانتقالية بموجب إعلان سياسي يحدد إطار الشراكة بين القوى المدنية الوطنية والمكون العسكري والادارة الاهلية ولجان المقاومة وغيرها من قوى المجتمع هنا نستطيع القول أن الوثيقة الدستورية لم تعد مرجعية اساسية كاملة ولم تعد احكامها هى الواجبة التنفيذ والتطبيق بالاخص ما يلى تشكيل وتكوين الْمَجْلِس التشريعي الانتقالي.
الاتفاق السياسي فيما يخص تشكيل وتكوين الْمَجْلِس التشريعي الانتقالى وغياب الطرف الثاني الموقع على الوثيقة الدستورية يواجه عدد من المطبات والمزالق فى كيف يتم تشكيل وتكوين الْمَجْلِس وكيف تحدد النسب مع وجود الإقرار التام بان الوثيقة الدستورية هى المرجعية الاساسية وأن نصوصها الخاصة بالتشكيل وتحديد النسب مازالت قائمة .
نتيجة:
أثر غياب تشكيل وتكوين مجلس القضاء العالى، والمجلس الاعلى للنيابة العامة، والمجلس التشريعي الانتقالي، هو مافعلته” “لحين ” التى فتحت الباب للتمديد فى الاستثناءات، واستغلال السلطات والاختصاصات، والتجاوز الصريح والتعدى على استقلال القضاء والنائب العام، وتغييب سلطة التشريع.
الاستثناءات و تعارض نصوص الوثيقة الدستورية والصياغة الغير محكمة تؤدي إلى تعثر التحول الديمقراطي والتداول السلمى للسلطة، وبناء دولة المؤسسات والقانون وعدم وضوح آليات الاتفاق السياسى يزيد من تعقيد المشهد وحكم المرحلة الانتقالية.
عدم تشكيل وتكوين المحكمة الدستورية يؤدي إلى عدم الفصل فى دستورية القوانين، وصعوبة الفصل فى النزاعات الدستورية وتفسير النصوص الخاصة بالوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي وتحديد المرجعية الاساسية الواجبة الالتزام.
ما هو واقع أن أول بند في الاتفاق السياسي الاطارى تحدث عن الوثيقة الدستورية انها المرجعية الاساسية و البند الثانى أتاح إمكانية تعديل الوثيقة الدستورية بالتوافق ،وفي البند السادس تدار الفترة الانتقالية بموجب إعلان سياسي يحدد إطار الشراكة السياسية، لذلك كل الاحتمالات مؤكده.
المطبات والمزالق فى الفترة الانتقالية تصنع الأزمات ويزيد تعقيدها الاتفاق السياسي ، وحتى لو اقتضت الضرورة لتعديل الوثيقة الدستورية بالتوافق أن تكون وفق الآليات والقواعد القانونية بما يضمن الهدف والغاية من المرحلة الانتقالية والمشاركة السياسية باعتبارها المرجعية الاساسية لحكم المرحلة الانتقالية، وان تدار الفترة الانتقالية بموجب ميثاق شرف بين كافة المكونات السياسية والاجتماعية يحترم أهداف التغيير والعدالة الانتقالية ويحقق التحول الديمقراطي.
تحياتي مستشار فائز بابكر كرار
1/12/2021
Faizkararf77@gmail.com