التصعيد المتبادل يقود الي ضياع الوطن
اثار التصعيد المتبادل مابين الشارع والمنظومة الامنية يوم امس وسماه الجميع العنف المفرط قلق كثير من المشفقين علي استقرار البلاد وخاصة المهتمين باستمرار العملية السياسية ونهاية الازمة بالبلاد! مؤكدين ان ذلك ولا شك سوف يزيد من تعقيد المشهد السياسي بالبلاد وربما عرقل ما تعمل عليه الهيئة الاممية من تسوية بين الاطراف السياسية! خاصة بعد اعلان تنسيقيات لجان المقاومة سواء في التتريس او الدعوة للعصيان المدني الشامل! مشيرين الي ان الاعلان لايخدم الشهداء او المواطن وانما يعقد الازمة السياسية ويباعد بين مكوناتها بالبلاد ويضع صخرة صخمة امام المنفذ الوحيد للحوار وامكانية الخروج من نفق الازمة المظلم!؟ خاصة وان الاتحاد الاوروبي كعادته سارع الي تصريحاته التي تبدو في ظاهرها دعما للشعارات العادلة للشعوب وهي في حقيقة الامر ليس سوى صبا لمزيد من الزيت في لهيب النار المشتعلة بالبلاد! بقوله “ندعم الشعب السوداني لتحقيق تطلعاته الديمقراطية وسندعمه بكل إمكاناتنا” وثمة لا دعم او يحزنون! سوى اعطاء الفرصة للآخر بتصنيف الثوار عملاء ومنحازين للاجنبي بغية ترصدهم وقتلهم او تصنيفهم بالخيانة والتخابر مع الأجنبي وليت الاتحاد الاوروبي يصمت اذا لم يكن لديه سوى البيانات دون فعل!
وماذا تفعل نداءاته المتكررة للسلطة العسكرية بالسودان لوقف العنف تجاه المتظاهرين السلميين دون تجاوب او استماع؟!
يؤكد الخبراء ان لا حل للازمة السودانية الا سياسيا ولابد من اعطاء الحوار والمهمة الدولية فرصة للخروج من حالة المراوحة التي تعيشها البلاد وانعدام الحكومة وتعطيل مصالح البلاد والعباد ويكفي ماتم الي الآن من اراقة للدماء السودانية التي لاتهم سوى السودانيين انفسهم فهم من عليهم ايقاف ذلك وتولي مسؤولياتهم التاريخية بكل جدية وثبات – ماحك جلدك مثل ظفرك – مع ابداء حسن النوايا وفتح قلوبهم واياديهم البيضاء لكل مساعدة ممكنة من بقية العالم بغية الخروج بالبلاد الي بر الامان والاستقرار المطلوب لتاسيس ما حلموا به من دولة المواطنة والحرية والسلام والعدالة والجميع امام لحظة تاريخية فارقة دون اي مزايدات علي الوطن فالجميع خاسرون في مارثون كسر العظم المتبادل مابين الشارع والمنظومة الامنية المسيطرة! وفي نهاية الامر الكل عليهم واجبات وحقوق في نفس الوطن الذي كاد ان يذهب ويتلاشى نتيجة هذا الصراع المدمر والخطير!
الدعوات بالتهدئة يجب ان تكون متبادلة وموجهة للجميع دون تصنيف لمنتصر او مهزوم لانه في واقع الامر ليس هناك مهزوم بحق سوى الوطن! كمفهوم اعتباري تجلياته هي هؤلاء المتصارعون من مدنيين وعسكر! والا ماهو الوطن ان لم يكن نحن جميعا بكل شرائحنا وفئاتنا؟! ينبغي الان وليس غدا علي الاحزاب السياسية العمل بجدية من اجل تنفيس احتقان الشارع تماما مثلما يجب علي المنظومة الامنية عدم استعمال العنف المفرط واراقة مزيد من الدماء ومحاسبة المخالفين من منسوبيها لكل من ثبتت عليه تهمة وتقديمه للمحاكمات العادلة وتحقيق العدالة للضحايا واسر الشهداء وتهيئة البلاد لمصالحة شاملة! وليعلم الجميع ان التحدي مابين الشارع والعسكر لايقود الا الي تدمير البلاد وانزلاقها الي مزيد من العنف وربما تسليح الثورة بحيث لن يصمت الناس اكثر وهم يرون القتل يوميا لابنائهم! ولن تعدم جهة خارجية لدعم ذلك فكل احداث البلاد وعبر التاريخ تؤكد علي حضور الطرف الثالث الذي يبدي استعداده الدائم من اجل تصعيد الاوضاع بالبلاد!
الموضوعية والعقلانية تقول لابد من وضع حد لهذه المحرقة التي نتيجتها الحتمية ضياع الوطن وتلاشيه وتفتيته! لابد للعقلاء من تدارك هذا النزاع الدامي وايجاد مخرج لتجاوز هذا الوضع المأزوم؛ فقد وصلت الاوضاع حدا لايمكن للبلاد الاستمرار فيها طويلا بحسب منطق الأشياء! سوف تتوقف الحياة لامحالة ولن تمضي بهذه الصورة وهذا النهج الي ابعد مما وصلت اليه فهل انتم منتبهون؟!