مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة).. *إنهم يبيعون الوطن …!*
نعم .. وللأسف الشديد تواجِه بلادُنا مخاطِرَ مؤكّدة ، مخَاطِر تُهدّد وحدتها ، وأمنها وإستقرارها ، وهي الآن تبدو ماثلة أمام كل ذي بصر وبصيرة ، ولا يعمى عنها إلّا السّاسةُ الذين لا يرون إلّا تحت أقدامهم ، ولا يكترثون للمخاطر والمهدّدات الكثيرة ، التي لن تُبقي من هذا الوطن إلّا روايات تاريخيّة تحكي عن الفشل والتردّي العام ، حيث لم تأتِ منذ الإستقلال قبل ستّةٍ وستين عاماً حكومة أفضل من سابقتها .
لا يجدُ كثيرٌ من النّاس صورةً مُشْرقةً لمستقبل السّودان ، ويكاد هؤلاء المتشائمون أن يكتبوا نعياً مقدّماً لوطن كان إسمه السّودان ، فالمنغّصّات كثيرة ، والمُحْبِطات أكثر ، ونجد أن خطاب الكراهية بات هو الأعلى صوتاً ، وتنامت ظواهر مدمّرة للمجتمعات ، مثل العنصريّة ، والعصبيّة والتكفير ، والسعي الحثيث من قبل كثير من الأحزاب والقوى الحديثة ، حتى من تلك الأحزاب الصّغيرة التي لا وزن لها في الشارع العام ، إضافة إلى التطرّف وتنامي خطاب العنف اللفظي والذي هو البداية لخطاب العنف الأكبر وبإستخدام السلاح لإنتزاع الحقوق ، ومع هذا كلّه لا نجد سياسيّاً واحداً قد إرتفع صوته ليحثّ الآخرين على الدفاع عن الوطن في أعقاب الهجوم والتّعدّي على حدودنا الشرقية جهة الفشقة .
بعض القيادات السّياسيّة البائسة تحث أبناءنا وبناتنا على ” التتريس ” والخروج إلى الشوارع ، لكننا لم نسمع صوتاً لأي من تلك القيادات السّياسيّة والحزبيّة البائسة ، تدعو الشّباب للدفاع عن الوطن ، فنحن وللأسف الشديد لا نرى أي أو مشروع وطني يتأسّس عليه برنامج أي حزب من تلك الأحزاب التي وردت إلينا من الخارج ، بعد أن إنتهت فترة صلاحيتها في بلاد المنشأ .
بلادنا تذْخْرُ بمواردَ وثرواتٍ طبيعيّة عظيمة ، وتتمتّع بتنوّعٍ عرقي وثقافي كان من الممكن أن يجعل منها قبلةً سياحيّة لكل العالم ، ونموذجاً لا يشبهه إلّا نموذج الولايات المتحدة الأمريكية ، رغم أن الولايات المتحدة ، هي دولة حديثة نسبياً ذات حضارةٍ حديثة ، بينما نحن نتغنى بأن السّودان هو أرض الحضارات القديمة التي تعود لآلاف السنين ، لكننا وللأسف الشديد لا نستطيع التعايش مع بعضنا البعض ، وأسباب ذلك غير ما ذكرناه ، يعود إلى الأطماع الإقليمية والدولية في بلادنا ، فهناك من يريد إقصاء منافسيه من السّودان الذي هو بوابة أفريقيا الكبرى ، وهناك من عينه على واحد من أهم الممرات المائية الإستراتيجية في العالم وهو البحر الأحمر ، الذي تطل عليه بلادُنا بأطول ساحل يتجاوز السبعمائة كيلومتر ، غير الثروات التي يذخر بها البحر الأحمر ، ونذكر أنه في عهد حكم الرئيس جعفر محمد نميري رحمه الله ، إنه و بالإتفاق مع المملكة العربية السعودية ، تم إنشاء هيئة تنمية وإستثمار ثروات البحر الأحمر ، وكان رئيسها ممثل السّودان وقتها ، المرحوم زكي مصطفى ، لكن عدم الإهتمام والمتابعة مع ضعف الإحساس بالمسؤولية مات المشروع رغم حرص أشقائنا في السعودية على إستمراره .
وهناك أطماع خارجية من قبل دول عظمى ، وقيادات بعض أحزابنا ، وبعض من متخذي القرار ، لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم ، لذلك نجدهم يبيعون المواقف بالعملات الحرة التي تدخل في حساباتهم الخارجية ، وهم في حقيقة الأمر يبيعون الوطن .
Email: sagraljidyan@gmail.com