بيانات

وزارة العدل تدشن اضخم ورشة تشاورية للمجتمع المدني لمناقشة مشروع قانون مفوضية الانتخابات

دشن وزير العدل د. نصر الدين عبد الباري حلقة تشاورية للمجتمع المدني حول مشروع قانون مفوضية الانتخابات،
واكد خلال كلمته على اهمية القانون وتمنى ان يتناول المشاركون في
الحلقة النقاشية مشروع قانون مفوضية الانتخابات بالنقد البناء، الذي يظهر مواطن الضعف فيه ويقدم من المقترحات والآراء ما يسهم في تقوية وتعزيز أحكامه، فيما يلي نص كلمة الوزير :
السادة والسيدات الحضور ، قادة المجتمع المدني، مع حفظ المقامات والالقاب.

يسعدني كثيراً أن أرحب بكم في هذا الصباح باسم وزارة العدل في هذه الحلقة التشاورية أو النقاشية حول مشروع قانون مفوضية الانتخابات، وهي فاتحة حلقات متتالية سوف تنظمها الوزارة بالتعاون مع الأمم المتحدة حول مسودة هذا القانون في الأسابيع القليلة المقبلة.

هذه الحلقة النقاشية هي تعبيرٌ عملي عن التعاون بين المجتمع المدني والحكومة الانتقالية، على وجه العموم، وزارة العدل على وجه الخصوص. وهي انعكاسٌ فعليٌ للدور الحيوي للمجتمع المدني في بناء وتعزيز وصون الديمقراطية. هذا الدور هو من الوظائف الأساسية للمجتمع المدني، ويتخذ مظاهر مختلفة، اسمحوا لي بذكر بعضها هنا، لأنها وظائف ذات أهمية بالغة في سياق الجهود المبذولة حالياً للانتقال إلى الحكم الديمقراطي الكامل في السودان.

إن من الوظائف الأساسية للمجتمع المدني الحد من ومراقبة سلطة الدولة. صحيح أن أي ديمقراطية بحاجة إلى دولة ذات سلطة فاعلة. لكن عندما تكون الدولة خارجة من عقود من الحكم الديكتاتوري، فإن هنالك حاجة كبيرة لمراجعة ومراقبة وتقييد سلطة القادة السياسيين وموظفي الدولة.

من وظائف المجتمع المدني ذات الصلة بدعم وتطوير الديمقراطية الكشف عن فساد الموظفين العموميين والضغط من أجل الحوكمة الرشيدة.

المجتمع المدني ينبغي أن يلعب كذلك دوراً في الديمقراطية بتشجيع وتعزيز المشاركة الشعبية بنشر ورفع وعي الناس بحقوقهم وواجباتهم كمواطنين ديمقراطيين، وتشجيعهم على الاستماعِ إلى الحملات الانتخابية، والتصويتِ في الانتخابات، وتطوير مهارات المواطنين في العمل مع بعضهم البعض من أجل ايجاد حلول للمشكلات المشتركة، والتداولْ بموضوعية حول القضايا العامة، والتعبيرِ عن آراءهم بلا خوف ولا وجل.

إن المجتمع المدني يمكنه كذلك تطوير القيم الأخرى للمجتمع الديمقراطي، ومنها التسامح، والاعتدال في الرأي، والمساومة في المواقف دون التنازل عن المبادئ، عندما تقضي الضرورة، واحترام الاختلاف في الرأي. إذ إنه بدون هذه الثقافة الاستيعابية والتسامحية العميقة، لا يمكن للمجتمع الديمقراطي أن ينشأُ أو يستقر.

إن للمجتمع المدني كذلك وظيفة حيوية تتمثلُ في مراقبة الانتخابات. وهذه الوظيفة تقتضي تكوين تحالف واسع لمنظمات المجتمع المدني، غير المربوطة بالاحزاب السياسية أو المرشحين، لضمان أن التصويت وحساب الأصوات يتمان بطريقة حرة ونزيهة وسلمية وشفافة. والتجارب العالمية تبين أنه من المستحيل في الأوضاع الانتقالية قيام انتخابات حرة ونزيهة اذا لم يقم المجتمع المدني بهذا الدور الحيوي.

ومن وظائف المجتمع المدني الحيوية في الأوضاع الانتقالية، ذات الصلة المباشرة بهذه الفعالية، المساهمةُ بالرأي وبالفعل في إرساء وتطوير السياسات والانظمة التشريعية الضرورية لبناء وعمل المؤسسات اللازمة لقيام نظام حكم ديمقراطي، ومنها بلا جدال مفوضيات الانتخابات المستقلة.

