نووي إيران ووكلائها.. ثُنائي الخطر الذي يتم تجزأته على طاولة مفاوضات فيينا
بقلم:صلاح الاغبر
لا تكادُ إيران تصدق أنها استطاعت إقناع القوى الغربية على تجاوز ملفي الصواريخ الباليستية والأنشطة الإقليمية المزعزعة من على طاولة مباحثات احياء الاتفاق النووي في فيينا، وإفراغ الطاولة لملف الاتفاق النووي فقط. ومهما كان التقدم الذي أحرز في هذا الملف إلا أنه يقوم على حساب ملفات أخرى تديرها طهران، وهي لا تقل من حيث خطورتها على الملف النووي.
وتدعم طهران بالمال والسلاح فصائل وجماعات وتيارات دينية تدين بالولاء المذهبي والعقائدي لها، وتنتشر هذه الجماعات في كل من اليمن ولبنان والعراق، ولطالما استخدمت إيران هؤلاء الوكلاء في تقويض الأمن في المنطقة وتنفيذ الهجمات الإرهابية كما هو الحال مع جماعة الحوثي في اليمن، التي تعد من أكثر الجماعات التي تدعمها إيران عدوانية.
ويرى مصدر يمني واسع الإطلاع، أن إبرام اتفاق نووي مع إيران بهذه الصيغة التي تصر عليها طهران ويتماهى معها الغرب “يعني تقوية شوكة الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، خاصة جماعة الحوثي”. وبيّن المصدر أن القوى الغربية لا تدرك مستوى الخطر الذي يتربص بالمنطقة العربية والإقليم وتتجاهل مخاوف حلفائها من تزايد الهجمات العدوانية لهذه الجماعات بالذات جماعة الحوثي التي طوّرت من هجماتها العابرة للحدود باستخدام أسلحة إيرانية، بما فيها الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة.
ويعتمد التنظيم الحوثي بشكل كامل على الدعم الإيراني بالسلاح والمال ، وهم أقلية يمنية تأسست جذورها في محافظة صعدة أقصى شمال البلاد، ونفذوا انقلابا عسكريا على السلطة عام 2014، حيث سيطروا على مناطق شاسعة من اليمن بما فيها العاصمة صنعاء قبل أن يتدخل تحالف عسكري تقوده السعودية لمواجهتهم في مارس 2015 بطلب من الحكومة اليمنية.
وللحوثيين سجلٌ ملئٌ بالفظائع، وهم مسؤولون عن قتل آلاف المدنيين بمن فيهم نساء وأطفال، ونهب المساعدات الإنسانية المقدمة لليمنيبن والتسبب في إحداث أسوأ أزمة إنسانية في العالم وتحويل اليمن إلى أكبر بلدٍ موبوء بالألغام في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وأضاف المصدر أن الحوثيين سيذهبون نحو تصعيد واسع النطاق لهجماتهم “قد نشهد هجمات أكثر دموية ضد اليمنيين وأنشطة مقلقة تهدد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب على البحر الأحمر، وكذلك توجيه مزيد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة نحو دول الجوار عندما يحصلون على مزيد من الدعم المالي والعسكري من إيران بعد توقيع الاتفاق النووي معها”.
إيران تصر على أنها لن توقع الاتفاق النووي الا بضامنة رفع العقوبات عنها. وعندما انسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من اتفاق 2015 النووي مع ايران في العام 2018، منيت إيران بخسائر اقتصادية كبيرة بسبب العقوبات التي فرضت عليها؛ لكنها مع ذلك لم تفرط بالجماعات التابعة لها، وظلت تمد الحوثيين بكل ما أمكن من دعم عبر مرافئ الحديدة التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين”.
رفع العقوبات سيعيد الحياة إلى الاقتصاد الإيراني مجددًا عند الإفراج عن أموالها المجمدة والسماح لها بتصدير النفط. ما يعني مخاوف جدية وحتمية مفادها ان تمكنها من ضخ الدعم المالي لوكلائها في اليمن والمنطقة بشكل اكبر بكثير ، وعندها سيجد المجتمع الدولي أنه وقع اتفاقًا هشًا مع إيران حينما يصبح الحوثيون تهديدًا على الأمن الدولي برمته”.
وبصرف النظر عما يرى الغرب أنه يصب في مصلحته، يصر حلفاء الولايات المتحدة الخليجيون على أن تكون هذه المفاوضات “مجرد البداية، وليس نهاية المطاف” كما قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان. ودول الخليج هي المتضرر الأكبر من تنامي قدرات الحوثيين الذين سبق وأن نفذوا هجمات ضد منشآت مدنية في السعودية والإمارات أدانها مجلس الأمن والمجتمع الدولي واعتبرتها الجامعة العربية “هجمات إرهابية”.