ما أجمل العدالة وما أنبل منصاتها وهي ترسخ روح القانون ونصوصه بين المتخاصمين فتنصف البرئ وتحاسب المذنب، وتجعل الناس سواسية امام القضاء لهم ما كسبوا وعليهم ما اكتسبوا.
تواجه العدالة في بلادي تحديات عديدة وسط اعاصير الغبن ودوامة التشفي التي جعلتنا نشفق عليها في عهد ينبغي ان يكون فيه القانون حكما في فض النزاعات ورد الحقوق والفصل بين المتخاصمين.
اسعدتني تبرئة المحكمة لنائب الرئيس المعزول عثمان محمد يوسف كبر وشطب البلاغات الموجهة ضده كافة باستثناء المادة 29 من قانون الاجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2007، المحكمة برات كذلك إبنته غادة ومدير مكتبه التجاني من كل التهم الموجهة اليهما واخلت سبيلهما فورآ .
اثلج القرار صدري، القرار لانه صادر من منصة القضاء السوداني الذي مازلنا وسنظل نعول على نزاهته في ظل ظروف معلومة اشفقنا ان تخلط حابل القانون بنابل السياسة ، ولكنه القضاء الوطني الذي ظل يثبت في كل يوم انه يمارس فضيلة العدل مهما كانت الظروف والتحديات.
محكمة كبر التي حضرتها في اخر جلسة سبقت اتخاذ القرار شكلت اختبارا حقيقيا لكفاءة ونزاهة واستقلالية اجهزتنا العدلية ، القضية تنقلت بين تطورات عديدة جعلتها قضية راي عام من الطراز الاول .
فالبلاغ تاسس ابتداء على تشابه اسماء ، اذ تم التحقيق مع كبر حول اموال كبيرة بعدد من المصارف تخص شخصا اخر، كما ان الشاكي نفى علاقته بالبلاغ حينما مثل امام المحكمة، الامر الذي جعل أنظار الراي العام تتجه نحو القضية لاحتوائها على مفارقات مفاجات قانونية جديرة بالمتابعة.
مرافعة كبر امام المحكمة اثارت كثيرا من التساؤلات التي فتحت شهية الراي العام لمتابعتها واماطة اللثام عن كنهها خاصة في الجوانب المتعلقة بكونه نائب الرئيس والدستوري الوحيد الذي تم التحقيق معه حول نثريات مكتبه طيلة فترة حكم الانقاذ وعلى مر الحكومات المتعاقبة، ومعلوم ان النثرية ميزانية مرتبطة بتقدير المسؤول الدستوري ولا تخضع حتى للمراجع العام.
لكل ما تقدم وغيره فان القضية تعتبر نوعية قياسا بملابساتها ثم لان المتهم فيها نائب الرئيس المعزول عمر البشير فان احساسنا بقيمة البراءة يجعلنا مطمئنين الى مستقبل العدالة في بلادنا وان طال السفر..
التحية للقضاء السوداني على نزاهته وقراره الشجاع وترجيحه لمبدا العدالة في قضية تنطوي على حساسية سياسية عالية، والف مبروك البراءة للسلطان كبر وكريمته غادة ومدير مكتبه تيجاني .. ومبروك للعدالة.