هذه الحلقة النقاشية، التي تهدف إلى الإفادة من تلك الوظيفة الحيوية للمجتمع المدني، هي امتدادٌ لسلسلة من الحلقات التي نظمتها وزارة العدل منذ تكوين الحكومة الانتقالية، التزاماً منها بمبدأ ديمقراطية العملية التشريعية، وهو مبدأٌ أساسي من مبادئ التشريع في الدولة الديمقراطية الحديثة، يقضي، من بين اشياء أخرى، بمشاركة أكبر قطاعات ممكنة من خارج المؤسسات الحكومية في تحديد محتوى القوانين بإبداء الرأي فيها، وربما باقتراحها ابتداءً للأجهزة والمؤسسات الرسمية للدولة.

وعلى الرغم من أهمية الالتزام بهذا المبدأ فيما يتعلق بكل أو جل القوانين، إلا أن الالتزام به في قوانين التحول الديمقراطي، وبخاصة قانون مفوضية الانتخابات، وقانون الانتخابات، وقانون صناعة الدستور، ذا أهمية خاصة، لاسيما في هذا العهد الجديد، عهدُ ما بعد ثورة ديسمبر الظافرة؛ عهدُ التأسيس، ربما لأول مرة في التاريخ السياسي والدستوري للسودان، لدولة جديدة نتطلع ونعمل من أجل أن تكون ديمقراطية تعددية حديثة، لا تنحاز إلى ثقافة جماعة محددة أو طائفة دينية أو عرقية أو جهوية بعينها.

هذا المبدأ يكتسب أهمية أكبر وأعظم ونحن نعمل من أجل وضع أسسٍ راسخة لنظام سياسي يجب تصميمه لضمان المشاركة الشعبية في إدارة الحكومة، التي ينبغي أن تكون سلطاتها محددة ومحدودة في المجتمع الديمقراطي الحقيقي.

والانتخابات والآلية أو الآليات التي سوف تقوم بوضع أسسها وبإدارتها في هذا النظام السياسي الذي نأمل ونعمل من أجل بناءه، هي عماد من العُمُد التأسيسية، سواءً كان هذا النظامُ نظاماً هشاً يقوى تدريجياً، كما في الفترات الانتقالية أو الفترات الديمقراطية الأولى التي تعقبها، أو نظاماً راسخاً متيناً يزداد بمرور الأيام والسنين رسوخاً ومتانةً وتحسناً.

إن مشروع قانون مفوضية الانتخابات يستمد أهميته، كما نعلم جميعاً، من أن المفوضية التي تنشأُ بموجب هذا القانون، سوف تدير عمليات انتخابية هي في الحقيقة والواقع الأداةُ المنظورة الحاسمة، التي يتمكن المواطنون من خلالها في السودان الجديد، القائم على إرادتهم الحرة، من اختيار وإقالة القادة والحكام، لا على ضوء ما يقدمونه من برامج فقط، وإنما كذلك على أساس ما يقومون به من أفعال في الواقع.

وكدأبها في مشروعات القوانين الأخرى، حرصت وزارة العدل على أن يعكس مشروع القانون محل النقاش اليوم المعايير الدولية وأفضل الممارسات في إنشاء مفوضيات الانتخابات، مع الوضع في الاعتبار بكل تأكيد السياق السياسي والتاريخي السوداني، الذي سوف ينتج عند نضجه واكتماله تجربة متميزة، نرجو أن تكون إضافة للتجارب والنماذج الأفريقية والعالمية في إنشاء آليات إدارة العمليات الانتخابية والإشراف عليها في الأوضاع الانتقالية أو في المجتمعات المتحولة إلى الديمقراطية.

إن الرجاءَ من هذه الحلقة النقاشية هو أن يتناول المشاركون فيها مشروع قانون مفوضية الانتخابات بالنقد البناء، الذي يظهر مواطن الضعف فيه ويقدم من المقترحات والآراء ما يسهم في تقوية وتعزيز أحكامه. ذلك أن تقوية وتعزير أحكام هذا القانون هما خطوة من الخطوات الضرورية لتأسيس نظام انتخابي يجعل انتخاباتنا في المستقبل انتخابات جدية وحقيقية، وليست مجرد شكليات إدارية نتبناها لنظهر للناس أننا سائرون على طريق الديمقراطية المستقيم، لاضفاء الشرعية على نظام سياسي قائم رغم رفض أو مقاومة الشعب له.
إن وزارة العدل ملتزمة تمام الالتزام بدراسة المقترحات والآراء التي سوف تقدم اليوم وفي الحلقات النقاشية التي تلي هذه الحلقة، وأخذها في الاعتبار أثناء مراجعة مشروع القانون.

إنني أود أن اتوجه، في ختام حديثي، بجزيل الشكر لكل المشاركين في هذا الحلقة النقاشية، التي أتمنى لكم فيها نقاشات ودية وبناءة ومثمرة.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى