(بينما يمضي الوقت) .. (يا فيها.. يا نطفيها) .. أمل أبوالقاسم
ما ان سرت أخبار عن تسوية قادمة بين العسكر ومركزي الحرية والتغيير إلا وهاجت القوى السياسية كافة ولم تهدأ ثائرتها بما في ذلك قوى الحرية والتغيير، لكن لا غرو في ذلك كونها ليست على قلب رجل واحد وقد تفرقت ايدي سبأ في مشارب عدة متقاطعة وقد ادمن بعضهم التشاكس.
ما يحدث على خلفية اي من هكذا تسريبات تهدف الى الاقتراب من الحل أو وضع اللبنة الأولى فيه لابد ان تصحبه ردة فعل من أطراف المفروض انها حليفة، والأخرى متطرفة موقف ورأي ما يشي بأن الوضع لن يستقر البتة ولن يجد اي حل القبول من كافة الأطراف. وعليه برأيي ان اي حل من شأنه ان يفضى الى الاستقرار السياسي والتنفيذي في البلاد ولو لفترة مؤقتة يجيب ان يمضي بمن حضر.
الوضع برمته وما يصحبه من تشاكس وعدم قبول اي من الحلول التي لا تتسق وأهداف الأطراف يقول لسان حاله (يا فيها يا نطفيها) في حين من الممكن ان يكون البعض الكثير فيها لكن تفرق الاهداف كما اسلفت.
وواقع الحال تعكسه البيانات المتلاحقة التي توالت أمس على خلفية ما راج بشأن التسوية المبنية على الدستور الأخير الذي طرفه بعضا من الحكومة الانتقالية الحالية. فضلا عن رؤوس كبيرة من قوى الحرية والتغيير الفاعلة وبات وشيكا بلا تراجع بمباركة مجلس السيادة ورئيسه.
فما ان سرى الخبر ادلت كل من القوى بدلوها بين رافض، ومتشدد في الرفض، وحالمون بإسقاط العسكر والأخيرين مثيرين للشفقة أمثال وجدي صالح الذي هدد بأن كل من يشارك في التسوية سيجد نفسه معزولا، ولعمري لن يكون هناك معزولا غيره ومن لف لفه ممن يهرطقون باسقاط العسكر وهو حلم طال انتظاره وشارف العام وكان عليهم ان يتيقنوا انه تبخر مع الأيام ولينظروا ويقيموا ويتساءلوا اي نجاح اصابوا لتحقيق ذلك؟ وقد تراجع الشارع وانزوى ولن يستمع لصراخهم مجددا (خلاص مولد وانفض).
من جهتها كذلك لم تتقبل قوى اليمين ما تردد ولم تنفك ترغى وتزبد منذ نهار الأمس حد التهديد والوعيد، وقد افترض البعض في “البرهان” الخيانة والخذلان ربما على خلفية التماهي الملحوظ في شأن الاسلاميين وربته على كتف القائمين على أمر المبادرات سيما مبادرة الشيخ الجد التي احدثت زخما كبيرا حينئذ ثم سكنت الى حد شأنها شأن كل المبادرات التي انتظمت الساحة السياسية، فظنوا وظننا ان البرهان خلفها ولا محالة عودة الكيزان قادمة بشكل أو بآخر وهذا ما تهيأ لهم فعليا، ما جعل الخبر المفاجئ بقبول البرهان للتسوية وتقديمه تنازلات صادما لهم. وربما ذهبت الأمور كما كانوا يشتهون لولا سفر رئيس مجلس السيادة لامريكا التي بدى ظاهرها أمر وباطنها إمر آخر قلب الموازين والتوقعات كليا.
عموما وحيث ان التسوية أمر واقع لا محالة على المحتجين تقبله ولو على مضض واعتقادي ان لن تجدي اي محاولات للمقاومة وستواجه بذات اساليب معارضة قحت وسينتهى الأمر لايلولتها.
ولو حدث ان تنزل أمر التسوية واقعا فعلى القائمين على أمرها استصحاب عبر الماضي المخزية، كما نتمنى ان لا نعود لذات دائرة التشاكس حول مقاعد الحكم فالظروف ليست كما السابق والبلاد وقاطنيها على شفاء حفرة من الإنهيار. وبرأيي ان تم الأمر بسلاسة ان تنخرط القوى السياسية في إعداد نفسها للانتخابات فهي الفيصل والأمر الشرعي الذي سيتقبله المواطن بعيدا عن حكومة لي الذراع التي تمارس عليه في الآونة الأخيرة.
لله درك يا بلد