مقالات

أزمة الغذاء تطرق الابواب.. أين مفاتيح الحل !؟. بقلم : ابراهيم شقلاوي

درجت الحكومات الي اعلان حالة الطوارئ بمستوياتها المختلفة في حال المهددات الامنية او السياسية او الكوارث الطبيعية .. ونحو ذلك لرفع مستوي والوعي والانذار المبكر بالخطر الذي يهدد حياة الشعوب ويوثر علي استقرار البلدان .. عليه فقد بات من المهم ان تعلن الحكومة حالة الطوارئ في جانب الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي.. حتي نستطيع ان نتجاوز ازمة الغذاء التي تطرق الابواب في هذه التوقيت من الموسم الزراعي.. فان العالم باجمعه بدات تظهر عليه تداعيات الازمة المتعلقة بقلة الغذاء او ربما انعدامه في بعض الأحيان بالنظر لعوامل تغيرات المناخ وشح الامطار والجفاف الي جانب ظروف الاستقرار السياسي والاقتصادي.

يضاف الي ذلك تداعيات الحرب الروسيا الإوكرانية و جائحة كوفيد – 19 .. هذا الي جانب التقرير الذي كشفت عنه منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمية والذي اوضحت خلاله ان التأثيرات المجتمعة الناجمة عن النزاع والأزمة الاقتصادية وضعف الحصاد تؤثر بشكل كبير على إمكانية حصول الناس في البلاد على الغذاء كما توقعت المنظمتان فى بيان صحفى صدر خلال الفترة الماضية تضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع الحاد في السودان إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر العام 2022م.. كذلك اوضحت منظمة الأغذية والزراعة في السودان إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة المدخلات الزراعية الأساسية مثل الأسمدة والبذور ربما يشكل عائقا امام المزارعين في توفيرها.. وبذلك يصبح ليس لديهم خيار آخر سوى التخلي عن إنتاج الغذاء والزراعة إذا لم يتلقوا الدعم الفوري.. هذا يعني اهمية تدخل الدولة العاجل لان ذلك ربما يؤدي إلى مزيد من الصراع والنزوح.

لذلك يصبح من بواعث القلق الحديث عن ازمة غذاء بدات تطرق الابواب و تحيط ببلادنا في الفترة المقبلة وقد مضت الخطط والدراسات في وقت مبكر للحديث عن ان السودان سلة غذاء العالم وان بامكانه ان يحقق الاكتفاء الذاتي له ولجيرانه اذا احسن استغلال موارده بصورة صحيحة حيث تقدر اراضي السودان ب 175 مليون فدان صالحة للزراعة.. يستغل منها حالياً حوالي 40٪ من الاراضي المروية.

بالنظر الي الحرب المستعرة بين روسيا وأوكرانيا والمرشحة لاتساع دوائرها خلال الفترة المقبلة والتي يتاثر السودان ضمن العديد من البلدان باَلقدرة علي توفير الغذاء .. بات من المرجح ان يخلق ذلك زيادة في الطلب علي الغذاء والحبوب من العديد من دول العالم وكذا دولتنا التي تعتمد علي واردات القمح والزيوت من روسيا وأوكرانيا وبعض المدخلات الزراعية الاخري .. عليه يجب ان تستعجل حكومتنا اتخاذ التدابير اللازمة للسيطرة علي هذه الازمة المتوقعة باعلان التحضير المبكر والجيد للموسم الزراعي حتي أذا لزم الامر اعلان حالة الطوارئ في القطاع الزراعي والصناعي معا كذلك في قطاع الري والغابات واستنهاض كافة الخبراء والمختصين للاتجاه نحو استصلاح الارضي الزراعية وفتح قنوات الري و توفير مدخلات الانتاج والقيام باقصي جهد واعمال كافة التحضيرات للازمة المطلوبة لزيادة فرص نجاح الموسم الصيفي والمواسم الشتوي .

لتتمكن البلاد من توفير الغذاء لشعبنا.. لاسيما ان بعض الولايات بدأت في اطلاق ندات الاغاثة لاستقطاب العون.. حيث ناشد والي شمال دارفور نمر عبد الرحمن المنظمات والوكالات العاملة في مجال العمل الإنساني بالولاية للتدخُّل من أجل سد الفجوة الغذائية .. كذلك حذر مدير وقاية النباتات الاتحادية كمال سليمان في تصريح للتيار من ان الموسم الصيفي المقبل معرض للفشل التام جراء عدم توفر التمويل وان افة الطير قضت علي 90٪ من محصول الذرة في الموسم الحال.. عليه بات من الواضح ان هناك خلل ما يجب تداركه قبل فوات الاون.. فالنقل قبل وقوع الكارثة وتكرار سناريوهات مجاعة العام 1984م نتيجة للجفاف الذى ضرب دول الساحل الأفريقي وحزام شبة السافنا.. بما فى ذلك السودان نتيجة للسياسات الزراعية الخاطئة.

في ذات السياق بعثت الحكومة بتطمينات من جانبها بخصوص وفرة الغذاء علي لسان وزير الزراعة والغابات أبو بكر عمر البشري الذي اكد على عدم إمكانية حدوث مجاعة في السودان في الفترة القادمة بحسب التقارير الواردة عالمياً.. وقلل من تأثيرات الحرب بين أوكرانيا وروسيا ، على موقف القمح في البلاد.. وأكد أن موقف المخزون الاستراتيجي بالبلاد جيد وهناك وفرة.. وقال إن القمح المتوفر بولايتي الجزيرة والشمالية يكفي احتياجات البلاد..

كل هذا الحديث وغيره يوجب النظر الي ان بلادنا لديها موارد زراعية و مائية ضخمة بامكانها دخول دائر الانتاج بصورة عاجلة لتدارك الخطر المحتمل.. فالسودان يمتلك مشروعات منتجة الجزيرة وحلفا والرهد والسوكي الي جانب مشروعات اخري في عدد من الولايات كذلك يمتلك السودان كما نعلم نسبة مقدرة من الاراضي الزراعية الشاسعة التي لم تفلح بعد والتي تحتاج الي قليل من الجهد المتمثل في تسخير الموارد المالية والبشرية.. ولدينا في ذلك تجارب ناجحة مع الصناديق العربية او بنك التنمية الافريقي او المستثمرين العرب بالنظر لتجربة مشروعات الراجحي الناجحة في للاستثمار الزراعي والحيواني بمحلية الدبة شمال السودان الذي تبلغ مساحته الكلية 480 ألف فدان والذي يعتبر نموذج لتضافر الجهود بين القطاع العام والقطاع الخاص في البلدين المملكة العربية السعودية والسودان

لقد ان الاوان بالاتجاه الي مشروعات جديدة فضلا عن القائمة فهناك مشروعات اكملت كافة الدراسات المتعلقة بها وهي جاهزة في انتظار التمويل عبر الاصدقاء منها مشروع اعالي عطبرة الزراعي ؛ ري مروي؛ وادي الهواد الزراعي الذي صدر مؤخرا قرار بواسطة وزير شؤون مجلس الوزراء عثمان حسين عثمان تم بموجبه إعادة تشكيل مجلس ادارة المشروع ضم عدد من وكلاء الوزارات المعنية.. بجانب عدد من الشخصيات القومية والخبراء والمختصين وممثلين لولاية نهر النيل وملاك الاراضي واصحاب الحيازات بمنطقة المشروع و بنك السودان

ان البدء في هذه المشروعات بلاشك سوف يحول بلادنا الي منتج بديل للغذاء في العالم العربي ليس للاكتفاء الذاتي فحسب بل الي اكفاء جيراننا عبر الصادر الذي يجعل الجميع في مامن من عدم استقرار الاوضاع العالمية وتاثر سلاسل الامتداد من الدول الكبري جراء الحروب والتقلبات السياسية.. ذلك بلا شك سوف يحسن من موقف السودان ويجعله مبعث للطمأنينة لشعبه وشعوب المنطقة قاطبة.. كما ان مشروعاتنا القائمة قادرة خلال الموسم الصيفي القادم من تحقيق الاكتفاء في سلعتي القمح والذرة والحبوب والانتاج الحيواني.

من خلال المتابعة نجد ان وزارة الزراعة.. و الري وازرعها وحدة السدود وهيئة تطوير الزراعة وهيئة اعمال الري والحفريات بماتملكه من خبرة وكادر بشري مجرب تحت الطلب قادرون علي تحقيق الامن الغذائي المطلوب خلال فترة وجيزة بالنظر الي خبرتهم السابقة في التدخل في العام 2017/2018 في مشروع الجزيرة والمناقل ومشروع الرهد الزراعي حيث احدثت هذه المشروعات طفرة في الانتاج والانتاجية وصفت ب غير المسبوقة بعد التدخل الاداري والاشراف المباشر من قبل الوزراء علي العمل الميداني علي التحضير الجيد في توفير المدخلات و ازالة الاطماء والحشائش واعادة توزيع عمليات الري في دورانات المشروع وصيانة البوابات.

السودان كما نعلم غني بالموارد الطبيعية الزراعية والحيوانية والنباتية والمائية. والإعتماد الرئيس فهو بلد زراعي في المقام الاول 80٪ من نشاط السكان يعتمد علي الزراعة وتربية الحيوان.. يمتلك السودان أكثر من 130 مليون رأس من الماشية
كما يملك رصيد وافر من الموارد المائية تعتمد مياه الأمطار والأنهار والمياه السطحية والجوفية اذ
تبلغ حصة السودان في مياه النيل حوالي 18,5 بليون متر كما يمتلك موارد ضخمة في جوانب عديدة فقط الامر يحتاج الي الارادة النافذة والتنسيق الجيد من قبل الجهات المعنية.

لذلك اري ضرورة ان يتم تدارك الامر بصورة عاجلة علي مستوي راس الدولة باسناد الامر لنائب الرئيس الذي يملك مفاتيح الحل لاهمية الامر وخطورته ثم تستنهض وزارة المالية والزراعة والري والوزارات ذات الصلة للاشراف الميداني لتلافي الكارثة علي ان تكون مجموعة طواري يسند لها مباشرة العمل من فورها مع دخول الموسم الصيفي الذي لايحتمل التوهان الاداري او التباطؤ في التمويل او اتخاذ القرار ..

ان الاوان لانتباه القادة العسكريين والسياسيين لخطورة الامر المتعلق بازمة الغذاء التي تطرق الابواب والتي لا تنتظر اذا بالدخول وقد بدا العالم باجمعه يبحث كيفية تداركها بالنظر الي الحروب والصراعات الدائر بعدد من البلدان
كذلك لابد من دور للقطاع الخاص بالاستفادة من تجاربه وامكاناته المادية واللوجستية.. لذلك بات من الواجب ان يمضي الامر نحو مشروع وطني ينهض بالزراعة يتداعي له كل اهل السودان في الريف والحضر في همة وتجرد ووطنية في هذا التوقيت المهم والصعب.. فان الازمة لاتنتظر احد.

بالله التوفيق.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى